: محمد صالح الربعاوي - في الوقت الذي دعا فيه الجميع الى الفصل بين الدولة والأحزاب في مختلف الجوانب والزوايا والجزئيات - بعد المرارة التي تذوقها التونسيون على مدى عقود- يبدو أن بعض وزرائنا ومسؤولينا لم يتخلصوا إلى اليوم من «رداءتهم» الحزبية, ولم يعوا بعد انه كان عليهم نزع «الجلابيب» الحزبية الضيقة منذ أول يوم تسلموا فيه مناصبهم السياسية لأن مهامهم الحكومية تقتضي منهم «ثوبا « جديدا وعقلية جديدة وأساليب جديدة وخطابات جديدة ، وحتى ردود أفعال جديدة تختلف عما تعودوا عليه في دروب أخرى. ورغم ذلك مازال بعض الوزراء يفاجئوننا بين الحين والآخر بتصريحات أو ردود أفعال تثبت أنهم لا يزالون «غارقين» في حزبيتهم الضيقة ، ولم يغيروا بوصلتهم ، أو يعدلوا «عقارب» تفكيرهم بما يتماشى مع ما هو مطلوب منهم من حكمة، وروية، ودقة ، ورصانة، واتزان في وقت كان يتعين عليهم تأكيد نضجهم السياسي والعمل على وأد الفتنة ووضع حدّ لبعض الممارسات التي تطفو على سطح الأحداث بين حين وآخر من خلال معالجة جذرية أو تصريحات متوازنة وخطابات تراوح بين المنطق والمعقول ، وتراعي مختلف الاعتبارات التي تتطلبها هذه المرحلة الدقيقة. نقول هذا الكلام لأن بعض الوزراء لم يفرّقوا في كثير من الأحيان بين ما تعودوا عليه من خطابات حزبية ومسؤولياتهم الوطنية في الوقت الحاضر ليساهموا لا إراديا وبصفة غير مباشرة في أكثر من مناسبة في سكب البنزين على النار وتصدير القلق والتشنج إلى الشارع عوض أن يكونوا مصدرا للتهدئة وعنصرا»ممتصّا» للغضب. خطابات رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي خرجت في أكثر من مناسبة عن إطارها ليجد نفسه مضطرا إما للاعتذارأو التوضيح ..وزير الخارجية رفيق عبد السلام تحدث في أكثر من مرة عن جماعة «الصفر فاصل « بتهكم واضح ..لطفي زيتون أشار في ظهوره التلفزي الأخير على القناة الوطنية الثانية بأسلوب ساخر إلى أن صعود احد احزاب المعارضة من 2 فاصل الى نسبة 48 بالمائة يحتاج إلى شبه معجزة ..ولن نتحدث على «زرارق» وزير التعليم العالي المنصف بن سالم أو«طلعات» وزراء آخرين. لا ننسى ، بل لن ننسى أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد تقتضي من كل عضو في الحكومة رصانة أكثر، واتزانا أكبر ، ودقة أفضل بما يحتّم عليه «تغيير جلدته» والتخلص من حزبيّته حتى يتسنّى لنا تجاوز هذه المرحلة الانتقالية بسلام.