في ظل مشاعر عدائية غذتها على مدى سنوات مجريات الحرب في العراق وتواصل الاعتداءات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وتداعيات الملف النووي الإيراني على الأمن الاقليمي، تأتي زيارة الرئيس الامريكي الى منطقة الشرق الاوسط وعدد من الدول الخليجية ثم مصر بهدف مساعدة الاسرائيليين والفلسطينيين للتوصل الى اتفاق سلام وطمأنة حلفاء واشنطن الى أن الولاياتالمتحدةالامريكية «لن تتركهم وحيدين في مواجهة الخطر الايراني». وعشية هذه الزيارة المرتقبة الى المنطقة التقى المتفاوضون الفلسطينيون والاسرائيليون لبحث اطار لمفاوضات السلام على أمل التوصل الى اتفاق بشأن قضايا حساسة منها الاستيطان ووضع القدس ومسألة اللاجئين بعد أن تعهد الطرفان على مواصلة اللقاءات بينهما لتذليل العقبات امام اتفاق لإقامة الدولة الفلسطينية قبل نهاية ولاية الرئيس بوش بعد سنة من الآن. وهذه المسحة من التفاؤل التي تحدو طرفي النزاع لتحريك مسار السلام رغم التصعيد العسكري الاسرائيلي الخطير خصوصا في قطاع غزة يقابلها على مستوى الملف النووي الايراني تصلب غربي عبر عنه الرئيس بوش ذاته عشية هذه الزيارة بالقول «أعتقد أن ايران تشكل خطرا.. لدينا استراتيجية لمواجهتها ونريد التعاون»، مضيفا أن الولاياتالمتحدة تحتفظ بالخيار العسكري.. ويأتي هذا التصريح متقاطعا مع تقرير وكالة الاستخبارات الامريكية الصادر منذ شهر والذي كان واضحا بشأن الملف النووي الإيراني حيث أكد بشكل حاسم أن طهران أوقفت منذ سنة 2003 برنامجها لصنع القنبلة الذرية، ومع ذلك فإن التوتر السائد في المنطقة نتيجة السياسة الايرانية المعلنة ضد اسرائيل والغرب عموما لا يختزله الملف النووي وتداعياته ولا الاستفزازات العسكرية من جانب طهران أو واشنطن في المياه الخليجية الدافئة، بل يتجاوز هذه الحقائق ليستمد تصاعده من الاحداث الجارية في العراق، هذا البلد الذي أصبحت أرضه مستباحة من القوات الغازية ومن الميليشيات المدعومة من اطراف اقليمية عديدة وأصبح محور شد وجذب بين إرادات نفوذ سياسي ومصالح اقتصادية وأطماع جغرافية لا حدود لها. إن الاحتمال قائم في أن تؤدي هذه الزيارة الاولى من نوعها للرئيس الامريكي الى المنطقة إلى اعطاء دفع قوي لمفاوضات السلام في الشرق الاوسط.. كما أن الاحتمال قائم في أن تحث الدول الخليجية بوش على عدم الانزلاق الى مواجهة عسكرية ضد ايران ضمانا لأمن المنطقة واستقرارها، كما أنه لا يمكن استبعاد زيارة مفاجئة للرئيس الأمريكي الى العراق خلال جولته هذه... قد تترتب عنها قرارات جديدة.. ولكن هل ستخفف هذه الزيارة من المشاعر العدائية الطاغية ضد الادارة الأمريكية وسياستها في المنطقة.. وهل ستكفي سنة من عمر رئاسة بوش في إيجاد حلول لقضايا شائكة وعويصة يعود بعضها الى عقود خلت؟!