بعيدا عن الأضواء ودون أي ضجة إعلامية يبدو أن السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة تحول رفقة السيد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية يوم الجمعة الماضي إلى ثكنة العوينة، مكان ايقاف عدد من الوزراء والمسؤولين السامين السابقين في عهد بن علي. فلا يومها ولا في الأيام التي تلت، تعرضت القناة الوطنية او غيرها من القنوات إلى هذه الزيارة أو الى دوافعها وما جرى خلالها حتى لكأنها زيارة سرية أريد لها عمدا أن تبقى بعيدا عن الأضواء وعن الرأي العام. والسؤال المشروع الذي يتبادر إلى الذهن هو طبعا لماذا أريد للزيارة ان تبقى في الظل؟ هذا إذا صحّت المعلومات الصحفية التي أوردت باقتضاب خبرها. فنحن اليوم على الأقل نظريا نعيش في نظام ديمقراطي مفتوح من حق جميع مواطنيه الاطلاع على كل ما يجري في بلادهم وعلى "خلفيات الأمور" إن صح هذا التعبير ومن واجب مسؤوليه الاستجابة لهذا الحق المشروع. فهل ان هذه الزيارة كانت مبادرة شخصية لرئيس الحكومة للاطلاع على أحوال من سجنوه وعذبوه سابقا وعزلوه في زنزانة انفرادية على مدى سنوات اما إنها كانت تحت ضغوط منظمات حقوقية دولية او استجابة لضغوط من نوع آخر مارستها قوى خارجية أو داخلية تكن تعاطفا مع رموز العهد السابق أو لها ارتباطات معه؟ ولماذا خصص الوزير الأول جزء ا من وقته الثمين لمن يقيمون في مكان يعتبره غيرهم من المساجين، فنادق من فئة خمس نجوم وهي مهمة كان من الممكن أن يؤديها مدير السجون أو احدى المنظمات المختصة كالهلال الأحمر أو الصليب الأحمر الدولي . كل هذه الأسئلة والتساؤلات تنتظر إجابات شافية للمواطن التونسي فالصمت سيذكرنا بممارسات خلنا أنها أصبحت من الماضي فخلية الإعلام عودتنا بسيل من البرقيات حول أنشطة الوزير الأول فلماذا صمتت هذه المرة؟. فالإعلام كان في المدة الأخيرة مستهدفا لحملة عنيفة من قبل بعض الوزراء والمسؤولين ومن قبل بعض الأطراف التي يبدو انها قريبة منهم فقد اتهم من جملة ما اتهم به بالتعتيم بصفة عامة وعلى نشاط الحكومة وانجازاتها بصفة خاصة. ولكن ها ان التعتيم لم يأت هذه المرة من جانب الإعلاميين بل على العكس فإنهم كانوا دون شك سيرحبون بمرافقة الوزير الأول في مثل هذه الزيارة. فماذا يتوارى خلف السرية التي رافقتها؟!