خلفت التعيينات الأخيرة في قطاع الاعلام العمومي ردود أفعال كبيرة من قبل الصحفيين الذين قاموا أمس بوقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة بالقصبة و في عدة مناطق بالجمهورية للتنديد بسياسة التعيينات المباشرة دون استشارة الهيئات المنظمة للمهنة الإعلامية ونعني الهيئة العليا المستقلة لإصلاح الإعلام والنقابة الوطنية للصحفيين باعتبارها الهيئة الأكثر تمثيلية للصحفيين قبل إحداث هيئة خاصة بالاعلام السمعي البصري حسب ما نص عليه المرسوم الجديد للصحافة التي ستتكفل هي مستقبلا بابداء الرأي في ما يتعلق بتعيين المديرين العامين للمؤسسات الإعلامية العمومية للاتصال السمعي البصري. لكن اللافت للنظر أن هذه التعيينات أفرزت تباينا واضحا في موقف الحكومة من ناحية اولى و مواقف أحزاب الترويكا من ناحية ثانية فرئاسة الحكومة اعتبرت أن هذه التعيينات أتت مستعجلة تحسبا لحدوث شغور في هذه المناصب الا انها على إثر وقفة الصحفيين الحازمة تراجعت عن التعيينات الأخيرة المتعلقة برؤساء التحرير ومدير الأخبار بالقناة الوطنية بعد اجتماع بين رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين نجيبة الحمروني بعبد الرزاق الكيلاني الوزير المكلف بالاتصال مع المجلس الوطني التأسيسي ورضا الكزدغلي المكلف بالإعلام والاتصال بالوزارة الأولى . كما أظهرت التعيينات بإعتبارها مسالة جوهرية وأساسية في الوقت الحالي لضمان أن يكون الإعلام سلطة مستقلة تمارس مهامها بحرفية بعيدا عن الحكومة ، اختلافا جليا في مواقف أحزاب "الترويكا" الأمر الذي يدعو إلى التساؤل هل هي بداية الإنشقاق ؟ أم أن حركة النهضة بإعتبارها الحاصلة على أكثرية المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي تمارس الحكم بمفردها دون إستشارة حليفيها حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات ؟ فالحزب الأول ونعني المؤتمر رأى أن الأسماء التي تم تعيينها على رأس المؤسسات الإعلامية أسماء ضالعة في التعتيم والدعاية الإعلامية للإستبداد والفساد في العهد البائد و دعا الحكومة إلى إعادة النظر في التعيينات الأخيرة . و من جهته فان حزب التكتل من أجل العمل والحريات إستنكر التصرف الأحادي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي لم يقم بإستشارة الهيئات المعنية بالإعلام داعيا إياه إلى مراجعة قرار التعيينات وإعتماد مبدا التشريك في ذلك. أما حركة النهضة فقد أصدرت بلاغا على الشبكة الإجتماعية "الفايس بوك" سعت فيه الى تبرير القرارات المتخذة من قبل حكومة حمادي الجبالي . هذه التعيينات التي أفرزت تباينا جليا في مواقف الأحزاب الثلاثة المكونة للترويكا ما بين رضا حركة النهضة عنها من جهة ودعوة حزب "المؤتمر" و"التكتل" إلى مراجعتها من جهة اخرى قد يؤشر الى أن حركة النهضة هي التي تمارس الحكم فعليا دون إستشارة شريكيها في الترويكا .