لم تخرج نتائج الانتخابات الكويتية عن كل التوقعات التي ذهبت اليها مختلف استطلاعات الرأي التي سبقت السباق الانتخابي, بل أن ما تناقله المراقبون الاجانب الذين واكبوا ولاول مرة سير الانتخابات من حماس واقبال على صناديق الاقتراع في مكاتب الاقتراع النسائية لم ترافقه نتائج تذكر. وعلى العكس من ذلك فان النائبات الاربع اللائي كان لهن حضور في مجلس الامة الكويتي قد فقدن مقاعدهن لصالح المترشحين الذكور الذين سيطروا على 34 مقعدا. وبذلك فان المجلس الجديد لن يكون خاليا من أي مشاركة نسائية فحسب ولكنه سيكون خاضعا لسيطرة الاسلاميين الذين اكتسحوا مقاعده. والواقع أن الخسارة لم تتوقف عند حدود النساء ولكنها شملت الليبيراليين الذين كان حصادهم هزيلا في الانتخابات حيث فقدوا ثلاثة من أصل خمسة مقاعد في المجلس السابق. والواقع أن الانتخابات الكويتية حملت في طياتها أكثر من اشارة بعد أن كانت قد سجلت استقالة سبع حكومات خلال السنوات الاربع الماضية التي شهدت أزمات سياسية متتالية دفعت المعارضة الى رفع سقف مطالبها والدعوة خلال الحملة الانتخابية الى ارساء نظام متعدد الاحزاب وحكومة منتخبة وصولا الى ارساء ملكية دستورية والحد من نفوذ العائلة المالكة. على أنه قد يكون من المهم الاشارة الى نقطة أساسية في الانتخابات التي شارك فيها نحو أربعمائة ألف ناخب، أكثر من نصفهم من النساء وهو ما يدعو الى اثارة أكثرمن نقطة استفهام خاصة وأن نسبة المشاركة في الانتخابات تجاوزت حسب ما أعلن بالامس نسبة الستين في المائة.. ولا شك أن انتخابات المجلس الكويتي الجديد من شأنها أن تدفع للتساؤل بشأن حظوظ المرأة في برلمانات دول الربيع العربي, والحقيقة أن المؤشرات الاولية لا تدفع للتفاؤل فاذا كانت النساء في تونس قد حققن 27 في المائة في المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتولى وضع الدستور الجديد واقتصر دور المرأة على منصبين وزاريين في الحكومة الراهنة وكاتبة دولة فان المشهد في مصر أسوأ في ظل هيمنة الاخوان والسلفيين. وفي انتظار ما يمكن أن تفرزه الانتخابات المرتقبة في ليبيا فان الامر لا يبدو أنه يدفع للارتياح بعد اعلان المجلس الانتقالي الليبي مسودة قانون الانتخابات الذي منح المرأة الليبية عشرة بالمائة في الهيئة التشريعية التي ستتولى وضع الدستور الجديد. واذا كان المنطق يفترض في أعقاب الربيع العربي أن تكون مشاركة المرأة السياسية في حل من كل التدخلات وبمنأى من كل أنواع الوصايا فتفرض ذاتها بذاتها دون حاجة لنظام الحصص الذي ينتقص من قيمة المرأة و قدراتها فان الواقع للاسف يفرض منح المرأة نسبة من المقاعد النيابية حتى لا يقع اقصاؤها واستثناؤها من المشهد ليعود الى ما كان عليه قبل أن تثمر جهود المرأة وتدفع بها الى البرلمان. قد لا يختلف اثنان ان المرأة في مختلف دول الربيع العربي من مهده الاول تونس لم تتخلف عن كل التحركات الشعبية والتظاهرات التي أججت تسونامي الثورات العربية ولم تتخلف عن مسؤولياتها وهي ألتي قدمت أعز ما تمتلكه الأم فداء للثورة فكانت أم الشهيد أوأخته أو ابنته.. سيكون من المضحكات المبكيات أن تخرج المرأة من الربيع العربي بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها بعد كل الذي قدمته, وأن تكون ثمار الثورة التي قدمت من أجلها الغالي والنفيس اعادة انتاج للانظمة القبلية وترسيخا للتشريعات والقوانين الرجعية التي كنا نعتقد أنها اندثرت بل وأن تكون إحياء لمفاهيم الزواج العرفي أو تعدد الازواج وغير ذلك من الاحكام التي لم يكن لها في جيل أمهاتنا موقع، ناهيك عن الجيل الذي ننتمي له.. آسيا العتروس