لماذا لا نزال كمجموعة وطنيّة نراوح مكاننا ولا نتقدم بالسّرعة المطلوبة والمأمولة على طريق تحقيق أهداف الثّورة خاصة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية؟. لماذا كلّما توارت بوادر «فتنة: اجتماعية أو أزمة سياسية إلا وطفت على سطح الأحداث «ظاهرة» إرباك وتخويف وتثبيط جديدة؟ بل قل لمصلحة من عساها تكون «تعمل» هذه الأطراف المجهولة/المعلومة التي تبدو وكأنها لا تزال مصرّة سواء عن قصد أو عن غير قصد على تسميم الأوضاع وتأجيج نار الاحتقان السياسي والاجتماعي وعرقلة جهود تطبيع الوضع الأمني وإعادة «الدوران» لعجلة النشاط وبالسرعة القصوى داخل مؤسسات العمل والإنتاج؟.. لا نطرح هذه الأسئلة بحثا عن «تفسير تآمري» نريح به أنفسنا ونحمل من خلاله المسؤولية لمن سوانا... بل نطرحها لأننا كتونسيين قاربنا جميعا اليوم شعبا وحكومة أن نقع في خطيئة الإساءة لثورتنا والتنكر لدماء شهدائها الأبرار... أجل،،، فالثورة أضحت مهددة وكذلك جملة المكاسب السياسية القليلة الهامة والعزيزة التي تحققت لنا بفعلها... وإذا ما كنا سنواصل على هذا «النهج» الأناني سياسيا واجتماعيا في التعاطي مع متطلبات المرحلة واستحقاقاتها فإننا سنكون قد جنينا على أنفسنا وفرّطنا في فرصة تاريخية نادرة سوف تحاسبنا عليها الأجيال... فإلى متى مثلا ستظل تستغرقنا هذه الخلافات السياسية و»الظواهر» الاجتماعية المريبة التي لا عهد لنا بها كمجتمع تونسي متجانس اجتماعيا وعقائديا... خلافات «وظواهر» يبدو أن بعض الأطراف وفي مواقع مختلفة قد استمرأتها وجعلت «تعزف» على أوتارها لتكون أداتها في التشويش على الثورة ولإرباك مسار الإصلاح والتأسيس لدولة العدل والحقوق والحريات والقطع مع دولة الفساد والاستبداد... وإلى متى أيضا ستبقى القوى الوطنية والسياسية الفاعلة في الحكم والمعارضة تحصي على بعضها البعض «السقطات» والأخطاء السياسية وتتنابز فيما بينها بالألقاب والأرقام (جماعة الصفر فاصل وجماعة المؤقت) في حين أن المطلوب هو أن تتكامل الجهود من أجل دفع عجلة التنمية وإنعاش الحركة الاقتصادية واستكمال مسار بناء الدولة الديمقراطية المنيعة والمزدهرة... دولة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 العظيمة وانتخابات 23 أكتوبر 2012 التاريخية... التونسيون جميعا بمختلف شرائحهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية مدعوون أن يكونوا على الأقل في هذه المرحلة على قلب رجل واحد من أجل الوفاء بالعهد والاضطلاع بواجب حماية الثورة والمضي قدما على طريق البناء والإصلاح... أما الحسابات السياسية والإيديولوجية الضيقة والاكتفاء ب»الفرجة» وعد الأخطاء على الخصوم السياسيين و»النفخ» إعلاميا في نار الخلافات والتناقضات وتهويل الأخطاء و»الظواهر» الاجتماعية المنحرفة فإنها ممارسة معيبة لا نراها تليق بأي جهة أو طرف سياسي وطني. إن ثورة 14 جانفي 2011 التاريخية أمانة في أعناق كل التونسيين... وكل تونسي وتونسية هو على ثغر من ثغورها فليكن لها حارسا...