"لقد أعلمنا رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي بوجود خطة لتوسيع الحوار السياسي مع مختلف الاحزاب ومكونات المجتمع المدني".. هذا الخبر المهم جدا اعلن عنه الدكتور ابو يعرب المرزوقي الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة خلال حوار مفتوح انتظم مساء اول امس بينه وبين الاعلامي والكاتب الكبير الهاشمي الطرودي والمفكر والناشط الحقوقي محمد القوماني في ندوة نظمها نادي الصحافة التابع لمنتدى ابن رشد للدراسات المغاربية.. وقد اكدت مصادر مطلعة ل"الصباح" انه بعد المفاوضات بين اعضاء في الحكومة وممثلي النقابات وبعض المعتصمين فان لقاءات ستجمع قريبا شخصيات سياسية وطنية وزعامات حزبية مختلفة برئيس الحكومة ومستشاريه.. متابعة للتصريح الصحفي الذي ادلى به السيد حمادي الجبالي الى القنوات التلفزية واكد فيه على خيار المفاوضات الاجتماعية والحوار السياسي بعيدا عن التحركات العشوائية التي اورد ان "الحكومة لن تقف طويلا مكتوفة الايدي امامها" واخرى تعهد فيها الجبالي ووزير الداخلية العريض بالمضي في مسار واضح لحفظ الامن وتطبيق القانون..
الحوار مع المعارضين وليس مع الانصار
ومن خلال تصريحات حمة الهمامي واحمد نجيب الشابي ومية الجريبي وياسين ابراهيم واحمد ابراهيم وزعامات المعارضة " البرلمانية " والمعارضة غير الممثلة في المجلس التاسيسي يتضح ان توسيع الحوار السياسي بات ضرويا.. بل متاكدا لان البلاد في حاجة فعلية اليه.. وفي حاجة الى ان يشمل كل الاطراف والتيارات والمستقلين.. وان لا يقتصر على" احزاب الترويكا" التي فازت بالاغلبية النسبية في انتخابات 23 اكتوبر الماضي.. لان الحوار يكون مع المعارضين وليس مع"الانصار" فقط..
" البديل" عن النهضة والمؤتمر والتكتل؟
وقد كشف الدكتور عبد الوهاب حفيظ وزملاؤه في "منتدى العلوم الاجتماعية" بعد" استطلاعات الراي" التي اجروها في جانفي الجاري ان "غالبية الناخبين الذين صوتوا لقائمات النهضة والمؤتمر والتكتل والعريضة الشعبية" لا يزالون منحازين لنفس الاحزاب والقائمات.. وبالرغم عن وجود" نوايا تغيير جزئية " في التصويت يتضح انه " لا وجود لبديل جاهز" عن الترويكا الحالية التي يعمل البعض على الاطاحة بها" قبل ان تباشر مهامها وقبل ان تمكن على الاقل من فرصة العمل خلال 100 يوم دون قلاقل واضطرابات" على حد تعبير الدكتور ابو يعرب المرزوقي.. لكن" غياب البديل السياسي عن احزاب النهضة والمؤتمر والتكتل وحلفائها في الترويكا" لا يعني استحالة بروزه في نظر الجامعي والخبير السياسي الصادق بلعيد وياسين ابراهيم زعيم حركة افاق واحمد نجيب الشابي مؤسس الديمقراطي التقدمي وفتحي التوزري مؤسس حزب التقدم الذين قرروا مؤخرا الاندماج في حزب واحد.. يتوقعون ان يكون" منافسا قويا للنهضة"..؟ في الاثناء يحاول البعض تشكيل حزب قوي يتزعمه السيد الباجي قائد السبسي الوزير الاول السابق يكون" وسطيا ليبيراليا ويجمع الدستوريين الذين لم يتورطوا في الفساد والاستبداد"..
الحوار مع المستقلين
في نفس الوقت يعتقد السيد محمد القوماني الامين العام لحزب الاصلاح والتنمية ان الحوار ينبغي ان يشمل المستقلين وقيادات الاحزاب الصغيرة والناشئة التي يمكن ان تشكل بدورها قوة سياسية"منافسة للمعارضة اليسارية التي كشفت الانتخابات محدودية شعبيتها وعن النهضة والدستوريين..." ويعتقد بعض خبراء الحياة السياسية من بين المستقلين مثل الدكتور رضوان المصمودي او السيدين صلاج الدين الجورشي ومحسن مرزوق ان البلاد في حاجة ايضا الى الحوار مع المستقلين وممثلي مئات الجمعيات والقائمات المستقلة التي شاركت في الانتخابات ولم تفز بمقاعد لكنها حصلت على حوالي مليون ونصف من الاصوات.. التي"تبخرت" بسبب نظام الاقتراع المعتمد.. والحصار الاعلامي الذي ضرب عليها خلال الحملة الانتخابية.. الى جانب تشرذمها..
وقف اعمال العنف والتخريب
في الاثناء عبرت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل ورئاسة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعدة منظمات حقوقية ونقابية ان"تونس في حاجة الى الحوار الذي لا يستثني احدا.. حتى تساهم كل الشخصيات والقوى المخلصة بجهد عملي وملموس يوقف اعمال الحرق والتخريب للمؤسسات الخاصة والعمومية.. ويضع حدا لكل مظاهر الفلتان الامني والاعلامي والاضطرابات العنيفة التي تحرك بعضها "مافيات " و" جهات مشبوهة " يبدوأن من بين أهدافها جر البلاد الى مزيد من العنف " على الطريقة الصومالية " ووالى " حريق كبير".. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في حديثه ل"الصباح" اول امس الجمعة حذر من محاولات البعض ركوب الاحتجاجات الاجتماعية السلمية ل"محاولة صوملة تونس".. كما نبه من مخاطر العنف والفوضى رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي ووزير الداخلية السيد علي العريض في تصريحات اذاعية.. في نفس الوقت اعلنت زعامات من المعارضة ومن قيادة اتحاد عن تباينها مع مواقف "السياسيين والحقوقيين" التونسيين الذين اصبحوا يدعمون اليمين المتطرف الفرنسي ويقترحون على عواصم اوروبية للتدخل في الشان التونسي..؟؟
الوفاق السياسي والمصالحة الوطنية
لقد اثبتت تجارب الاسابيع القليلة الماضية ان" الاغلبية السياسية المؤقتة" التي افرزتها الانتخابات وفرضتها عوامل ظرفية لا يمكنها وحدها تسيير شؤون البلاد.. لان شرعيتها السياسية الانتخابية " مؤقتة " و" مفاجئة " و" جديدة " وتحتاج الى وفاق سياسي يشمل كل التيارات السياسية والفكرية والمستقلين والنقابيين ونشطاء المجتمع المدني وان كان وزنهم ضعيفا حاليا.. لكن هذا الحوار لا يمكن ان ينجح الا اذا احترم الجميع قداسة اولوية حفظ الامن ورفض الفوضى.. ويبدو ان ذلك لن يتحقق الا اذا توفرت عدة شروط من بينها المضي بنسق سريع في مسار الانصاف والمصالحة.. مسار تكريس ما تعهدت به قيادات احزاب النهضة والمؤتمر والتكتل قبل الانتخابات من البدء فورا في انصاف المظلومين في العهد السابق ..ضمن مسار يهدف الى تحقيق المصالحة الوطنية التي تعيد الثقة الى عشرات الالاف من رجال الاعمال والموظفين واعوان الامن واطارات الدولة.. عسى ان يكرس قريبا الشعار الذي رفعته احزاب الترويكا قبل الانتخابات بان: تونس في حاجة لكل ابنائها بعيدا عن منطق التشفي وتصفية الحسابات"لان الشعب ثارعلى مظاهرالظلم والفساد في العهد السابق وليس على الدولة التي انجزت الكثير لشعب تونس خلال ال60 عاما الماضية" مثلما جاء على لسان السادة راشد الغنوشي وحمادي الجبالي وعلي العريض والمنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر يوم 22 نوفمبر فورتوقيع الاتفاقية الثلاثية بين الترويكا في فندق الماجتستيك..