جلسة الحوار التي تنعقد اليوم في رحاب المجلس الوطني التأسيسي وتجمع اعضاء المجلس بثلاثة وزراء من حكومة «الترويكا» هم وزير الداخلية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والوزير المكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني التأسيسي والتي ستخصص لبحث الوضع الامني العام بالبلاد على خلفية أحداث العنف والفوضى التي شهدتها مؤخرا بعض المناطق وبعض الفضاءات الجامعية وغيرها... لا يجب ان تتحول في رأينا الى جلسة «استجواب» او توجيه تهم التقصير للوزراء ومصالح وزاراتهم.. نقول هذا لا من باب «الرفق» بالوزراء الثلاثة وانما اعتبارا لطبيعة الوضع الاستثنائي والتحولات الجوهرية التي لايزال يعيش على وقعها المجتمع التونسي منذ ثورة 14 جانفي 2011. جلسة اليوم الحوارية بفضاء المجلس التأسيسي يستحسن ان تكون في احد جوانبها مناسبة لتطارح جمعي لطبيعة التحديات الأمنية القائمة وتشريح اسبابها وخلفياتها وجذورها والبحث في سبل و«وسائل» مواجهتها على اعتبار ان أي تراخ اضافي ستنتج عنه تبعات خطيرة اجتماعية واقتصادية وتنموية.. جلسة اليوم ايضا يجب الا تتخذ مطية من طرف بعض الأطراف السياسية الممثلة في المجلس ل«التحريض» على بعض التيارات و«المجموعات» التي مارست اشكالا من العنف اما داخل الحرم الجامعي او في الفضاءات العامة.. وهذا ليس من باب الدفاع عن هذه الأطراف والمجموعات او تهوينا لما ارتكبته من ممارسات يرقى بعضها بالفعل الى درجة عالية من الخطورة مثل المساس بالرموز الوطنية وبالمقدسات او التحريض على العنف وعلى التباغض بين التونسيين وانما حرصا على سمعة و«قدسية» مؤسسة التأسيسي ذاتها التي يجب ان تبقى فضاء حاضنا لكل التونسيين دون اقصاء... ولكن هذا لا يمنع من القول بالمقابل ان عموم التونسيين بات يساورهم القلق جديا حتى لا نقول الخوف من ظاهرة التدهور الدوري للوضع الامني بالبلاد.. نقول «الدوري» لأنه أصبح ما ان تهدأ الاوضاع ويتحسن المشهد الأمني حتى «يتفجرّ من جديد في هذه الجهة من البلاد او تلك.. وما من شك ان اهمية المواعيد السياسية المقبلة ممثلة خاصة في الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة وضرورة الحسم في مبدإ حيوية وضرورة اعلاء «كلمة» القانون وفرضه.. فضلا عن حاجة المشروع التنموي الوطني ذاته وكذلك عملية البناء الديمقراطي لمناخ أمني واجتماعي مستقر يسندها... تقتضي جميعها القطع مع مظاهر الفوضى والتجرؤ على هيبة الدولة وتهديد امن الأشخاص وممتلكاتهم.. وهذا لا يكون الا من خلال تفعيل عمليات التدخل الأمني وتطبيق القانون على أي شخص أو جماعة يثبت تورطها في ممارسات وأفعال مخلة بالأمن العام. وعسى ان يكون قرار وزارة الداخلية الأخير القاضي بمنع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة خطوة اولى على هذا المسار.