ربّما يكون قد آن الأوان - اليوم - لكي نمرّ - كمجموعة وطنيّة - الى "مرحلة" أخرى "متقدّمة" وأكثر جرأة في عمليّة التّصدّي المجتمعي لكلّ المظاهر السّلبيّة الّتي طبعت للأسف - ولا تزال - المشهد الاجتماعي في بلادنا على امتداد الأشهر الّتي تلت انتصار الثّورة ... ونعني خاصّة مظاهر الفوضى والتّسيّب والعنف الّتي باتت تهدّد أمن الأشخاص وممتلكاتهم وتربك ، بل وتعيق السّير الطّبيعي لنشاط مؤسّسات الانتاج وعمل المصالح الاداريّة .. "مرحلة" في التّصدّي نريدها أن تكون أشدّ حزما وعزما في "أساليبها" وأمضى وأنجز في "أدواتها" و "وسائلها" ... نقول هذا الكلام - لا فقط - اعتبارا لسقوط "ذريعة" الغموض والرّيبة بعد أن حصل التّوافق الوطني على تحديد موعد نهائي وقارّ لانتخابات المجلس التّأسيسي - وهي "الذّريعةّ" الّتي طالما جعلت منها بعض الأطراف والأحزاب السّياسيّة وسيلتها لتبرير سلبيّة مواقفها تجاه مثل هذه الظّواهر - وانّما اعتبارا - أيضا - للنّسق التّصاعدي الخطير الّذي أخذته مؤخّرا أحداث العنف ومظاهر الفوضى والتّسيّب والتّجرّؤ على الدّولة ورموزها ومؤسّساتها في عديد الجهات والمناطق ... إنّ أحداث العنف الأخيرة في المتلوّي - مثلا - بما طرحته من تحدّيات وبما استبطنته من خطورة بالغة على أمن المواطنين وحرماتهم وسلامة ممتلكاتهم بل وعلى مفهوم الوحدة الوطنيّة - في حدّ ذاته - وتماسك النّسيج الاجتماعي يجب أن تشكّل لحظة "عودة وعي وطني" حاسمة - بأتمّ معنى الكلمة - بضرورة الأخذ - وبحزم - على يد كلّ من يتجرّأ أو يدعو الى ما من شأنه أن يمثّل تحريضا على الفوضى أو على اثارة النّعرات الجهويّة أو العشائريّة بين الأهالي في أيّة جهة أو منطقة من جهات البلاد ... انّ النّزوع - مثلا - وفي هذه المرحلة الحرجة من عمر الثّورة - الى استصدار مراسيم لقوانين - محدودة في عددها وفي مدّة سريانها - تجرّم كلّ أشكال التّحريض على الفوضى أو على التّباغض الجهوي أو على عرقلة السّير العادي لعمل المؤسّسات والادارات لن يشكّل - في رأينا - أيّ نوع من أنواع الاعتداء على "رزمة" الحقوق والحريّات المقدّسة بمختلف أنواعها (الفكريّة والسّياسيّة والنّقابيّة ) الّتي يضمنها الدّستور وانّما سيكون بمثابة "الرّسالة" الواضحة والصّارمة لأولئك الّذين بدا واضحا - اليوم - أنّهم يكيدون لتونس ولشعبها ولثورته الشّجاعة وأنّهم لا يريدون لهذه الثّورة العظيمة أن تؤتي أكلها أمنا وتنمية وديمقراطيّة ...