صدرت آخر أحكام الاعدام "شنقا حتى الموت" عن المحاكم التونسية منذ أقل من الشهر.أي يوم 13 فيفري الماضي ورغم أن الحكم لم ينفذ بعد، ورئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي قد التزم كرئيس جمهورية أنه لن يمضي عن أي حكم بالاعدام لأنه يؤمن كحقوقي بالحق في الحياة.. وتم أمس العودة من جديد الى مطلب الغاء حكم بالاعدام في تونس وذلك في ورشة عمل تحت عنوان "عقوبة الاعدام والحق في الحياة" من تنظيم المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة وبحضور الرابطة التونسية لحقوق الانسان وجمعية القضاة التونسيين. وعن المبادرات المقترحة لالغاء عقوبة الاعدام ذكر محمد صالح الخريجي عن الرابطة التونسية لحقوق الانسان ل"الصباح" أن الرابطة قامت بتقديم مذكرة للرئاسة و للمجلس التأسيسي تناولت كل ما يهم حقوق الانسان والمنظومة القانونية التي سيتم ادراجها في الدستور التونسي، وأشار في نفس السياق الى أن المعهد العربي لحقوق الانسان بصدد تحضير مشروع قانون يتناول الأحكام التي لها علاقة بحقوق الانسان ومنها عقوبة الاعدام سيقدمه الى المجلس التأسيسي في القريب العاجل. وأشار الى أن رقعة مناهضة حكم الاعدام قد اتسعت والمعهد العربي لحقوق الانسان يعمل في اطار ائتلاف يضم أكثر من 14 منظمة حقوقية وقد استأنس في صياغته بخبراء في القانون والدساتير العالمية من تونس وخارجها. ورأت روضة القرافي نائبة رئيسة جمعية القضاة أنه لابد من فتح نقاش شامل ،على نطاق واسع خاص بمناهضة حكم الاعدام وخاصة على مستوى الأوساط المعنية بالتشريع والأوساط المعنية بالتفعيل وهي القضاة والمحامين والسلطة التشريعية.. فالمطلوب حسب رأيها هو الدفع نحو جدل عمومي لانضاج الأفكار والمقترحات حول هذه العقوبة وأوضحت ان مشاركة الجمعية في ورشة العمل تتنزل ضمن الانخراط في النقاش ومساعدة القضاة على بلورة مواقفهم حولعقوبة الاعدام. وافاد القاضي أحمد الرحموني "تقليديا يكون القاضي مع حكم الاعدام فهو من يقضي به، وحان الوقت اليوم أن يكون القاضي طرفا في تناول موضوع مناهضة حكم الاعدام وفي نفس الوقت العمل على استقلالية القضاء وتقييم منهجية عمل القضاء ومدى احترامها لحقوق الانسان".
الإعدام..من المنظور الإسلامي
وفي ما يتعلق بحكم الشريعة الإسلامية لعقوبة الإعدام أشار بشير شمام عضو المجلس التأسيسي إلى وجوب التمعن في الشروط و الظروف الواجب توفرها لدى المتهم و التي حددها الإسلام بكل دقة قبل إصدار قرار الإعدام لضمان العدالة وحماية حقوق الإنسان,مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في المنظومة القضائية التونسية وتحقيق توازن تشريعي. وفي تصريح ل"الصباح" أكد حمدي مراد مفكر إسلامي وناشط حقوقي أردني أن تطبيق قرار الإعدام في الدول العربية يعتبر "جريمة كبرى" لأنها تستند لقوانين جائرة ومسيسة لم تلتزم بالشروط التي حددها الإسلام وفق تحفظات وضوابط مشددة مما يجعل من تطبيقها أمرا نادرا جدا,داعيا إلى ضرورة إلغائها والتراجع فورا عن هذا التشريع لان الدول العربية لم ترق إلي اليوم ، إلى النضج الكافي الذي يجعلها قادرة على إسناد قرار الإعدام بشكل ثابت ودون ترك مجال للتأويل،حسب قوله . وأبرز المفكر الأردني أن تفعيل هذا القانون وظف من قبل السلطات العربية لتشريع جرائمهما وخدمة مصالحها والقضاء على خصومها السياسيين والمناضلين و الحفاظ على الكراسي و ليس لإرساء العدالة. وفي سياق متصل وعلى هامش هذه الندوة دعا المفكر الإسلامي كل المؤسسات الرسمية الدينية والمدنية في الدول العربية لإيقاف العمل بحكم الإعدام وإعادة النظر في الخطاب الديني و إعادة قراءة الفتاوى الإسلامية المتناقضة مع الواقع وذلك لتجنب التأويل والدراسات الخاطئة التي زهقت بموجبها العديد من الأرواح على حد تعبيره. وابرز حمدي مراد أن الجرائم التي يطبق فيها حكم الإعدام هي القتل العمد بعد التثبت التام من الإدانة, مع فتح مجال للمصالحة مع أهل الضحية و جريمة الزنا شريطة حضور مباشر للشهود يعرف عنهم الصدق والأمانة و جريمة الحرابي أو ما يعرف بالإرهاب علي المستضعفين بما يفضي إلي القتل العمد,مؤكدا أن الإسلام حدد هذه الشروط بكل دقة بما لا يترك مجالا للشك، ولإقامة نظام عادل يحمي حقوق الإنسان ويحافظ على الجانب الردعي بما يضمن سلامة المجتمع. وتجدر الاشارة الى أن آخر تنفيذ لحكم اعدام في تونس كان سنة 1991، وأن سنة 1980 قد تم فيها تنفيذ 20 حكما بالاعدام، ورغم أن فترة النظام السابق قد عرفت تراجعا ملحوظا في تنفيذ أحكام الاعدام 6 أحكام فقط فان النظام كان يمنع أي تناول حقوقي لمبدأ مناهضة هذا الحكم وسعى الى الاستحواذ على فعل تعليق العمل بحكم الاعدام دون التقدم نحو الغائه.