على غرار ما شهدت الندوات العلمية والمسرحيات والعروض الفرجوية والسهرات الفنية من أنشطة متعددة احتفاء بالذكرى الأولى لثورة 14جانفي، ساهم الفن التشكيلي بدوره في الفعل الثقافي ولم يتخلف المبدعون التشكيليون التونسيون في خوض نضالهم فضلا عن تأكيد الهوية والتحريض على النضال من خلال أعمال فنية مليئة بالدلالات والرموز العميقة تعكس وعيا سياسيا وثقافة إبداعية واسعة. وهاهو فضاء صلاح الدين بسيدي بوسعيد كعادته يسجل حضوره في الساحة الثقافية ليحتفي بالذكرى الأولى للثورة تحت عنوان-أحلام وتفاؤل- بتشريك تسعة تشكيليين تونسيين مساء الجمعة الماضي، كل فنان منهم قدم رؤاه من زاوية ورؤية خاصة ليطلقوا لألوانهم العنان لصرخة لوحة تجسد معاني ثورية مختلفة. أما الفنانون المشاركون فهم فاضل غديرة ورفيقة ظريف وعلياء كاتب وقمر بن عبد الله ولمياء قمارى وآمال زريم وآسيا قويرة وآسيا إبراهيم ومليكة غزي. العديد من اللوحات الفنية إذن كانت حاضرة بالفضاء ليجمع كل مبدع العناصر والأدوات التي يعبر بها عن فكرة وعن رسائله الموجهة في إطار جمالي عاكسة لمشاعره الإنسانية وردود الفعل الناتجة عن باطن تفكيره.
مدارس مختلفة
وبما أن مضمون العرض كان محوره الاحتفال بمناسبة تاريخية، اختلفت الرؤى والأساليب التعبيرية وكان من الواضح انتماء الرسامين لمدارس فنية مختلفة مما أضفى على فضاء صلاح الدين طابعا متميزا، تحت وقع كل من المدرسة الواقعية والمدرسة الانطباعية والمدرسة السريالية والمدرسة التجريدية. فالبعض كان ينقل كل ما في الواقع الى عمل فني ويبرز حكمة الصبر والصمود التي يتميز بها الشعب التونسي، في كثير من الافتخار والاعتزاز، والبعض الآخر راوح بين العلاقة المباشرة مع إحساسه بالمشهد وعلاقة العقل والخيال والوعي واللاوعي بأهم المستجدات على الساحة النضالية إثر وعقب ثورة14جانفي. هذا بالاضافة الى بعض المحاولات التي أعادت صياغة كل ماهو محيط بنا برؤية فنية جديدة فيها يتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال.