تدني الشهادات جعل الجامعات التونسية خارج التصنيف العلمي العالمي كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور منصف بن سالم عن ملامح ما أسماه مخططات تخريبية تستهدف زعزعة أمن البلاد وضرب مقومات الاستقرار وتعطيل المسار الانتقالي وإجهاض الثورة التونسية، وذلك بعد الكشف عن شبكات تسلح وإمدادات لمجموعات إرهابية يقوم البوليس الدولي «الانتربول» بملاحقتها والتحقيق في ملابساتها وأطرافها. ولم يستبعد الوزير في نفس السياق ارتباط بعض الاعتصامات غير القانونية والفوضوية بجهات أجنبية ممولة لتلك التحركات بغاية بث البلبلة وتعطيل مسار التنمية والتدفق الاستثماري نحو تونس ويجري التحري فيها وسوف يكشف عن التفاصيل في إبانها من الجهات المخولة. الوزير الذي كان يتحدث إلى نخبة من رجال المال والأعمال والجامعيين خلال لقاء جمعه بهم عشية الجمعة الماضي بمقر ولاية صفاقس أكد أنه رغم أن الملف الأمني ليس من صلاحياته فإن العملية الإرهابية التي وقعت ببئر علي من ولاية صفاقس تؤكد المنحى الإجرامي لما حصل وما كان ممكن الحصول لا قدر الله. وفي سياق متصل أكد الوزير تراجع عدد الاعتصامات التي وصفها بغير القانونية بنسبة 80% بفضل الحوار والتفاوض الذي قدم مصلحة الوطن والثورة من قبل مختلف الأطراف المسؤولة على كل الاعتبارات الأخرى، خاصة بعد أن نالت حكومة الجبالي تفويضا صريحا من المجلس التأسيسي من أجل تفعيل القانون في معالجة الاعتصامات المشبوهة.
بن سالم والإعلام مجددا
وفي تواصل لما يمكن تسميته «بمسلسل بن سالم والسلطة الرابعة» بعد تصريحاته حول «إمارة سجنان» تعقيبا على ما ذكرته احدى الصحف اليومية لم يستبعد الوزير وجود ما أسماه نوايا التضليل الإعلامي والتهويل في نقل الأحداث والوقائع ممن نعتهم «بمحترفي صحافة الفتنة» أو ما اعتبره «صحافة استفزازية مبيتة المقاصد ومفضوحة الأهداف مجددا تكذيبه لرواية أحداث «إمارة سجنان» المثيرة للجدل الإعلامي كما ساقته بعض وسائل الإعلام وايضا ما روي عن أحداث كلية منوبة حسب تصريح الدكتور بن سالم. وفي المقابل أكد الوزير احترامه الشخصي لمهنة الصحافة و لرسالة الإعلام النزيه والموضوعي المحتكم لضوبط أخلاق العمل الإعلامي وميثاق شرف المهنة الصحفية الذي اعتبره عماد الديمقراطية الناشئة في بلادنا وأن دولة بلا إعلام نزيه بناء لا يمكن إلا أن ترتد إلى الديكتاتورية.
هواجس النخبة
اللقاء كان مناسبة لرجال المال والأعمال والجامعيين الحاضرين لعرض رؤاهم لمستقبل الجهة وانتظارات مواطنيها من قبل حكومات ما بعد الثورة وتطلعاتهم لتجاوز حالة الركود والاستثناء التنموي الذي عانته الجهة من السياسات الظالمة السابقة. أحد رجال الأعمال أكد أنه لا جدوى من الدعاية للاستثمار الأجنبي أو الوطني إذا لم تتوافر آليات تفعيل القانون وتقديم ضمانات الاستقرار وتحقيق مناخ الاستثمار لأن كل محاولات الإقلاع الاقتصادي ستبوء بالفشل الذريع والإجهاض الموضوعي أو المفتعل.
اما الجامعي ناظم البردعة فقد دعا الوزير إلى ضرورة المراجعة الشاملة للمنظومة التعليمية التونسية وبخاصة منظومة «إمد» وتجاوز نقائصها لا سيما وأنها باتت عالمية تنتهجها أكثر من 150 دولة ، مؤكدا ضرورة التخلص من الارتهان إلى النموذج الفرنسي الذي تحاكيه جامعاتنا والذي جعل الجامعات التونسية خارج التصنيف العلمي العالمي المعروف ب(شنغاي 500 ) وأنحى باللائمة في تدني المردودية والجدوى للشهادات التونسية إلى ما وصفه بكارثة التوجيه الجامعي التي باتت مراجعتها ملحة ومتأكدة نظرا لانتقائيتها وأبعادها الإقصائية الفاسدة حسب نعته ، ودعا المتدخل إلى النسج على المنوال التعليمي الاسكندينافي الذي يأخذ في الاعتبار وحدة المنظومة المعرفية بإدماج فواعل التربية والتعليم والجامعة والبحث العلمي والتكوين والتشغيل صلب مؤسسة وزارية واحدة تأخذ في عين الاعتبار المنحى التكاملي لبناء شخصية الغد الفاعلة. نائب رئيس كونفدرالية المؤسسات بالجهة المصدر جعفر العيادي دعا الحكومة الحالية إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها كاملة إزاء ما يحدث من إضرابات واعتصامات قانونية وغير قانونية إذ أن أغلبها لا تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن ولا المقاصد النبيلة للثورة وشهدائها ، ومستحثا إياها إلى فتح حوار فوري وجاد ومباشر مع كافة الأطراف النقابية والاجتماعية والوطنية المسؤولة حماية للاقتصاد الوطني من مغبة الانهيار عارضا في هذا السياق ما أسماه بأزمة الزيت و الزيتون التي تعانيها كافة الأطراف المعنية بالموسم الإنتاجي المهددة بالإفلاس من فلاحين واصحاب معاصر زيتون ومصدرين مع تفعيل دور ديوان الزيت لإنقاذ قطاع حيوي استراتيجي يشغل حوالي مليون من اليد العاملة المرتبطة بالقطاع خاصة وأن معاصر صفاقس تحول حوالي 80% من الإنتاج الوطني من زيت الزيتون وتصدر 70% منه. مهيبا بسلطة الإشراف لاتخاذ اجراءات إسعافية مستعجلة وناجعة لإنقاذ الموسم بعد شهر من انطلاقه مستطلعا رؤية استراتيجية شاملة تتجاوز بيروقراطية اللجان الوزارية المنفردة بالرأي. والي صفاقس ساند مطالب أبناء الجهة مستعرضا أدواء الجهة التي عانت على غرار بقية ولايات البلاد من فساد خيارات التفقير والتخويف ولكن مطالب صفاقس تبقى هامة نظرا لارتباطها الاقتصادي التكاملي بالجنوب التونسي وبالولايات المتاخمة على غرار سيدي بوزيد وقفصة مرجعا التراجع التنموي لهاتين الجهتين إلى انهاك صفاقس وشل دورها التكاملي معهما كاشفا عن افتقار 17 ألف عائلة إلى الماء الصالح للشراب ، وأن 80% من طرقات صفاقس غير معبدة كما أن نسبة الارتباط بشبكة التطهير بصفاقس هي دون المعدلات الوطنية وكذلك نسب التزويد بالغاز الطبيعي المنزلي التي لا تمثل سوى نسبة 6% من المعدل الوطني رغم أن صفاقس هي المنتج الأول لهذا المنتوج الطاقي هذا فضلا عن أن حجم الاستثمار بصفاقس لا يتعدى 1.4 من حجم الاستثمارات الوطنية كما تعرضت المداخلات إلى أزمات قطاعية وإنتاجية مهمة أخرى كالصيد البحري وتصدير منتجاته وقطاع الخشب وغيرها.
حكومة التأسيس للإصلاح
الوزير منصف بن سالم وفي معرض ردوده على مختلف المداخلات أكد وجود أزمات وإخلالات تنموية جمة من الإرث الديكتاتوري وأن دور الحكومة الحالية هو استكشاف الحلول الممكنة وتقديم الوصفات العلاجية الاستعجالية لوضع المسار الوطني على سكة الإصلاح كاشفا عن خيارات وطنية تعيد إلى الجهات اعتبارها في المردود التنموي في إطار ما يعرف بالتنمية الأفقية التكاملية بين الجهات مع تثمين الخصائص التنموية المميزة لكل جهة عارضا نموذج ولاية الثورة سيدي بوزيد التي سوف تتحول بحق إلى مطمور تونس ومستقبل الفلاحة التونسية بفضل خصائصها الطبيعية المميزة من خصوبة التربة وعذوبه المياه واعتدال المناخ ويبقى المحرك الأساسي هو سواعد أبناء كل جهة في النهوض بجهاتهم.