يرى عدد من المتابعين للشأن العام التونسي أن الثورة التونسية تتجه نحو دكتاتورية دينية.. وان المسار الديمقراطي يواجه مستقبلا مظلما.. وأن ما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات وأحداث عنف متطرفة قد تؤدي الى حرب أهلية واعادة لسيناريو الجزائر.. فما هي المؤشرات التي على أساسها يمكن تأكيد هذه الفرضية أو نفيها؟ لم ينف خالد عبيد الباحث في تاريخ تونس المعاصرة فرضية الحرب الأهلية وقال بأن «التاريخ يعيد نفسه اليوم فالانقسام الذي عرفه الشعب التونسي سنوات 1955 و1956 بين يوسفيين وبورقيبيين صنفهم الى وطنيين وخونة وشرع قتل الواحد للآخر وكاد أن يؤدي الى حرب أهلية آنذاك.. نراه اليوم يعود مع انقسام التونسيين بين علمانيين واسلاميين وتصنيفهم الى كفار ومسلمين..» وأضاف عبيد أن تعرض الشيخ عبد الفتاح مورو الأسبوع الماضي الى تهديد بالقتل في منطقة القلعة الكبرى من ولاية سوسة من قبل عدد من المتطرفين الاسلاميين يعد آخر المؤشرات التي تؤكد توجه الوضع العام الى مزيد التصعيد.. وذكر أن حادثة بئر على بن خليفة والتصعيد الذي عرفته جامعة منوبة، وحادثة العلم، وما شهدته ولاية جندوبة من عنف سلفي متطرف وصل حد محاولة قتل شاب في العشرين من عمره، وجريمة قتل الشيخ لطفي قلال.. لا تعد أحداثا عفوية أو معزولة.. فجميعها مترابطة يقف وراءها الايغال في التطرف.. وهذا ما يبرر نظرة التشاؤم عند عدد من المتابعين للشأن العام.. ويجعل بالبعض يصل حد التخوف من امكانيات التصفيات الجسدية. وفي نفس السياق بين الباحث في التاريخ أن تواصل بث الخطاب الموجود بنفس الوتيرة قد يؤدي الى طريق مسدود فالشعب التونسي غير محصن بما فيه الكفاية أمام الخطاب المتطرف وليس له الامكانيات لتمييز مدى خطورة هذا الخطاب من عدمه.. واعتبر أن الحل «لا يكمن الا في التوافق وتغليب صوت العقل والعقلاء فلا يمكن لأي فرد أيا كان انتماؤه أو مرجعيته الفكرية أن يفرض سلطته على الآخر علما وأن تنازل أي طرف من أجل البلاد يعد تنازل قوة وليس تنازل ضعف.» وبالنسبة للحدثين الأخيرين رسم نجمة داود وتمزيق كتب القرآن فقد قدم لهما خالد عبيد قراءتين مختلفتين: الأولى تقول إن جهات مشوهة تحاول تأجيج الاحتقان كردة فعل أمام حادثة العلم وتهدف الى مزيد تقسيم التونسيين وتأليب بعضهم على بعض. أما القراءة الثانية فتقول إن الحدثين هما أعمال فردية لاشخاص مهزوزي الشخصية أرادوا البروز والشهرة الاعلامية. وتجدر الإشارة الى ان وزير الداخلية علي العريض قد صرح خلال لقاء تلفزي الأسبوع الماضي أن تونس مثلها مثل بقية دول العالم يهددها الإرهاب المتطرف وأن أحداث بئر على بن خليفة أكدت تواجد مجموعة سلفية مسلحة تسعى الى تكوين امارة اسلامية وهي مدعمة من مجموعات خارجية في الجزائر وليبيا لها علاقة بتنظيم القاعدة.. واعتبر أن مقاومة التطرف الاسلامي أو السلفية المتطرفة يلزمها الكثير من الصبر واليقظة.. ورغم أن رسالته التطمينية قالت إن تونس لا يهددها خطر كبير من المجموعات المتطرفة الا أنه لم يستبعد وقوع أحداث جديدة مستقبلا يكون التيار السلفي المتطرف وراءها..