كيف نضمن استقلالية الهياكل الإحصائية؟ وما هي سبل حماية المعلومة من التوظيف السياسي؟، هذه التساؤلات طرحت أمس في جلسة حوار التأمت بمقر المجلس الوطني للإحصاء جمعت ممثلين عن المجلس وعن المعهد الوطني للإحصاء ووزارة الشؤون الاجتماعية وعدد من الإعلاميين. وأشار محمد علي المولهي رئيس المجلس الوطني للإحصاء في افتتاحه الجلسة ان هذه البادرة تدخل في إطار النفس الإعلامي الجديد الذي يرتكز على الحق في النفاذ الى المعلومة والقطع مع حجب نشر"الرقم الإحصائي "كما كان سائدا في العهد البائد علما وان مجالين تم توظيفهما سياسيا وهما الإحصائيات والعمل الاجتماعي للترويج للحزب الحاكم آنذاك. وذكر بالجدل الذي أثير حول دراسة الفقر لسنة 2005 بعد حجب النظام السابق لجزء منها متعلق بنسبة الهشاشة الاقتصادية التي قدرت ب 7.6 بالمائة وتم الترويج سياسيا الى أن نسبة الفقر 3.8 بالمائة وهو الجزء الثاني من الدراسة، علما وان نتائج الدراسة تفيد بأنّ النسبة الحقيقية للفقر بلغت 11.4 بالمائة. وفي ما يتعلق بقراءة المعلومة الإحصائية، أشار المتحدث إلى ان الوضع حاليا يختلف عن العهد البائد لأنه مع تعدد الألوان السياسية ستطرح قراءات مختلفة. وأورد في رده على تساؤلات "الصباح" حول الإشكال المطروح المتعلق بواقع مكاتب سبر الآراء في تونس، ومدى مصداقية النتائج التي تصدر عن هذه العملية وهل من آلية رقابة تشرف على هذا المجال؟، وكيف نضمن استقلالية مكاتب سبر الآراء خاصة وان لهذه المادة تأثيرا على الرأي العام؟ أفاد المولهي أن المجلس الوطني للإحصاء لا يتمتع بسلطة مراقبة هذه المكاتب وتبقى مصداقية نتائج سبر الآراء مرتبطة بمنهجية العمل التي تعتمدها مكاتب الدراسات.
واقع المنظومة الاحصائية
وفي عرضه لواقع المنظومة الإحصائية في تونس أشار رئيس المجلس الوطني للإحصاء إلى أن المجلس هو هيكل استشاري ينسق بين الهياكل الإحصائية أما المعهد الوطني للإحصاء فدوره هو إنتاج الإحصائيات.. كما ينظم هذه المنظومة إطار قانوني يضبط المبادئ الأساسية للنشاط الإحصائي كالاستقلالية العلمية وسرية المعطيات الشخصية. ونفى ممثل المعهد الوطني للإحصاء وجود أي تدخل في منهجية عمل المعهد سابقا في حين أنّ هيمنة النظام السابق كانت توجد في مستوى السيطرة على مجال نشر أو حجب الإحصائيات.
محدودية الامكانيات
ومن جانبها أشارت مديرة النشر والإعلامية والتنسيق بالمعهد الوطني للإحصاء إلى الجدل الذي أثارته الحكومة منذ سنة 2011 حول تقديم موعد إجراء عملية مسح التعداد العام للسكان مؤكدة ان المعهد لا يمكنه التعجيل في مثل هذه العملية الدقيقة خاصة وان عديد الإمكانيات غير متوفرة حاليا علما وان تكلفة المسح الذي أجراه المعهد سنة 2004 وصلت الى 16 مليون دينار ومن المتوقع ان تبلغ تكلفة المسح العام للسكان في 2014 ما يزيد عن 40 مليون دينار.
نقص الثقافة الإحصائية
وتطرق المتدخلون في الجلسة الى إشكاليات المنظومة الإحصائية خاصة على مستوى نقص الثقافة الإحصائية من ناحية كما ان الإشكال على مستوى هذه المنظومة يكمن أساسا في منهجية العمل وليس في نشر الرقم الإحصائي. وأكد رئيس المجلس الوطني للإحصاء في ختام الجلسة سعي المجلس لتنظيم دورات تدريبية للإعلاميين في المجال الإحصائي مضيفا انه يجري حاليا التنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإدراج مادة الإحصاء في البرامج التعليمية لطلبة معهد الصحافة وعلوم الإخبار.