افتتح صباح أمس بالضاحية الشمالية للعاصمة المنتدى الخامس للصّحافة الحرّة الذي ينظمه الإتحاد العالمي للصحف وناشرو الأخبار ( وان إفرا ) بالتعاون مع العديد من الشركاء من مختلف الدول المنخرطة منها بالخصوص في الشبكة الدولية لتبادل المعلومات. ومن المنتظر أن تتواصل أشغال المنتدى كامل نهار اليوم الثلاثاء مع العلم وأن برنامج التظاهرة المكثف ضم إضافة إلى المداخلات والنقاشات عددا هاما من الأنشطة الثقافية من بينها بالخصوص تقديم أفلام وثائقية وزيارة المعرض العالمي للصور الصحفيّة الذي ينتظم في دورته الجديدة برواق الشريف بسيدي بوسعيد. وقد حضر عدد هامّ من الإعلامييّن خاصة من النشطاء من أجل حرية الصحافة من تونس ومن البلدان العربيّة ومن العالم الجلسة الإفتتاحية التي كان من المتوقّع أن تحضرها السيّدة توكّل كارمن الصحفية اليمنيّة والحائزة على جائزة نوبل للسلام ( 2011) غير أنه تبين (قبل بداية الجلسة) خاصة لمن جاء خصيصا للاستماع للمرأة التي تعتبر من بين أشهر نساء العالم أن مداخلتها ستكون عبر الهاتف.
رسالة اليمنية صاحبة نوبل للسلام
ورغم أن ظروف الاستماع للمكالمة لم تكن طيبة في البداية فإن رسالة المناضلة الشهيرة من أجل صحافة بلا قيود كانت واضحة. المرأة تؤيّد بقوة كل النضالات التي يخوضها أهل المهنة من أجل ممارسة عملهم في ظروف طيبة وكل من يؤمن بحق المواطن في المعلومة وفي إعلام حديث ومتطور. ولا يخفى على المهتمين جرأة الصحفية العربية اليمنيّة وإيمانها الشديد بحرية التعبير ونضالها بكل ضراوة من أجل هذا الحق ومن أجل رفع القيود على الإعلاميين الأمر الذي أهلها للفوز بجائزة في حجم جائزة نوبل للسلام. ولئن يعتبر المنتدى العربي للصحافة الحرة من بين المبادرات المهمة التي تسعى للفت النظر لضرورة مواصلة النضال من أجل صحافة حرة حتى في البلدان التي تمكنت من قلع الديكتاتورية على غرار ما حدث في بلادنا بفضل الثورة الشعبية فإن تنظيم المنتدى بتونس يعتبر حدثا في حد ذاته. فللمرة الأولى تحتضن بلادنا المنتدى الذي ينتقل هذا العام من العاصمة بيروت إلى العاصمة تونس. ولئن يعتبر كذلك تنظيم المنتدى في تونس تكريما لهذا البلد الذي انطلقت منه الشرارة الأولى للثورات لتنتقل فيما بعد إلى عدد من البلدان العربية فإنّه بالخصوص مناسبة لطرح عدد من الإشكاليات التي تواجه الإعلام وحرية التعبير في البلدان التي تعيش تجربة ديمقراطية حديثة وتواجه عملية الإنتقال الديمقراطي بها عدة صعوبات. حريّة التعبير وحرية الصحافة في تونس ليست من البديهيات اليوم حتى وإن بدا للوهلة الأولى أن الإعلام تحرر إثر سقوط الديكتاتورية. يكفي أن نلاحظ الجدل اليوم وفي أعلى المستويات حول حرية الصحافة والإعلام ويكفي أن نلاحظ محاولات تكميم الأفواه وقمع الأصوات المخالفة للرأي حتى ندرك أنّه أمامنا عمل كبير حتّى نرسي تقاليد في حريّة التعبير وحتى تصبح حرية التعبير جزءا من ثقافتنا وتأخذ طريقها إلى العقليات. حضور كبير للإعلاميين والناشطين من أجل حرية التعبير من بلدان عربية وأجنبية عدة وجوه إعلامية من تونس ومن المغرب ومن اليمن والعراق وغيرها من البلدان العربية إضافة إلى وجوه دولية معروفة بنضالها من أجل صحافة حرة ومستقلة كانت حاضرة بالمناسبة. وكان المنتدى الخامس للصحافة الحرة قد انطلق منذ مساء أول أمس الأحد بعرض لفيلم وثائقي شفع بنقاش. برنامج الأمس كان قد افتتح بعرض فيلم قصير حول حرية الصحافة ثم تلا ذلك تقديم كلمة للصحفي المغربي أبو بكر جماعي الذي اعتبر أن حرية الصحافة تقهقرت كثيرا في بلاده ثم انعقدت الجلسة الأولى التي طرحت إشكالية وسائل الإعلام والثورات : هل هي علاقة مساعدة أم عرقلة. وقد شارك في النقاش كل من محمد الدهشان والفاهم بوكدوس وروحان جايسكيرا ورغيد درغام. الجلسة الثانية ناقشت السبل الكفيلة بدعم تطور وسائل الإعلام العربية في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية وقد ساهم فيها بالنقاش كل من غي برجي وحافظ البوخاري وتاتيانا ريبكوفوا ومنصور الجمري أما الجلسة الثالثة فبحثت في كيفيّة استعادة وسائل الإعلام ثقة الجمهور بها كمصدر للأخبار جدير بالتصديق وقد دعي لمناقشة الموضوع كل من كمال العبيدي وآنيت نوفاك وحسام الدين محمد. وتتواصل الأشغال كامل اليوم حيث نجد في البرنامج أربع جلسات تبحث الأولى في قضايا تهم بالخصوص علاقة العالم العربي بالحق في حرية التعبير والثانية في دور وسائل الإعلام الاجتماعية مقارنة بما تقوم به الوسائل التقليدية من أدوار أما الثالثة فتهتم بتغيير الأولويات بالنسبة للمؤسسات الإعلامية العربية. الجلسة الرابعة والأخيرة ستكون مفتوحة للجمهور حيث يقود المشرفون على الجلسات الحوار بين المتحدثين والجمهور. المحاور المطروحة للنقاش بهذه المناسبة تتمثل بالخصوص في طبيعة وسائل الإعلام خلال الثورة إلى جانب الدور الموكول للصحافة العربية المستقلة اليوم.