هؤلاء الذين غرهم على ما يبدو حلم الشعب التونسي الأبيّ.. وغرهم وفاء المؤسستين العسكرية والأمنية وحرصهما الوطني على حماية الثورة، والانتصار لدماء شهدائها الأبرار، وللخيار الديمقراطي المتحضر.. هؤلاء الذين بدأت عديد الدلائل تشير الى أنهم ماضون باصرار في تحديهم للشرعية، ولهيبة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها باختلاف اختصاصاتها، من منطلقات لا علاقة لها لا بأهداف الثورة ولا بالمصلحة الوطنية العليا . هؤلاء الذين بدأ البعض منهم يجرّب علنا هذه الأيام «لعبة» الفتنة المدمرة من خلال محاولات المس بالمقدسات، وبأسس وقواعد وحدة النسيج الاجتماعي والعقائدي لعموم التونسيين.. هؤلاء الذين «يتنكر» البعض منهم اليوم في هيئة مناضلين سياسيين، والبعض الآخر في هيئة «نقابيين» مرابطين في مناطق مختلفة، يدافعون عن «الحق» في تعطيل حركة الانتاج في مواقع العمل وغلق مواطن الشغل.. هؤلاء الذين «يزيّن» البعض منهم وجهه بلحي الورعين، والبعض الآخر بأقنعة المثقف والأكاديمي الحداثي والمستنير، فيما هم جميعا يعملون كل بوسائله وأدواته على ارباك المسار الديمقراطي الذي ارتضاه الشعب، وأفرز من خلاله قيادة سياسية مدنية ائتمنها على عملية بناء الدولة الجديدة.. هؤلاء وغيرهم بمن فيهم للأسف فئات من أبناء الشعب الكريم، الذين توظف بعض وسائل الاعلام المشبوهة، بكثير من الانتهازية، أوضاعهم الاجتماعية المرزية الموروثة، لتحريضهم على «العصيان» المدني وجعلهم وقودا لمعاركها الايديولوجية مع الخصوم السياسيين.. كل هؤلاء أصبح لزاما علينا اليوم حكومة وشعبا أن نأخذ على أيديهم، وألا نتركهم يواصلون العبث بمصلحة الوطن والأجيال.. فقد بلغ السيل الزبى.. نقول بلغ السيل الزبى لأن بعض المستهترين بالمصلحة الوطنية من الخاصة والعامة على حد سواء أصبحوا لا يتورعون عن الجهر بالسوء حتى لا نقول بالخيانة . فها هو مثلا أحدهم يصرّح في اجتماع حزبي، بأن «الجبهة» الوليدة التي ينتمي اليها حزبه العتيد «لها من القدرة والأهلية والامكانيات لقيادة البلاد»، ولكأن من هم في الحكم اليوم بتفويض من الشعب ومن صناديق الاقتراع، لا يملكون لا القدرة ولا الأهليّة ولا الامكانيات لقيادة البلاد!!! إن مثل هذه الخطابات السياسية التي تستعجل المأزق وتصطنع الأزمات، وتجيّش الرأي العام وتستعديه على السلطات الشرعية القائمة، هي جرائم في حق الثورة والشعب، أصبح مطلوبا منا جميعا أن نقف لها بالمرصاد مهما كان لبوسها الإيديولوجي أو العقائدي حماية للثورة وللسلم الأهلي والأمن الاجتماعي.. لا.. بل إن بعض «حالات» وشواهد التطاول على القانون ومؤسسات الدولة ورموزها، وعلى مكتسبات المجموعة الوطنية، باتت تستدعي لخطورة دلالاتها وأبعادها، تدخلا فوريا حازما من المؤسستين العسكرية والأمنية، حفاظا على الأمن العام والأملاك العامة.. اذ، ما رأيكم مثلا أن أهالي احدى المناطق الريفية المحرومة في احدى المعتمديات، وبعد أن نفّذوا على مدى أيام، بإيعاز من جهات «نقابية» تحركا احتجاجيا، للتحسيس بسوء أوضاعهم المعيشية المورورثة عن دولة المجرم بن علي، هددوا في حال مواصلة السلطات تجاهل مطالبهم بحرق المدرسة الابتدائية في منطقتهم التي يؤمها أبناؤهم!! فهل بعد هذا الاستهتار استهار؟!