- يبدو ان الأسلوب القمعي الذي تعامل به بعض أعوان الأمن مع المتظاهرين، مواطنين كانوا أم صحفيين خلال المسيرة التي نظمها إتحاد الشغل السبت الماضي يثير فعلا الكثير من التساؤلات ويطرح نقاط استفهام محيرة, ففي الوقت الذي انتظر فيه الجميع تغيير وزارة الداخلية لأساليبها القمعية التي تعوّدت عليها على مدى عقود، فاجأ اعوان الأمن المتظاهرين بعصا غليظة وشراسة أشدّ ليتضح ان الحديث عن الإصلاحات والرسكلة وإعادة التأهيل التي سمعناها طوال الأشهر الماضية مجرد حبر على ورق وكلها «كليشيات» لا أساس لها من الصحة. والواقع ان ما يثير التعجب اكثر ان وزارة الداخلية اصدرت بيانا اكدت فيه ان اعوان الامن تدخلوا لتفريق المتظاهرين باستعمال الغاز المسيل للدموع، ولم تشر لا من قريب ولا من بعيد الى الاعتداء بالعنف الذي تعرض اليه بعض المواطنين الذي تؤكده «الفيديوهات» التي مازالت تتناقلها بعض المواقع الاجتماعية والالكترونية ليظهر فيها بوضوح «وحشية « بعض الاعوان في تعاملهم مع عدد من المتظاهرين دون شفقة ولا رحمة متنكرين بذلك لوعودهم. والاغرب كذلك ان وزارة الداخلية اعلنت في بيانها عن تعهدها بفتح تحقيق في الاعتداءات التي لحقت بعض الصحفيين لتحديد مصدرها وتناست الوزارة انها تعهدت بعد الثورة بفتح تحقيقات في حالات مماثلة في عديد المناسبات لكن في كل مرة تطوى الصفحة تلو الاخرى لتدخل بذلك طي النسيان. ولعل ما جعل الكثيرين يشعرون بالخيبة ان هذه الاعتداءات جاءت بعد التأسيس للمصالحة وفتح صفحة جديدة بعيدة عن اساليب القمع خاصة انها بلغت خطوة هامة على درب تقريب الهوة بين الطرفين وتغيير الصورة «السوداء» في الاذهان. والسؤال المطروح هو هل تكون وزارة الداخلية هذه المرة في الموعد لتاسيس علاقة جديدة شعارها الاحترام المتبادل أم ستظل وفية لعاداتها وممارساتها القديمة؟.