احتضن فضاء «عين» بالضاحية الشمالية (الكرم) يوم السبت الفارط معرضا لجملة من أعمال الفنانة زهرة لرقش ليتواصل إلى غاية 7أفريل القادم. وزهرة لرقش هي من رسامي جيل الستينات، متخرجة من معهد الفنون الجميلة بتونس وتعد من بين الرسامين الذين مثلوا أول دفعة تخرجت بعد الاستقلال على غرار مطيمط ومرزوق.. تعاملت مع الألوان المائية رغم صعوبة التعامل معها واتخذت مدرسة الواقعية منهجا باعتبارها تركز في جلّ أعمالها الفنية على الاتجاه الموضوعي وتجعل المنطق الموضوعي الأكثر أهمية من الذات فصورت الحياة اليومية بصدق وأمانة. ذلك أن المدرسة الواقعية اختلفت عن المدرسة الرومنسية من حيث ذاتية الرسام إذ ترى الواقعيّة أن ذاتية الفنان يجب أن لا تطغى على الموضوع، على عكس الرومنسية التي تعد العمل الفني إحساس الفنان الذاتي.
المتأمّل في أعمال زهرة لرقش التي احتضنها فضاء «عين» يلاحظ أن الواقع التونسي نُقل بواسطة ألوان خافتة هادئة، ما أضفى على الأعمال بعدا عميقا وحسا مرهفا خاصة من خلال رسم المرأة التونسية المتلحفة ب«السفساري» وهي تتجوّل في المدينة العتيقة، أو من خلال رسم الأنهج على غرار نهج المر وسيدي محرز والحفصية..رسومات فيها الكثير من الحنين إلى أيام الستينات والسبعينات حيث اتسمت الحياة اليومية آنذاك ببساطتها ودلالاتها العميقة سواء من خلال المعمار الإسلامي أو حضور المرأة التونسية في المدينة. الملفت للانتباه في أعمال زهرة لرقش هو نقلها لكل ما في الواقع والطبيعة إلى عمل فني طبق الأصل كما ترصد عين الكاميرا الفوتوغرافية اليوم واقعا معينا يخص مجتمعا معينا، وظفت صاحبته الألوان المائية في تدرج وبحس مرهف، وليس بالأمر الهين أن تسيطر على الشكل وأن تبلغ رسالتك بتلك التقنيات ناهيك أن أغلب التشكيليين التونسيين يتعاملون مع الألوان الزيتية نظرا لأنه يسهل التعامل معها. هنا لسائل أن يسأل، كيف لهذه الأعمال أن تنهض بالساحة الثقافية في بلادنا خاصة وأنها تمثل مدرسة فنية تجاوزها العصر. صاحب فضاء «عين» محمد العايب يجيب عن هذا السؤال قائلا «إن مثل هذه الأعمال هي بمثابة الأرضية التي هيأت للعديد من الرسامين لتجاوز المدرسة الواقعية نحو مدارس فنية أخرى وهي تمثل من جهة أخرى التراث والهوية التونسية فهل نستطيع مثلا إقصاء تراث المدرسة الرشيدية والمالوف على وجه الخصوص؟ طبعا لا».