زرنا مؤخرا منطقة الحميمة بمعتمدية سيدي بوزيدالشرقية فكانت صدمتنا عظيمة لما يكابده أهاليها من حرمان مدقع وتهميش واضح على جميع الأصعدة وكأننا في إحدى مناطق الشتات غير التابعة للخارطة الوطنية. المشهد خراب يلوح منذ وصولنا منطقة الحميمة، لوحة مأساوية رسمتها ريشة الحرمان موضوعها ضحايا الانتظار والوعود الزائفة، حتما هذا المشهد قاتم الألوان لا يحتمل التفكير للتعمّق في تفاصيله والدخول في كشف الستار عن الحياة ومعانيها بالنسبة لسكان هذه المنطقة والذين عبروا عن استيائهم الشديد لما يعيشونه قائلين «نحن لا نرى الجنة الموعودة إلا في المسلسلات والأفلام المعروضة على شاشة القنوات التلفزية الوطنية» التي ركزت برامجها على توجيهات الرئيس» ونشاط الحكومة التي لم يلمس الشعب منذ تشكيلها أيّ إنجاز فعلي على أرض الواقع وفي مقابلة أولى مع ضحايا التهميش والإقصاء وحقبة زمنية أعدمت معاني الفرح والعيش الكريم، الكلّ في حالة سكون دمرتهم لحظات الانتظار خاصة بعد مرحلة الانفراج وانجلاء الظلم بلا رجعة لكل فرد من هؤلاء حكاية تدمي القلوب تدمع وجعا لا يحتمل البكاء وهذا ليس بالغريب عن منطقة حرم أبناؤها من الشغل في نطاق الحضائر الظرفية الاستثنائية ومشاريع التنمية المندمجة ومن أهم المرافق الضرورية إذ نجد أناسا في القرن الواحد والعشرين بلا ماء صالح للشراب وأعمدة الكهرباء لا تربط إلا فئة محدودة إضافة إلى انعدام الطريق المعبدة التي تقي عناء التنقل في مواسم الأمطار وفي المقابل تجد حناجر المواطنين مسكنات الصبر والتجاهل التام من قبل الجهات المعنية لمطالبهم وتجدر الإشارة إلى أنّ الميسور منهم له غرفة متعددة الوظائف تقيم بها كافة العائلة لا تفصل بين أفرادها سوى قطعة قماش والبقية لا ملجأ لهم غير سقف القصب وجدار الخشب. ورغم أنّه من أوثق الحقوق صلة بالذات الإنسانية فإنّ قطاع الصحة مثّّل هو الآخر جزء من اللوحة التراجيدية حيث سجلنا انعدام وجود مرفق صحي ولو على سبيل نواة استشفائية تكون ملاذ بعض الحالات الاستعجالية علاوة على غياب برامج التوعية مثل التلقيح والصحة الإنجابية.
لفتة
يبقى سكان منطقة الحميمة في انتظار لفتة كبيرة تكون بحجم معاناتهم والأضرار التي لحقتهم خلال العقود المظلمة تعوضهم سنوات العطش والجوع والليالي الحالكة وبطاقات العلاج المحظورة وخاصة الواقع التنموي المتردي الذي ظلّ يراوح مكانه ويدور في مدارات الحلقة المفرغة التي لا يفهم خلفيات شكلها الهندسي إلا من تورط قاصدا متعمدا في تفقير هذه المنطقة المتروكة ومحاولة شطبها من الخارطة الجغرافية لولاية سيدي بوزيد.