محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    المهدية.. إنتشال 9 جثث لفظها البحر    وزير خارجية نيوزيلندا.. لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال    مبابي يصمد أمام "ابتزاز" ومضايقات إدارة باريس    القصرين.. رعاة وفنانو ومبدعو سمامة يكرمون الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي    أخبار باختصار    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    صفاقس الإحتفاظ بالكاميرونية "كلارا فووي" واحالتها للتحقيق    أخبار المال والأعمال    تونس تشارك في الدورة الأولى من الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التعاون الشامل والنمو والطاقة بالرياض    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    مجلس الوزراء يوافق على جملة من مشاريع القوانين والقرارات    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    عاجل/ جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابطين وإصابة آخرين في قطاع غزة    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    خالد بن ساسي مدربا جديدا للنجم الساحلي؟    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    بن عروس : تفكيك وفاق إجرامي مختص في سرقة المواشي    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    المجر ترفع في المنح الدراسية لطلبة تونس إلى 250 منحة    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أياد خارجية تعبث بالداخل الليبي.. وتسعى لتقسيم البلاد
أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا ل"الصباح"
نشر في الصباح يوم 04 - 04 - 2012

نسعى لإرساء نظام علماني.. على شاكلة النموذج الأوروبي الاعتراف بإسرائيل علنا خير من التعامل معها سرا.. ونؤيد عودة اليهود الليبيين مصطفى عبد الجليل عقبة أمام الانتقال الديمقراطي.. وعليه الانسحاب أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بالقذافي.. من نخبة الشباب الليبي التي درست بالخارج..
تحصل على الشهادة الجامعية في الهندسة المدنية بأمريكا وأكمل دراسته العليا في بريطانيا أين تحصل على الماجستير في هيكلة البناء ثم الدكتوراه في بناء قواعد المفاعل النووي.. متأثر جدا بالنموذج الديموقراطي الأوروبي، ويأمل في بناء نظام ديموقراطي تعددي على شاكلته في ليبيا..
الصباح التقته منذ أيام في تونس التي وصل إليها في زيارة خاطفة غير رسمية وتجاذبت معه أطراف الحديث حول التطورات في ليبيا ما بعد القذافي، ومواقف حزبه منها ورؤاه بشأن المستقبل.
وفي ما يلي نص هذا الحديث:

حاوره: محمد علي العوني

* كيف جاءت فكرة تأسيسكم للحزب الديمقراطي، الذي يعد أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بنظام الطاغية القذافي؟
- الحزب الديمقراطي تأسس بتاريخ 14 جويلية 2011، ولد من رحم التجمع الليبي للحرية والديمقراطية وهو عبارة عن تجمع من مجموعة من الليبيين معظمهم من الشبان الناشطين في العالم الافتراضي والذين كان لهم دور أساسي وفعال في عملية وصول رياح الربيع العربي إلى ليبيا بعد تونس ومصر، بحيث كنا نواكب وننقل على الأنترنت وبالتحديد على التويتر والفيسبوك كل التطورات لحظة بلحظة إلى المواطنين في ليبيا من خلال مشاهد الفيديوهات التي تصور الحركات الاحتجاجية والقمع الوحشي للنظام آنذاك، مما شكل حافزا هاما لدى شعبنا وحركت تلك المشاهد بداخلهم الرغبة في التحرر والانعتاق والنسج على منوال أشقائهم في تونس ومصر.
فلو لم نقم بعملية الشحن تلك للمجتمع الليبي، لكانت إمكانية اندلاع ثورة 17 فبراير ضعيفة جدا والدليل على ذلك أن رياح الربيع العربي لاحت في سماء تونس أولا ثم انتقلت إلى مصر قبل ليبيا.
وأنتهز الفرصة للإشارة إلى أن عبارة 17 فبراير التي ترمز للثورة الليبية اختارتها امرأة من داخل التجمع الليبي للحرية والديمقراطية الذي كان نشطا طيلة الثورة، وجاءت هذه التسمية احياءا لذكرى استشهاد شاب ليبي يدعى ربيع الشاعري برصاص الأمن في مظاهرة احتجاجية ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) سنة....
* باعتبار أن أي حزب لديه برنامج واستراتيجية سياسية واضحة المعالم، هل لكم أن توضحوا لنا المبادئ الأساسية التي انبنى عليها حزبكم؟
- من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الحزب الديمقراطي الليبي، مبدأ فصل المسجد عن السلطة وهذا مهم جدا من أجل بناء نظام ديمقراطي تعددي على شاكلة الأنظمة الغربية المتقدمة التي فصلت الكنيسة عن الدولة، وأنا شخصيا متأثر جدا بالنموذج الديمقراطي الأوروبي وسأسعى جاهدا لإرساء نظام على شاكلة هذه الأنظمة في ليبيا.
إلى جانب علمانية الدولة، نحن حزب لا يرى مانعا في الاعتراف بدولة إسرائيل، وقد أشرنا لذلك في برنامجنا دون حرج، لأن الاعتراف بإسرائيل في العلن وعلى مرأى ومسمع الجميع أفضل من الاعتراف بها في السر وانشاء علاقات اقتصادية معها تحت الطاولة مثلما فعلت كثير الدول العربية والإسلامية.. فنحن حزب يؤمن بالشفافية.
في السياق ذاته نحن ندعم حق عودة اليهود الليبيين إلى ليبيا، فهم مواطنون ليبيون مثل أي مواطن ليبي آخر ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس بغض النظر عن الانتماء العرقي أوالإيديولوجي ، مع الإشارة إلى أن العديد منهم كانوا قد شاركونا الجهاد ضد المستعمر الإيطالي الغاشم وهي حقيقة لا ينكرها أحد.
كما أريد أن أشير للتاريخ إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية لرمضان السويحلي أحد قيادات المقاومة للاستعمار آنذاك كان يهوديا واسمه رافييل لوزون ووقد أعدم في مصراته على يد القوات الإيطالية.
من جهة أخرى، فإن الحزب الديموقراطي يعطي مكانة مرموقة للمرأة الليبية التي خرجت في مصراته وبنغازي بكل جرأة تطالب بالحرية والديمقراطية.
* ألا ترى أن تأسيس حزب ينادي بالعلمانية ولا يجد حرجا في الاعتراف بإسرائيل هو أمر في غاية الغرابة في بلد اسلامي ، يفتقر إلى ثقافة العمل السياسي؟
- هذا فعلا ما لاحظته على الأقل في محيطي بمجرد اعلاني تأسيس الحزب الديمقراطي، حيث لاحت علامات الدهشة والاستغراب في الوجوه. فتأسيس حزب علماني ينادي بفصل المسجد عن الدولة قد يعتبره البعض بمثابة الكفر والإلحاد، وفي الحقيقة لا يقتصر الأمر على ليبيا، بل نجده في جل المجتمعات العربية الإسلامية، ويرجع ذلك إلى قصور عن الفهم الصحيح للمعادلة لدى البعض. وقد تلقيت عديد التهديدات بالقتل بعيد خروج الحزب الديمقراطي إلى العلن، كما أصدرت عديد التيارات اليمينية المتطرفة فتاوى تبيح تصفيتي.
أما بالنسبة لغياب ثقافة العمل السياسي في ليبيا، فهي تعد من أكبر تحديات الانتقال الديموقراطي التي كرسها نظام الطاغية القذافي إلى حد أن تأسيس حزب في فترة حكمه كان يعد جريمة، ناهيك عن غياب العمل النقابي ومكونات المجتمع المدني.
*ماهي القاعدة أو الفئة الاجتماعية التي يركز عليها الحزب الديمقراطي في عملية الاستقطاب؟
- استراتيجية الحزب هي مخاطبة الشباب في الشارع الليبي وهذه الكتلة تمثل أكثر من 70 بالمائة من الشعب الليبي.. مخاطبة العقل المتنور والمنفتح لشباب التويتر والفايسبوك الذين أطاحوا بالطاغية القذافي في ليبيا كما أطاحوا بنظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر.
* أي حزب سياسي لا يمكن أن يضمن وجوده دون تمويل، فما هي مصادر تمويلكم؟
- أولا لا بد أن أشير إلى أن عديد الجهات خاصة الخارجية قد عرضت علينا الدعم لكننا رفضناه لسبب بسيط وهو استحالة أن تقدم هذه الجهات خدماتها دون مقابل، وكما هو معلوم، فإن القبول بتمويلات من أطراف معينة يعني الارتهان لها بطريقة او بأخرى.
والدليل على عدم وجود دعم خارجي أو حتى داخلي للحزب، هو أنه إلى اليوم ليس لنا مقر رسمي ومقرنا الوحيد والذي نستطيع من خلاله أن نعرّف بأنفسنا للعالم هو موقعنا على الأنترنت.
* الموعد الانتخابي في ليبيا بات على الأبواب، فما هو مدى استعدادكم لدخول السباق الانتخابي؟
- لم نتخذ بعدُ قرارا.. وفي الواقع ليبيا بأكملها غير مستعدة للموعد الانتخابي المقبل، لأن الوضع في بلدنا مغاير تماما لما حصل في تونس ومصر. فمؤسسات الدولة انهارت بالكامل، ورغم ايجابيات هذا الوضع كالقطع نهائيا مع النظام السابق، إلا أنه أسقط البلاد في فوضى عارمة، سواء كانت فوضى السلاح أو الاشتباكات المسجلة بين المليشيات المتنازعة بين الحين والآخر.
اليوم لا يوجد قانون ينظم عمل الأحزاب، وحتى القانون الصادر للانتخابات مازال في حاجة إلى تعديل.
ومن وجهة نظري، ينبغي تأجيل هذه الانتخابات لمدة سنة على الأقل لإعطاء الوقت الكافي لحكومة الكيب الانتقالية لإعادة تركيز المؤسسات المحورية للدولة (الجيش والأمن والعدل وبسط الأمن) لأنه في غياب هذه المؤسسات لا يمكن انجاح الرهان الانتخابي.
وعلى المجتمع الليبي راهنا أن يلتف حول الحكومة الحالية التي تمثل المركز ويتخلى عن دعمه للأطراف الممثلة بالميليشيات لتعزيز دعائم النظام الحالي.
* قلتم قبل قليل أن الثورة الليبية على خلاف الثورة التونسية والمصرية قطعت نهائيا مع نظام القذافي، بماذا تفسرون إذن وجود مصطفى عبد الجليل الذي شغل منصب وزير العدل في نظام القذافي رئيسا لليبيا الجديدة؟.
- لقد سبق أن طالبنا كحزب بضرورة انسحاب مصطفى عبد الجليل، وأجدد بهذه المناسبة دعوته إلى تقديم استقالته لأنه بات عقبة في طريق الانتقال الديموقراطي وأصبح وجوده يشكل الثورة المضادة لأنه يعرقل ويتآمر على حكومة الكيب، وحماية لأزلام القذافي في الجلس الانتقالي المتآمرين على ثورة 17 فبرايرس. تحرير سرت ثم تراجع بعد ذلك.
فنحن لا نريد مسؤولا كان يشغل خطة وزير للعدل في زمن لاعدل فيه، وكان يغطي على جرائم القذافي الشنيعة في حق شعبه.
*على خلفية إعلان برقة إقليما فيدراليا يتمتع بالحكم الذاتي، ألا ترجحون وجود أياد خارجية تدفع بذلك الاتجاه لتقسيم ليبيا وتفتيت وحدتها؟
- تجدر الإشارة إلى أن الشعب الليبي يرفض ذلك تماما، والمنادون بالفيدرالية هم قلة وتحركهم ليس نابعا من حس وطني.
... هناك دون أدنى شك أياد خارجية قذرة تحاول العبث بالداخل الليبي ارتكازا على العامل القبلي في منطقة تتمتع بثروات نفطية، وتعمل على اغراء سكان شرقي طرابلس بالانقسام للسيطرة على تلك الثروات ولكي تشكل تمهيدا لامتداد نزيف الانقسامات إلى بقية الأقاليم للاجهاز على وحدة ليبيا ومركزية سلطة طرابلس، ما من شأنه أن يمكن البلدان التي جمدت بلايين الدولارات المهربة من القذافي وأبنائه وزبانيته إلى الخارج من التحلل من ارجاعها للسلطات الليبية في ظل غياب حكومة مركزية موحدة، وتأميمها مثلما فعلت مؤخرا دولة مالي.
مع العلم أن قيمة تلك الأموال التي تم تهريبها من الصندوق السيادي الليبي تقدر بحوالي 550 بليون دولار أمريكي تضاف إليها حوالي 120 بليون دولار من البنك المركزي الليبي.. ونحن نعلم أن عملية استعادة هذه الأموال ليست بالمهمة السهلة وتتطلب وقتا طويلا، لكن تلك الثروات هي من حق الشعب الليبي وبإذن الله ستعود إليه..
* كيف يمكن من وجهة نظركم تفادي انزلاق ليبيا إلى خندق التقسيم وربما الحرب الأهلية في الوقت الراهن؟
- في ظل غياب الوعي السياسي في صفوف المجتمع الليبي وعدم وجود نخب سياسية تشكل مرجعا في مثل هذه الظروف، يرى الحزب الديمقراطي ضرورة تدخل الأمم المتحدة للمساعدة في بناء -وليس بناء- نظام ديمقراطي يتماشى والخصوصيات المحلية، من خلال ارسال مبعوثيها لتقريب وجهات النظر والقيام بمصالحة وطنية شاملة مثلما تدخلت في جنوب افريقيا.
* بماذا تفسرون صعود التيارات الاسلامية في البلدان التي شهدت الربيع العربي ؟
- ردة فعل المجتمع العربي كانت منتظرة وطبيعية، لأنه بعدما عان الويلات من أنظمة استبدادية ورؤساء طغاة كان همهم الوحيد تكديس الثروات على حساب قوت المواطن العربي البسيط، الذي رزخ لعقود في غياهب الظلم والاستبداد بأياد مكبلة وأفواه مكممة، التجأ إلى التيارات الاسلامية واحتمى بالدين، معتبرا أن هذه الأحزاب تخاف الله ومن الصعب أن تسلبه حقه أو تتعدى على حرمة قوته، وهو الخطأ الفادح الذي وقع فيه المواطن العربي لأن هذه التيارات تتاجر بالدين، وهناك دول عربية خليجية على وجه التحديد كقطر دفعت باتجاه صعود التيارات الاسلامية في البلدان العربية من خلال قناة الجزيرة، تلك العصا السحرية، بايعاز من الدول الغربية، وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة غربية لتطويع الربيع العربي لصالحها.
هذا بالاضافة إلى أن جل الأنظمة السياسية في البلدان العربية كانت تستمد شرعيتها إما من خلال المؤسسة الدينية المأثرة في المجتمع العربي الإسلامي مثل النظام السعودي، وإما من المؤسسة العسكرية كمصر، أو عن طريق دولا غربية حفاظا على مصالحها.
إننا كحزب سياسي نريد أن نقطع نهائيا مع هذه الممارسات، فالشرعية الوحيدة لأي نظام سياسي بعد الربيع العربي يجب أن تكون عبر الصندوق..
* على مستوى علاقات ليبيا ببلدان الجوار كتونس ومصر، كيف تراها مستقبلا؟
- من المفروض أن تعول ليبيا على علاقاتها مع بلدان الجوار خاصة في اعادة بناء مؤسسات الدولة من خلال الاستفادة من التجربة الانتقالية التونسية وكذلك على مستوى اعادة انشاء البنية التحتية الليبية التي دمرت تماما والاستفادة من الخبرات التونسية والمصرية في مجال البناء والخدمات وخلق مواطن شغل جديدة، بدل جلب العمالة من بلدان آسيوية.
وأريد أن استغل الفرصة وأقدم باسم الحزب الديمقراطي والشعب الليبي الاعتذار لشعب تونس الكريم على التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر على الخط الحدودي من أطراف مشبوهة، كما أتقدم له بجزيل الشكر لكل التونسيين لأنهم فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم طيلة ثورة 17 فبراير.
أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا ل"الصباح"
أياد خارجية تعبث بالداخل الليبي.. وتسعى لتقسيم البلاد
نسعى لإرساء نظام علماني.. على شاكلة النموذج الأوروبي الاعتراف بإسرائيل علنا خير من التعامل معها سرا.. ونؤيد عودة اليهود الليبيين مصطفى عبد الجليل عقبة أمام الانتقال الديمقراطي.. وعليه الانسحاب أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بالقذافي.. من نخبة الشباب الليبي التي درست بالخارج..
تحصل على الشهادة الجامعية في الهندسة المدنية بأمريكا وأكمل دراسته العليا في بريطانيا أين تحصل على الماجستير في هيكلة البناء ثم الدكتوراه في بناء قواعد المفاعل النووي.. متأثر جدا بالنموذج الديموقراطي الأوروبي، ويأمل في بناء نظام ديموقراطي تعددي على شاكلته في ليبيا..
الصباح التقته منذ أيام في تونس التي وصل إليها في زيارة خاطفة غير رسمية وتجاذبت معه أطراف الحديث حول التطورات في ليبيا ما بعد القذافي، ومواقف حزبه منها ورؤاه بشأن المستقبل.
وفي ما يلي نص هذا الحديث:

حاوره: محمد علي العوني

* كيف جاءت فكرة تأسيسكم للحزب الديمقراطي، الذي يعد أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بنظام الطاغية القذافي؟
- الحزب الديمقراطي تأسس بتاريخ 14 جويلية 2011، ولد من رحم التجمع الليبي للحرية والديمقراطية وهو عبارة عن تجمع من مجموعة من الليبيين معظمهم من الشبان الناشطين في العالم الافتراضي والذين كان لهم دور أساسي وفعال في عملية وصول رياح الربيع العربي إلى ليبيا بعد تونس ومصر، بحيث كنا نواكب وننقل على الأنترنت وبالتحديد على التويتر والفيسبوك كل التطورات لحظة بلحظة إلى المواطنين في ليبيا من خلال مشاهد الفيديوهات التي تصور الحركات الاحتجاجية والقمع الوحشي للنظام آنذاك، مما شكل حافزا هاما لدى شعبنا وحركت تلك المشاهد بداخلهم الرغبة في التحرر والانعتاق والنسج على منوال أشقائهم في تونس ومصر.
فلو لم نقم بعملية الشحن تلك للمجتمع الليبي، لكانت إمكانية اندلاع ثورة 17 فبراير ضعيفة جدا والدليل على ذلك أن رياح الربيع العربي لاحت في سماء تونس أولا ثم انتقلت إلى مصر قبل ليبيا.
وأنتهز الفرصة للإشارة إلى أن عبارة 17 فبراير التي ترمز للثورة الليبية اختارتها امرأة من داخل التجمع الليبي للحرية والديمقراطية الذي كان نشطا طيلة الثورة، وجاءت هذه التسمية احياءا لذكرى استشهاد شاب ليبي يدعى ربيع الشاعري برصاص الأمن في مظاهرة احتجاجية ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) سنة....
* باعتبار أن أي حزب لديه برنامج واستراتيجية سياسية واضحة المعالم، هل لكم أن توضحوا لنا المبادئ الأساسية التي انبنى عليها حزبكم؟
- من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الحزب الديمقراطي الليبي، مبدأ فصل المسجد عن السلطة وهذا مهم جدا من أجل بناء نظام ديمقراطي تعددي على شاكلة الأنظمة الغربية المتقدمة التي فصلت الكنيسة عن الدولة، وأنا شخصيا متأثر جدا بالنموذج الديمقراطي الأوروبي وسأسعى جاهدا لإرساء نظام على شاكلة هذه الأنظمة في ليبيا.
إلى جانب علمانية الدولة، نحن حزب لا يرى مانعا في الاعتراف بدولة إسرائيل، وقد أشرنا لذلك في برنامجنا دون حرج، لأن الاعتراف بإسرائيل في العلن وعلى مرأى ومسمع الجميع أفضل من الاعتراف بها في السر وانشاء علاقات اقتصادية معها تحت الطاولة مثلما فعلت كثير الدول العربية والإسلامية.. فنحن حزب يؤمن بالشفافية.
في السياق ذاته نحن ندعم حق عودة اليهود الليبيين إلى ليبيا، فهم مواطنون ليبيون مثل أي مواطن ليبي آخر ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس بغض النظر عن الانتماء العرقي أوالإيديولوجي ، مع الإشارة إلى أن العديد منهم كانوا قد شاركونا الجهاد ضد المستعمر الإيطالي الغاشم وهي حقيقة لا ينكرها أحد.
كما أريد أن أشير للتاريخ إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية لرمضان السويحلي أحد قيادات المقاومة للاستعمار آنذاك كان يهوديا واسمه رافييل لوزون ووقد أعدم في مصراته على يد القوات الإيطالية.
من جهة أخرى، فإن الحزب الديموقراطي يعطي مكانة مرموقة للمرأة الليبية التي خرجت في مصراته وبنغازي بكل جرأة تطالب بالحرية والديمقراطية.
* ألا ترى أن تأسيس حزب ينادي بالعلمانية ولا يجد حرجا في الاعتراف بإسرائيل هو أمر في غاية الغرابة في بلد اسلامي ، يفتقر إلى ثقافة العمل السياسي؟
- هذا فعلا ما لاحظته على الأقل في محيطي بمجرد اعلاني تأسيس الحزب الديمقراطي، حيث لاحت علامات الدهشة والاستغراب في الوجوه. فتأسيس حزب علماني ينادي بفصل المسجد عن الدولة قد يعتبره البعض بمثابة الكفر والإلحاد، وفي الحقيقة لا يقتصر الأمر على ليبيا، بل نجده في جل المجتمعات العربية الإسلامية، ويرجع ذلك إلى قصور عن الفهم الصحيح للمعادلة لدى البعض. وقد تلقيت عديد التهديدات بالقتل بعيد خروج الحزب الديمقراطي إلى العلن، كما أصدرت عديد التيارات اليمينية المتطرفة فتاوى تبيح تصفيتي.
أما بالنسبة لغياب ثقافة العمل السياسي في ليبيا، فهي تعد من أكبر تحديات الانتقال الديموقراطي التي كرسها نظام الطاغية القذافي إلى حد أن تأسيس حزب في فترة حكمه كان يعد جريمة، ناهيك عن غياب العمل النقابي ومكونات المجتمع المدني.
*ماهي القاعدة أو الفئة الاجتماعية التي يركز عليها الحزب الديمقراطي في عملية الاستقطاب؟
- استراتيجية الحزب هي مخاطبة الشباب في الشارع الليبي وهذه الكتلة تمثل أكثر من 70 بالمائة من الشعب الليبي.. مخاطبة العقل المتنور والمنفتح لشباب التويتر والفايسبوك الذين أطاحوا بالطاغية القذافي في ليبيا كما أطاحوا بنظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر.
* أي حزب سياسي لا يمكن أن يضمن وجوده دون تمويل، فما هي مصادر تمويلكم؟
- أولا لا بد أن أشير إلى أن عديد الجهات خاصة الخارجية قد عرضت علينا الدعم لكننا رفضناه لسبب بسيط وهو استحالة أن تقدم هذه الجهات خدماتها دون مقابل، وكما هو معلوم، فإن القبول بتمويلات من أطراف معينة يعني الارتهان لها بطريقة او بأخرى.
والدليل على عدم وجود دعم خارجي أو حتى داخلي للحزب، هو أنه إلى اليوم ليس لنا مقر رسمي ومقرنا الوحيد والذي نستطيع من خلاله أن نعرّف بأنفسنا للعالم هو موقعنا على الأنترنت.
* الموعد الانتخابي في ليبيا بات على الأبواب، فما هو مدى استعدادكم لدخول السباق الانتخابي؟
- لم نتخذ بعدُ قرارا.. وفي الواقع ليبيا بأكملها غير مستعدة للموعد الانتخابي المقبل، لأن الوضع في بلدنا مغاير تماما لما حصل في تونس ومصر. فمؤسسات الدولة انهارت بالكامل، ورغم ايجابيات هذا الوضع كالقطع نهائيا مع النظام السابق، إلا أنه أسقط البلاد في فوضى عارمة، سواء كانت فوضى السلاح أو الاشتباكات المسجلة بين المليشيات المتنازعة بين الحين والآخر.
اليوم لا يوجد قانون ينظم عمل الأحزاب، وحتى القانون الصادر للانتخابات مازال في حاجة إلى تعديل.
ومن وجهة نظري، ينبغي تأجيل هذه الانتخابات لمدة سنة على الأقل لإعطاء الوقت الكافي لحكومة الكيب الانتقالية لإعادة تركيز المؤسسات المحورية للدولة (الجيش والأمن والعدل وبسط الأمن) لأنه في غياب هذه المؤسسات لا يمكن انجاح الرهان الانتخابي.
وعلى المجتمع الليبي راهنا أن يلتف حول الحكومة الحالية التي تمثل المركز ويتخلى عن دعمه للأطراف الممثلة بالميليشيات لتعزيز دعائم النظام الحالي.
* قلتم قبل قليل أن الثورة الليبية على خلاف الثورة التونسية والمصرية قطعت نهائيا مع نظام القذافي، بماذا تفسرون إذن وجود مصطفى عبد الجليل الذي شغل منصب وزير العدل في نظام القذافي رئيسا لليبيا الجديدة؟.
- لقد سبق أن طالبنا كحزب بضرورة انسحاب مصطفى عبد الجليل، وأجدد بهذه المناسبة دعوته إلى تقديم استقالته لأنه بات عقبة في طريق الانتقال الديموقراطي وأصبح وجوده يشكل الثورة المضادة لأنه يعرقل ويتآمر على حكومة الكيب، وحماية لأزلام القذافي في الجلس الانتقالي المتآمرين على ثورة 17 فبرايرس. تحرير سرت ثم تراجع بعد ذلك.
فنحن لا نريد مسؤولا كان يشغل خطة وزير للعدل في زمن لاعدل فيه، وكان يغطي على جرائم القذافي الشنيعة في حق شعبه.
*على خلفية إعلان برقة إقليما فيدراليا يتمتع بالحكم الذاتي، ألا ترجحون وجود أياد خارجية تدفع بذلك الاتجاه لتقسيم ليبيا وتفتيت وحدتها؟
- تجدر الإشارة إلى أن الشعب الليبي يرفض ذلك تماما، والمنادون بالفيدرالية هم قلة وتحركهم ليس نابعا من حس وطني.
... هناك دون أدنى شك أياد خارجية قذرة تحاول العبث بالداخل الليبي ارتكازا على العامل القبلي في منطقة تتمتع بثروات نفطية، وتعمل على اغراء سكان شرقي طرابلس بالانقسام للسيطرة على تلك الثروات ولكي تشكل تمهيدا لامتداد نزيف الانقسامات إلى بقية الأقاليم للاجهاز على وحدة ليبيا ومركزية سلطة طرابلس، ما من شأنه أن يمكن البلدان التي جمدت بلايين الدولارات المهربة من القذافي وأبنائه وزبانيته إلى الخارج من التحلل من ارجاعها للسلطات الليبية في ظل غياب حكومة مركزية موحدة، وتأميمها مثلما فعلت مؤخرا دولة مالي.
مع العلم أن قيمة تلك الأموال التي تم تهريبها من الصندوق السيادي الليبي تقدر بحوالي 550 بليون دولار أمريكي تضاف إليها حوالي 120 بليون دولار من البنك المركزي الليبي.. ونحن نعلم أن عملية استعادة هذه الأموال ليست بالمهمة السهلة وتتطلب وقتا طويلا، لكن تلك الثروات هي من حق الشعب الليبي وبإذن الله ستعود إليه..
* كيف يمكن من وجهة نظركم تفادي انزلاق ليبيا إلى خندق التقسيم وربما الحرب الأهلية في الوقت الراهن؟
- في ظل غياب الوعي السياسي في صفوف المجتمع الليبي وعدم وجود نخب سياسية تشكل مرجعا في مثل هذه الظروف، يرى الحزب الديمقراطي ضرورة تدخل الأمم المتحدة للمساعدة في بناء -وليس بناء- نظام ديمقراطي يتماشى والخصوصيات المحلية، من خلال ارسال مبعوثيها لتقريب وجهات النظر والقيام بمصالحة وطنية شاملة مثلما تدخلت في جنوب افريقيا.
* بماذا تفسرون صعود التيارات الاسلامية في البلدان التي شهدت الربيع العربي ؟
- ردة فعل المجتمع العربي كانت منتظرة وطبيعية، لأنه بعدما عان الويلات من أنظمة استبدادية ورؤساء طغاة كان همهم الوحيد تكديس الثروات على حساب قوت المواطن العربي البسيط، الذي رزخ لعقود في غياهب الظلم والاستبداد بأياد مكبلة وأفواه مكممة، التجأ إلى التيارات الاسلامية واحتمى بالدين، معتبرا أن هذه الأحزاب تخاف الله ومن الصعب أن تسلبه حقه أو تتعدى على حرمة قوته، وهو الخطأ الفادح الذي وقع فيه المواطن العربي لأن هذه التيارات تتاجر بالدين، وهناك دول عربية خليجية على وجه التحديد كقطر دفعت باتجاه صعود التيارات الاسلامية في البلدان العربية من خلال قناة الجزيرة، تلك العصا السحرية، بايعاز من الدول الغربية، وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة غربية لتطويع الربيع العربي لصالحها.
هذا بالاضافة إلى أن جل الأنظمة السياسية في البلدان العربية كانت تستمد شرعيتها إما من خلال المؤسسة الدينية المأثرة في المجتمع العربي الإسلامي مثل النظام السعودي، وإما من المؤسسة العسكرية كمصر، أو عن طريق دولا غربية حفاظا على مصالحها.
إننا كحزب سياسي نريد أن نقطع نهائيا مع هذه الممارسات، فالشرعية الوحيدة لأي نظام سياسي بعد الربيع العربي يجب أن تكون عبر الصندوق..
* على مستوى علاقات ليبيا ببلدان الجوار كتونس ومصر، كيف تراها مستقبلا؟
- من المفروض أن تعول ليبيا على علاقاتها مع بلدان الجوار خاصة في اعادة بناء مؤسسات الدولة من خلال الاستفادة من التجربة الانتقالية التونسية وكذلك على مستوى اعادة انشاء البنية التحتية الليبية التي دمرت تماما والاستفادة من الخبرات التونسية والمصرية في مجال البناء والخدمات وخلق مواطن شغل جديدة، بدل جلب العمالة من بلدان آسيوية.
وأريد أن استغل الفرصة وأقدم باسم الحزب الديمقراطي والشعب الليبي الاعتذار لشعب تونس الكريم على التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر على الخط الحدودي من أطراف مشبوهة، كما أتقدم له بجزيل الشكر لكل التونسيين لأنهم فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم طيلة ثورة 17 فبراير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.