نفى كل من حسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل ووداد بوشماوي رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن يكون لقائهما واتفاقهما على تشكيل لجنة مشتركة موجها ضد أي طرف سواء في السلطة أو خارجها.. وأعلنا في ختام لقاء نادر جمع بينهما يوم أمس بمقر اتحاد الأعراف عن تشكيل لجنة عليا مشتركة تتكون من ستة أعضاء (ثلاثة أعضاء عن كل طرف) على أن تتفرع لاحقا عنها لجان مختصة قطاعية.. لكنهما أشارا إلى أن لقائهما يندرج في إطار مبادرة شراكة بين الجانبين ولا يمكن أن تكون تحالفا استراتيجيا موجها ضد أطراف أخرى.. بل الهدف منه هو دفع الحوار الاجتماعي داخل المؤسسة وهو أمر لا يمكن إلا أن يلقى ترحابا من الرأي العام التونسي.. وقالت بوشماوي في لقاء صحفي عقد إثر اجتماع الطرفين أن اللقاء جد بين "منظمتين كبيرتين لهما تاريخ كبير جدا والهدف من اللقاء واحد وهو مصلحة تونس ومصلحة المؤسسة." وكشفت أن اللقاء ناقش كل المسائل التي تهم العمال والمؤسسة على غرار البطالة، والمقدرة الشرائية، والوضع الاقتصادي المتردي، ومشاكل التهريب والتجارة الموازية، وعدم وضوح الرؤية لمستقبل تونس، وتردي الوضع الأمني والاجتماعي.. وقالت:" لا يمكن أن يتأسس الحوار إلا بتضافر جهود الطرفين العامل وصاحب المؤسسة عن طريق احترام القانون من الجانبين". وأكدت على أن اللجنة المشتركة سيتم تشكيلها وستجتمع قريبا وسيكون على رأس أولوياتها قانون الشغل، التكوين المهني، التغطية الاجتماعية..
حدث غير مسبوق
من جهته وصف حسين العباسي اللقاء الثنائي ب"الحدث غير المسبوق"، وقال إن إلتقاء الجانبين على أعلى مستوى كان مطلبا قديما دعا اليه اتحاد الشغل في عدة مناسبات، وقال:" هذه المسألة طرحناها سابقا، نحن نحتاج إلى شراكة حقيقية مع المؤسسة.. لكننا لم نتلق في السابق آذانا صاغية".. وأفاد أنه وخلافا لما يعتقده البعض فان اللقاء كان مبرمجا منذ مدة، وتم التفكير فيه بعد أن عرضت رئيسة الاتحاد على المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل بمناسبة تهنئتها له بنجاح مؤتمر طبرقة الأخير مقترحا بمناقشة تشكيل لجنة عليا مشتركة ولم نتردد في قبوله". وأكد العباسي ان اللقاء تناول بالنقاش الوضع العام في البلاد، والوضع الاقتصادي والاجتماعي، والبطالة والتنمية وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن.. وغيرها من المسائل وقال:" الحوار كان صريحا وعلى درجة كبيرة من الوضوح.." قبل ان يضيف: "طلبنا من اتحاد الأعراف ان يبادر منظوروه بالاستثمار المحلي والخروج من الانكماش والريبة والخوف، فطالما أن القوانين وحقوق العمال محترمة ومحفوظة لا يوجد مبرر لعدم المجازفة والمغامرة.. حتى يعطوا للمستثمر الأجنبي إشارة ايجابية". لكن أمين عام اتحاد الشغل عبر عن لومه لأداء القطاع الخاص في خلق مواطن شغل جديدة وقال "التشغيل ما يزال متعثرا في اقتصاد ليبرالي للقطاع الخاص دور كبير فيه". قبل ان يستدرك:" هذا لا ينفي أن دور الدولة يتزايد حتى تدخل للأعماق وتدفع الاستثمار العمومي".
إعادة توجيه المواد الأساسية المدعمة
ولمح العباسي إلى واجب الحكومة في التفكير في حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية وخاصة منها ما يتعلق بارتفاع أسعار المواد الأساسية وفقدانها في السوق أو تهريبها خارج حدود الوطن، مقترحا أن يتم التفكير في وضع آليات جديدة تضمن استفادة الفئات الهشة والضعيفة من المواد الأساسية المدعمة. وقال: "من غير المعقول أن تدعم الدولة المواد الأساسية ويستفيد منها الكل، المهم ان تذهب تلك المواد إلى مستحقيها." وشدد على أن من أبرز شروط نجاح المبادرة المشتركة هو "في حفاظ الطرفين على إستقلاليتهما تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين".
استقلالية المنظمتين؟
وعن هذه النقطة أوضح في رد على سؤال تعلق بماهية استقلالية الطرفين وهل هي موجهة لطرف معين ثالث مغيب في إشارة إلى الحكومة، أن الاستقلالية تعني فقط الاستقلالية الطرفين تجاه بعضهما البعض وتجاه الأطراف الأخرى سواء منها حكومة اوغيرها.. في حين اوضحت بوشماوي أن اتحاد الأعراف تخلص من التبعية وهو يرى أن المرحلة الحالية يجب ان يكون فيها قوة اقتراح وشريكا فاعلا خدمة للاقتصاد.. وعن سؤال تعلق بسبب تراجع المستثمرين التونسيين عن الاستثمار وخلق مواطن شغل نفت بوشماوي بشدة وجود تراجع او تردد من المستثمرين المحليين وقالت: "لا أحد يمكنه أن يشكك في وطنيتنا كنا في مرحلة ترميم ما تكسر ودخلنا الآن مرحلة ثانية لدفع الاستثمار وخلق مواطن شغل".
التعددية النقابية.. "ما يصح إلا الصحيح"
وإجابة عن أسئلة "الصباح" بخصوص مدى تناول الاجتماع الثنائي ملفات المفاوضات الاجتماعية، والتعددية النقابية، ورؤية الطرفين لمسألة دعم الدولة للمواد الأساسية.. قال العباسي أن التعددية النقابية أمر ليس بالجديد في تونس فقد سبقت محاولات عديدة قبل الثورة لبعث منظمات نقابية موازية باءت بالفشل، وأكد أن التعددية لا تقلق الاتحاد طالما أن الهدف منها هو ضمان حقوق العمال وتوحيدهم، مضيفا أن المشرع التونسي ضمن التعددية النقابية، لكنه أيضا أكد على أنه لا يمكن التحاور إلا مع المنظمة النقابية الأكثر تمثيلية على مستويات قطاعية او مؤسسة او مفاوضات جماعية.. وأشار إلى أن المنظمات النقابية الموجودة على الساحة لم تعقد مؤتمراتها وفيها عناصر كانوا في السابق اما اعرافا او مستشارين وأصبحوا اليوم يدافعون عن العمال. وقال:" ما ينجم يدوم كان الصلب، ولا يدوم الا الصحيح". أما عن مسألة الدعم وكيفية رؤية المنظمتين لهذا الملف اشار العباسي أن السؤال يوجه أساسا للحكومة التي عليها ان تفكر في تغيير آليات الدعم حتى يذهب لمستحقيها.
المفاوضات الاجتماعية
اما عن مسألة المفاوضات الاجتماعية فقال إن المفاوضات لم تتوقف بين الجانبين، لكنه أبرز انها ترتكز على معطيات أساسية ابرزها تدهور المقدرة الشرائية للمواطن وارتفاع مؤشر الأسعار.. ملمحا إلى أنه لا يمكن الحديث عن بداية مفاوضات اجتماعية إلا بعد شهر ماي المقبل.. اما بوشماوي فقالت عن موضوع التعددية النقابية إن اتحاد الصناعة والتجارة هو المنظمة الوحيدة اليوم الممثلة قانونيا لأصحاب المؤسسات.. وعن المفاوضات الاجتماعية قالت إن اللقاء يعتبر الأول من نوعه وكان تشاوريا وتناول أهم المحاور الرئيسية، ولاحظت ان ارتفاع الأسعار شمل أساسا المواد الغذائية غير المصنعة والفلاحية.