عرض مساء أمس بقاعة المونديال بالعاصمة الشريط الوثائقي "تونس تنتخب" للمخرج السينمائي هشام بن عمار الذي وثق ليوم 23 أكتوبر 2011 اليوم التاريخي الذي ضربت فيه تونس موعدا مع حدث لطالما انتظره كل تونسي بعد انتصار ثورة أحرارها الذي يتزامن مع أول انتخابات حرة ونزيهة وشفافة... كما شهد بذلك كل التونسيين تقريبا والمنظمات الوطنية والدولية التي واكبت العملية الانتخابية. حضر العرض الأول للفيلم الذي أنجز بدعم من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبدعم من سفارة هولندابتونس ممثلون عن الجهات الداعمة والمنتجة للفيلم في مقدمتها كل من السيد كمال الجندوبي رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات والسيدة كارولين ويدجرز سفيرة هولندابتونس فضلا عن عدد كبير من المجتمع المدني وممثلين عن جهات وأحزاب وقطاعات ثقافية مختلفة اكتظت بهم القاعة في مشهد مشابه لما عرفته مراكز الاقتراع خلال الموعد المحتفى به. وشارك في تصوير الشريط الوثائقي "تونس تنتخب" الذي تدوم مدته 48 دقيقة فضلا عن هشام بن عمار كل من سليم بلجة ورمزي بن فرج وسيف الله فطوم وذلك بكل من القيروان وسيدي بوزيد والفحص وباجة وتونس الكبرى. علما أن تكلفة الفيلم بلغت حوالي 25 ألف دينار. وفضلا عن كونه شريطا وثائقيا لمحطة تاريخية هامة لتونس فانه أيضا عمل مطروح للتسويق خارج تونس. وكان الامتياز في الفيلم للمواطن التونسي وتجلى ذلك في الصور والمشاهد الحية التي تعكس المناخ العام لهذا اليوم التاريخي لكل التونسيين الذين تمكنوا ولأول مرة منذ خمسين سنة من الاستقلال من الانتخاب بكل ديمقراطية. عرض الفيلم مشاهد تمازجت فيها الآمال والفرحة عكست تعابير مختلفة من مناطق مختلفة ومن مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية. والمؤثر في الفيلم هو إجماع أغلب الآراء حول معنى واحد يتمثل في شعور وليد الإحساس بالمواطنة وكان القاسم المشترك لكل التونسيين هو كرامة شعب يتطلع إلى السيادة وإلى بلد حر ديمقراطي يضمن حقوق العيش والمواطنة للجميع على حد السواء. وركز هشام بن عمار في الفيلم على مشاهد لا تخلو من جمالية على طاقة الناس وردود أفعالهم في تجسيد لحظات سعادة مشتركة في مشاهد هادئة خالية من العنف والتشنج. ولعل تخصص المخرج في الأفلام الوثائقية وخبرته الطويلة في المجال يسرت مهمته في تحقيق ما هدف إليه في الفيلم وقد تجلى ذلك بالأساس من خلال تفاعل الحاضرين مع مشاهد الفيلم إلى حد التصفيق أحيانا أو الضحك أحيانا أخرى أعادت الأذهان إلى حزمة الانتظارات والمطالب والتوق إلى حكومة منتخبة تستجيب لطموحات وآمال كل التونسيين إلى درجة البكاء حسرة على ما أصبحت عليه الأوضاع من انقسامات وتشتت وفوضى في المجتمع بعد أشهرعلى ذلك الموعد الحلم كما اعتبرته إحدى السيدات ممن لم تتمالك نفسها عن البكاء منذ بداية العرض. ورافق العرض تقديم أغنية "لاباس" لبديعة بوحريزي التي كتب كلماتها نور الدين الورغي. نزيهة الغضباني
كمال الجندوبي أعترف أني تأثرت بالفيلم
عبر كمال الجندوبي رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات عن إعجابه بالفيلم بقوله:" الفيلم كان مؤثرا جدا لأنه شامل لكل الظروف والمسائل المتعلقة بالعملية الانتخابية التي لم يتسن لي الاطلاع عليها أو معرفتها عن كثب خلال تلك الفترة. فكان النقل وفيا لصورة حية وصادقة كان أبطاله تونسيين بامتياز رغم اختلافاتهم. ولكن الأهم بالنسبة لي كتونسي هو نجاح الانتخابات". واعتبر ما اتسم به العمل من موضوعية وواقعية في التوثيق للحدث التاريخي من العوامل التي ترتقي بمستوى الفيلم من ناحية والعمل الثقافي من ناحية خاصة على اعتبار أن الشمولية في الطرح والمعالجة لمواضيع ومسائل مختلفة ليست حكرا على ميدان دون آخر. فهو يرى أن هذا الفيلم أثبت أن تقريب وجهات النظر والتسويق لصورة تونس في الخارج والنموذج التونسي في الخارج من خلال التعاطي مع النموذج التونسي سواء في الثورة أو الانتخابات يمكن أن يكون من خلال الشأن الثقافي كما هو السياسي. من جهة أخرى بين كمال الجندوبي ان هذا الفيلم يمكن أن يعد مرجعية يتعلم منها في الانتخابات المقبلة.