ترامب ينشر صورة بزيّ بابا الفاتيكان    غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أياد خارجية تعبث بالداخل الليبي.. وتسعى لتقسيم البلاد
أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا ل"الصباح"
نشر في الصباح يوم 04 - 04 - 2012

نسعى لإرساء نظام علماني.. على شاكلة النموذج الأوروبي الاعتراف بإسرائيل علنا خير من التعامل معها سرا.. ونؤيد عودة اليهود الليبيين مصطفى عبد الجليل عقبة أمام الانتقال الديمقراطي.. وعليه الانسحاب أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بالقذافي.. من نخبة الشباب الليبي التي درست بالخارج..
تحصل على الشهادة الجامعية في الهندسة المدنية بأمريكا وأكمل دراسته العليا في بريطانيا أين تحصل على الماجستير في هيكلة البناء ثم الدكتوراه في بناء قواعد المفاعل النووي.. متأثر جدا بالنموذج الديموقراطي الأوروبي، ويأمل في بناء نظام ديموقراطي تعددي على شاكلته في ليبيا..
الصباح التقته منذ أيام في تونس التي وصل إليها في زيارة خاطفة غير رسمية وتجاذبت معه أطراف الحديث حول التطورات في ليبيا ما بعد القذافي، ومواقف حزبه منها ورؤاه بشأن المستقبل.
وفي ما يلي نص هذا الحديث:

حاوره: محمد علي العوني

* كيف جاءت فكرة تأسيسكم للحزب الديمقراطي، الذي يعد أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بنظام الطاغية القذافي؟
- الحزب الديمقراطي تأسس بتاريخ 14 جويلية 2011، ولد من رحم التجمع الليبي للحرية والديمقراطية وهو عبارة عن تجمع من مجموعة من الليبيين معظمهم من الشبان الناشطين في العالم الافتراضي والذين كان لهم دور أساسي وفعال في عملية وصول رياح الربيع العربي إلى ليبيا بعد تونس ومصر، بحيث كنا نواكب وننقل على الأنترنت وبالتحديد على التويتر والفيسبوك كل التطورات لحظة بلحظة إلى المواطنين في ليبيا من خلال مشاهد الفيديوهات التي تصور الحركات الاحتجاجية والقمع الوحشي للنظام آنذاك، مما شكل حافزا هاما لدى شعبنا وحركت تلك المشاهد بداخلهم الرغبة في التحرر والانعتاق والنسج على منوال أشقائهم في تونس ومصر.
فلو لم نقم بعملية الشحن تلك للمجتمع الليبي، لكانت إمكانية اندلاع ثورة 17 فبراير ضعيفة جدا والدليل على ذلك أن رياح الربيع العربي لاحت في سماء تونس أولا ثم انتقلت إلى مصر قبل ليبيا.
وأنتهز الفرصة للإشارة إلى أن عبارة 17 فبراير التي ترمز للثورة الليبية اختارتها امرأة من داخل التجمع الليبي للحرية والديمقراطية الذي كان نشطا طيلة الثورة، وجاءت هذه التسمية احياءا لذكرى استشهاد شاب ليبي يدعى ربيع الشاعري برصاص الأمن في مظاهرة احتجاجية ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) سنة....
* باعتبار أن أي حزب لديه برنامج واستراتيجية سياسية واضحة المعالم، هل لكم أن توضحوا لنا المبادئ الأساسية التي انبنى عليها حزبكم؟
- من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الحزب الديمقراطي الليبي، مبدأ فصل المسجد عن السلطة وهذا مهم جدا من أجل بناء نظام ديمقراطي تعددي على شاكلة الأنظمة الغربية المتقدمة التي فصلت الكنيسة عن الدولة، وأنا شخصيا متأثر جدا بالنموذج الديمقراطي الأوروبي وسأسعى جاهدا لإرساء نظام على شاكلة هذه الأنظمة في ليبيا.
إلى جانب علمانية الدولة، نحن حزب لا يرى مانعا في الاعتراف بدولة إسرائيل، وقد أشرنا لذلك في برنامجنا دون حرج، لأن الاعتراف بإسرائيل في العلن وعلى مرأى ومسمع الجميع أفضل من الاعتراف بها في السر وانشاء علاقات اقتصادية معها تحت الطاولة مثلما فعلت كثير الدول العربية والإسلامية.. فنحن حزب يؤمن بالشفافية.
في السياق ذاته نحن ندعم حق عودة اليهود الليبيين إلى ليبيا، فهم مواطنون ليبيون مثل أي مواطن ليبي آخر ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس بغض النظر عن الانتماء العرقي أوالإيديولوجي ، مع الإشارة إلى أن العديد منهم كانوا قد شاركونا الجهاد ضد المستعمر الإيطالي الغاشم وهي حقيقة لا ينكرها أحد.
كما أريد أن أشير للتاريخ إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية لرمضان السويحلي أحد قيادات المقاومة للاستعمار آنذاك كان يهوديا واسمه رافييل لوزون ووقد أعدم في مصراته على يد القوات الإيطالية.
من جهة أخرى، فإن الحزب الديموقراطي يعطي مكانة مرموقة للمرأة الليبية التي خرجت في مصراته وبنغازي بكل جرأة تطالب بالحرية والديمقراطية.
* ألا ترى أن تأسيس حزب ينادي بالعلمانية ولا يجد حرجا في الاعتراف بإسرائيل هو أمر في غاية الغرابة في بلد اسلامي ، يفتقر إلى ثقافة العمل السياسي؟
- هذا فعلا ما لاحظته على الأقل في محيطي بمجرد اعلاني تأسيس الحزب الديمقراطي، حيث لاحت علامات الدهشة والاستغراب في الوجوه. فتأسيس حزب علماني ينادي بفصل المسجد عن الدولة قد يعتبره البعض بمثابة الكفر والإلحاد، وفي الحقيقة لا يقتصر الأمر على ليبيا، بل نجده في جل المجتمعات العربية الإسلامية، ويرجع ذلك إلى قصور عن الفهم الصحيح للمعادلة لدى البعض. وقد تلقيت عديد التهديدات بالقتل بعيد خروج الحزب الديمقراطي إلى العلن، كما أصدرت عديد التيارات اليمينية المتطرفة فتاوى تبيح تصفيتي.
أما بالنسبة لغياب ثقافة العمل السياسي في ليبيا، فهي تعد من أكبر تحديات الانتقال الديموقراطي التي كرسها نظام الطاغية القذافي إلى حد أن تأسيس حزب في فترة حكمه كان يعد جريمة، ناهيك عن غياب العمل النقابي ومكونات المجتمع المدني.
*ماهي القاعدة أو الفئة الاجتماعية التي يركز عليها الحزب الديمقراطي في عملية الاستقطاب؟
- استراتيجية الحزب هي مخاطبة الشباب في الشارع الليبي وهذه الكتلة تمثل أكثر من 70 بالمائة من الشعب الليبي.. مخاطبة العقل المتنور والمنفتح لشباب التويتر والفايسبوك الذين أطاحوا بالطاغية القذافي في ليبيا كما أطاحوا بنظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر.
* أي حزب سياسي لا يمكن أن يضمن وجوده دون تمويل، فما هي مصادر تمويلكم؟
- أولا لا بد أن أشير إلى أن عديد الجهات خاصة الخارجية قد عرضت علينا الدعم لكننا رفضناه لسبب بسيط وهو استحالة أن تقدم هذه الجهات خدماتها دون مقابل، وكما هو معلوم، فإن القبول بتمويلات من أطراف معينة يعني الارتهان لها بطريقة او بأخرى.
والدليل على عدم وجود دعم خارجي أو حتى داخلي للحزب، هو أنه إلى اليوم ليس لنا مقر رسمي ومقرنا الوحيد والذي نستطيع من خلاله أن نعرّف بأنفسنا للعالم هو موقعنا على الأنترنت.
* الموعد الانتخابي في ليبيا بات على الأبواب، فما هو مدى استعدادكم لدخول السباق الانتخابي؟
- لم نتخذ بعدُ قرارا.. وفي الواقع ليبيا بأكملها غير مستعدة للموعد الانتخابي المقبل، لأن الوضع في بلدنا مغاير تماما لما حصل في تونس ومصر. فمؤسسات الدولة انهارت بالكامل، ورغم ايجابيات هذا الوضع كالقطع نهائيا مع النظام السابق، إلا أنه أسقط البلاد في فوضى عارمة، سواء كانت فوضى السلاح أو الاشتباكات المسجلة بين المليشيات المتنازعة بين الحين والآخر.
اليوم لا يوجد قانون ينظم عمل الأحزاب، وحتى القانون الصادر للانتخابات مازال في حاجة إلى تعديل.
ومن وجهة نظري، ينبغي تأجيل هذه الانتخابات لمدة سنة على الأقل لإعطاء الوقت الكافي لحكومة الكيب الانتقالية لإعادة تركيز المؤسسات المحورية للدولة (الجيش والأمن والعدل وبسط الأمن) لأنه في غياب هذه المؤسسات لا يمكن انجاح الرهان الانتخابي.
وعلى المجتمع الليبي راهنا أن يلتف حول الحكومة الحالية التي تمثل المركز ويتخلى عن دعمه للأطراف الممثلة بالميليشيات لتعزيز دعائم النظام الحالي.
* قلتم قبل قليل أن الثورة الليبية على خلاف الثورة التونسية والمصرية قطعت نهائيا مع نظام القذافي، بماذا تفسرون إذن وجود مصطفى عبد الجليل الذي شغل منصب وزير العدل في نظام القذافي رئيسا لليبيا الجديدة؟.
- لقد سبق أن طالبنا كحزب بضرورة انسحاب مصطفى عبد الجليل، وأجدد بهذه المناسبة دعوته إلى تقديم استقالته لأنه بات عقبة في طريق الانتقال الديموقراطي وأصبح وجوده يشكل الثورة المضادة لأنه يعرقل ويتآمر على حكومة الكيب، وحماية لأزلام القذافي في الجلس الانتقالي المتآمرين على ثورة 17 فبرايرس. تحرير سرت ثم تراجع بعد ذلك.
فنحن لا نريد مسؤولا كان يشغل خطة وزير للعدل في زمن لاعدل فيه، وكان يغطي على جرائم القذافي الشنيعة في حق شعبه.
*على خلفية إعلان برقة إقليما فيدراليا يتمتع بالحكم الذاتي، ألا ترجحون وجود أياد خارجية تدفع بذلك الاتجاه لتقسيم ليبيا وتفتيت وحدتها؟
- تجدر الإشارة إلى أن الشعب الليبي يرفض ذلك تماما، والمنادون بالفيدرالية هم قلة وتحركهم ليس نابعا من حس وطني.
... هناك دون أدنى شك أياد خارجية قذرة تحاول العبث بالداخل الليبي ارتكازا على العامل القبلي في منطقة تتمتع بثروات نفطية، وتعمل على اغراء سكان شرقي طرابلس بالانقسام للسيطرة على تلك الثروات ولكي تشكل تمهيدا لامتداد نزيف الانقسامات إلى بقية الأقاليم للاجهاز على وحدة ليبيا ومركزية سلطة طرابلس، ما من شأنه أن يمكن البلدان التي جمدت بلايين الدولارات المهربة من القذافي وأبنائه وزبانيته إلى الخارج من التحلل من ارجاعها للسلطات الليبية في ظل غياب حكومة مركزية موحدة، وتأميمها مثلما فعلت مؤخرا دولة مالي.
مع العلم أن قيمة تلك الأموال التي تم تهريبها من الصندوق السيادي الليبي تقدر بحوالي 550 بليون دولار أمريكي تضاف إليها حوالي 120 بليون دولار من البنك المركزي الليبي.. ونحن نعلم أن عملية استعادة هذه الأموال ليست بالمهمة السهلة وتتطلب وقتا طويلا، لكن تلك الثروات هي من حق الشعب الليبي وبإذن الله ستعود إليه..
* كيف يمكن من وجهة نظركم تفادي انزلاق ليبيا إلى خندق التقسيم وربما الحرب الأهلية في الوقت الراهن؟
- في ظل غياب الوعي السياسي في صفوف المجتمع الليبي وعدم وجود نخب سياسية تشكل مرجعا في مثل هذه الظروف، يرى الحزب الديمقراطي ضرورة تدخل الأمم المتحدة للمساعدة في بناء -وليس بناء- نظام ديمقراطي يتماشى والخصوصيات المحلية، من خلال ارسال مبعوثيها لتقريب وجهات النظر والقيام بمصالحة وطنية شاملة مثلما تدخلت في جنوب افريقيا.
* بماذا تفسرون صعود التيارات الاسلامية في البلدان التي شهدت الربيع العربي ؟
- ردة فعل المجتمع العربي كانت منتظرة وطبيعية، لأنه بعدما عان الويلات من أنظمة استبدادية ورؤساء طغاة كان همهم الوحيد تكديس الثروات على حساب قوت المواطن العربي البسيط، الذي رزخ لعقود في غياهب الظلم والاستبداد بأياد مكبلة وأفواه مكممة، التجأ إلى التيارات الاسلامية واحتمى بالدين، معتبرا أن هذه الأحزاب تخاف الله ومن الصعب أن تسلبه حقه أو تتعدى على حرمة قوته، وهو الخطأ الفادح الذي وقع فيه المواطن العربي لأن هذه التيارات تتاجر بالدين، وهناك دول عربية خليجية على وجه التحديد كقطر دفعت باتجاه صعود التيارات الاسلامية في البلدان العربية من خلال قناة الجزيرة، تلك العصا السحرية، بايعاز من الدول الغربية، وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة غربية لتطويع الربيع العربي لصالحها.
هذا بالاضافة إلى أن جل الأنظمة السياسية في البلدان العربية كانت تستمد شرعيتها إما من خلال المؤسسة الدينية المأثرة في المجتمع العربي الإسلامي مثل النظام السعودي، وإما من المؤسسة العسكرية كمصر، أو عن طريق دولا غربية حفاظا على مصالحها.
إننا كحزب سياسي نريد أن نقطع نهائيا مع هذه الممارسات، فالشرعية الوحيدة لأي نظام سياسي بعد الربيع العربي يجب أن تكون عبر الصندوق..
* على مستوى علاقات ليبيا ببلدان الجوار كتونس ومصر، كيف تراها مستقبلا؟
- من المفروض أن تعول ليبيا على علاقاتها مع بلدان الجوار خاصة في اعادة بناء مؤسسات الدولة من خلال الاستفادة من التجربة الانتقالية التونسية وكذلك على مستوى اعادة انشاء البنية التحتية الليبية التي دمرت تماما والاستفادة من الخبرات التونسية والمصرية في مجال البناء والخدمات وخلق مواطن شغل جديدة، بدل جلب العمالة من بلدان آسيوية.
وأريد أن استغل الفرصة وأقدم باسم الحزب الديمقراطي والشعب الليبي الاعتذار لشعب تونس الكريم على التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر على الخط الحدودي من أطراف مشبوهة، كما أتقدم له بجزيل الشكر لكل التونسيين لأنهم فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم طيلة ثورة 17 فبراير.
أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا ل"الصباح"
أياد خارجية تعبث بالداخل الليبي.. وتسعى لتقسيم البلاد
نسعى لإرساء نظام علماني.. على شاكلة النموذج الأوروبي الاعتراف بإسرائيل علنا خير من التعامل معها سرا.. ونؤيد عودة اليهود الليبيين مصطفى عبد الجليل عقبة أمام الانتقال الديمقراطي.. وعليه الانسحاب أحمد شيباني مؤسس أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بالقذافي.. من نخبة الشباب الليبي التي درست بالخارج..
تحصل على الشهادة الجامعية في الهندسة المدنية بأمريكا وأكمل دراسته العليا في بريطانيا أين تحصل على الماجستير في هيكلة البناء ثم الدكتوراه في بناء قواعد المفاعل النووي.. متأثر جدا بالنموذج الديموقراطي الأوروبي، ويأمل في بناء نظام ديموقراطي تعددي على شاكلته في ليبيا..
الصباح التقته منذ أيام في تونس التي وصل إليها في زيارة خاطفة غير رسمية وتجاذبت معه أطراف الحديث حول التطورات في ليبيا ما بعد القذافي، ومواقف حزبه منها ورؤاه بشأن المستقبل.
وفي ما يلي نص هذا الحديث:

حاوره: محمد علي العوني

* كيف جاءت فكرة تأسيسكم للحزب الديمقراطي، الذي يعد أول حزب سياسي في ليبيا بعد الاطاحة بنظام الطاغية القذافي؟
- الحزب الديمقراطي تأسس بتاريخ 14 جويلية 2011، ولد من رحم التجمع الليبي للحرية والديمقراطية وهو عبارة عن تجمع من مجموعة من الليبيين معظمهم من الشبان الناشطين في العالم الافتراضي والذين كان لهم دور أساسي وفعال في عملية وصول رياح الربيع العربي إلى ليبيا بعد تونس ومصر، بحيث كنا نواكب وننقل على الأنترنت وبالتحديد على التويتر والفيسبوك كل التطورات لحظة بلحظة إلى المواطنين في ليبيا من خلال مشاهد الفيديوهات التي تصور الحركات الاحتجاجية والقمع الوحشي للنظام آنذاك، مما شكل حافزا هاما لدى شعبنا وحركت تلك المشاهد بداخلهم الرغبة في التحرر والانعتاق والنسج على منوال أشقائهم في تونس ومصر.
فلو لم نقم بعملية الشحن تلك للمجتمع الليبي، لكانت إمكانية اندلاع ثورة 17 فبراير ضعيفة جدا والدليل على ذلك أن رياح الربيع العربي لاحت في سماء تونس أولا ثم انتقلت إلى مصر قبل ليبيا.
وأنتهز الفرصة للإشارة إلى أن عبارة 17 فبراير التي ترمز للثورة الليبية اختارتها امرأة من داخل التجمع الليبي للحرية والديمقراطية الذي كان نشطا طيلة الثورة، وجاءت هذه التسمية احياءا لذكرى استشهاد شاب ليبي يدعى ربيع الشاعري برصاص الأمن في مظاهرة احتجاجية ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) سنة....
* باعتبار أن أي حزب لديه برنامج واستراتيجية سياسية واضحة المعالم، هل لكم أن توضحوا لنا المبادئ الأساسية التي انبنى عليها حزبكم؟
- من المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الحزب الديمقراطي الليبي، مبدأ فصل المسجد عن السلطة وهذا مهم جدا من أجل بناء نظام ديمقراطي تعددي على شاكلة الأنظمة الغربية المتقدمة التي فصلت الكنيسة عن الدولة، وأنا شخصيا متأثر جدا بالنموذج الديمقراطي الأوروبي وسأسعى جاهدا لإرساء نظام على شاكلة هذه الأنظمة في ليبيا.
إلى جانب علمانية الدولة، نحن حزب لا يرى مانعا في الاعتراف بدولة إسرائيل، وقد أشرنا لذلك في برنامجنا دون حرج، لأن الاعتراف بإسرائيل في العلن وعلى مرأى ومسمع الجميع أفضل من الاعتراف بها في السر وانشاء علاقات اقتصادية معها تحت الطاولة مثلما فعلت كثير الدول العربية والإسلامية.. فنحن حزب يؤمن بالشفافية.
في السياق ذاته نحن ندعم حق عودة اليهود الليبيين إلى ليبيا، فهم مواطنون ليبيون مثل أي مواطن ليبي آخر ويجب أن يتم التعامل معهم على هذا الأساس بغض النظر عن الانتماء العرقي أوالإيديولوجي ، مع الإشارة إلى أن العديد منهم كانوا قد شاركونا الجهاد ضد المستعمر الإيطالي الغاشم وهي حقيقة لا ينكرها أحد.
كما أريد أن أشير للتاريخ إلى أن رئيس الاستخبارات العسكرية لرمضان السويحلي أحد قيادات المقاومة للاستعمار آنذاك كان يهوديا واسمه رافييل لوزون ووقد أعدم في مصراته على يد القوات الإيطالية.
من جهة أخرى، فإن الحزب الديموقراطي يعطي مكانة مرموقة للمرأة الليبية التي خرجت في مصراته وبنغازي بكل جرأة تطالب بالحرية والديمقراطية.
* ألا ترى أن تأسيس حزب ينادي بالعلمانية ولا يجد حرجا في الاعتراف بإسرائيل هو أمر في غاية الغرابة في بلد اسلامي ، يفتقر إلى ثقافة العمل السياسي؟
- هذا فعلا ما لاحظته على الأقل في محيطي بمجرد اعلاني تأسيس الحزب الديمقراطي، حيث لاحت علامات الدهشة والاستغراب في الوجوه. فتأسيس حزب علماني ينادي بفصل المسجد عن الدولة قد يعتبره البعض بمثابة الكفر والإلحاد، وفي الحقيقة لا يقتصر الأمر على ليبيا، بل نجده في جل المجتمعات العربية الإسلامية، ويرجع ذلك إلى قصور عن الفهم الصحيح للمعادلة لدى البعض. وقد تلقيت عديد التهديدات بالقتل بعيد خروج الحزب الديمقراطي إلى العلن، كما أصدرت عديد التيارات اليمينية المتطرفة فتاوى تبيح تصفيتي.
أما بالنسبة لغياب ثقافة العمل السياسي في ليبيا، فهي تعد من أكبر تحديات الانتقال الديموقراطي التي كرسها نظام الطاغية القذافي إلى حد أن تأسيس حزب في فترة حكمه كان يعد جريمة، ناهيك عن غياب العمل النقابي ومكونات المجتمع المدني.
*ماهي القاعدة أو الفئة الاجتماعية التي يركز عليها الحزب الديمقراطي في عملية الاستقطاب؟
- استراتيجية الحزب هي مخاطبة الشباب في الشارع الليبي وهذه الكتلة تمثل أكثر من 70 بالمائة من الشعب الليبي.. مخاطبة العقل المتنور والمنفتح لشباب التويتر والفايسبوك الذين أطاحوا بالطاغية القذافي في ليبيا كما أطاحوا بنظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر.
* أي حزب سياسي لا يمكن أن يضمن وجوده دون تمويل، فما هي مصادر تمويلكم؟
- أولا لا بد أن أشير إلى أن عديد الجهات خاصة الخارجية قد عرضت علينا الدعم لكننا رفضناه لسبب بسيط وهو استحالة أن تقدم هذه الجهات خدماتها دون مقابل، وكما هو معلوم، فإن القبول بتمويلات من أطراف معينة يعني الارتهان لها بطريقة او بأخرى.
والدليل على عدم وجود دعم خارجي أو حتى داخلي للحزب، هو أنه إلى اليوم ليس لنا مقر رسمي ومقرنا الوحيد والذي نستطيع من خلاله أن نعرّف بأنفسنا للعالم هو موقعنا على الأنترنت.
* الموعد الانتخابي في ليبيا بات على الأبواب، فما هو مدى استعدادكم لدخول السباق الانتخابي؟
- لم نتخذ بعدُ قرارا.. وفي الواقع ليبيا بأكملها غير مستعدة للموعد الانتخابي المقبل، لأن الوضع في بلدنا مغاير تماما لما حصل في تونس ومصر. فمؤسسات الدولة انهارت بالكامل، ورغم ايجابيات هذا الوضع كالقطع نهائيا مع النظام السابق، إلا أنه أسقط البلاد في فوضى عارمة، سواء كانت فوضى السلاح أو الاشتباكات المسجلة بين المليشيات المتنازعة بين الحين والآخر.
اليوم لا يوجد قانون ينظم عمل الأحزاب، وحتى القانون الصادر للانتخابات مازال في حاجة إلى تعديل.
ومن وجهة نظري، ينبغي تأجيل هذه الانتخابات لمدة سنة على الأقل لإعطاء الوقت الكافي لحكومة الكيب الانتقالية لإعادة تركيز المؤسسات المحورية للدولة (الجيش والأمن والعدل وبسط الأمن) لأنه في غياب هذه المؤسسات لا يمكن انجاح الرهان الانتخابي.
وعلى المجتمع الليبي راهنا أن يلتف حول الحكومة الحالية التي تمثل المركز ويتخلى عن دعمه للأطراف الممثلة بالميليشيات لتعزيز دعائم النظام الحالي.
* قلتم قبل قليل أن الثورة الليبية على خلاف الثورة التونسية والمصرية قطعت نهائيا مع نظام القذافي، بماذا تفسرون إذن وجود مصطفى عبد الجليل الذي شغل منصب وزير العدل في نظام القذافي رئيسا لليبيا الجديدة؟.
- لقد سبق أن طالبنا كحزب بضرورة انسحاب مصطفى عبد الجليل، وأجدد بهذه المناسبة دعوته إلى تقديم استقالته لأنه بات عقبة في طريق الانتقال الديموقراطي وأصبح وجوده يشكل الثورة المضادة لأنه يعرقل ويتآمر على حكومة الكيب، وحماية لأزلام القذافي في الجلس الانتقالي المتآمرين على ثورة 17 فبرايرس. تحرير سرت ثم تراجع بعد ذلك.
فنحن لا نريد مسؤولا كان يشغل خطة وزير للعدل في زمن لاعدل فيه، وكان يغطي على جرائم القذافي الشنيعة في حق شعبه.
*على خلفية إعلان برقة إقليما فيدراليا يتمتع بالحكم الذاتي، ألا ترجحون وجود أياد خارجية تدفع بذلك الاتجاه لتقسيم ليبيا وتفتيت وحدتها؟
- تجدر الإشارة إلى أن الشعب الليبي يرفض ذلك تماما، والمنادون بالفيدرالية هم قلة وتحركهم ليس نابعا من حس وطني.
... هناك دون أدنى شك أياد خارجية قذرة تحاول العبث بالداخل الليبي ارتكازا على العامل القبلي في منطقة تتمتع بثروات نفطية، وتعمل على اغراء سكان شرقي طرابلس بالانقسام للسيطرة على تلك الثروات ولكي تشكل تمهيدا لامتداد نزيف الانقسامات إلى بقية الأقاليم للاجهاز على وحدة ليبيا ومركزية سلطة طرابلس، ما من شأنه أن يمكن البلدان التي جمدت بلايين الدولارات المهربة من القذافي وأبنائه وزبانيته إلى الخارج من التحلل من ارجاعها للسلطات الليبية في ظل غياب حكومة مركزية موحدة، وتأميمها مثلما فعلت مؤخرا دولة مالي.
مع العلم أن قيمة تلك الأموال التي تم تهريبها من الصندوق السيادي الليبي تقدر بحوالي 550 بليون دولار أمريكي تضاف إليها حوالي 120 بليون دولار من البنك المركزي الليبي.. ونحن نعلم أن عملية استعادة هذه الأموال ليست بالمهمة السهلة وتتطلب وقتا طويلا، لكن تلك الثروات هي من حق الشعب الليبي وبإذن الله ستعود إليه..
* كيف يمكن من وجهة نظركم تفادي انزلاق ليبيا إلى خندق التقسيم وربما الحرب الأهلية في الوقت الراهن؟
- في ظل غياب الوعي السياسي في صفوف المجتمع الليبي وعدم وجود نخب سياسية تشكل مرجعا في مثل هذه الظروف، يرى الحزب الديمقراطي ضرورة تدخل الأمم المتحدة للمساعدة في بناء -وليس بناء- نظام ديمقراطي يتماشى والخصوصيات المحلية، من خلال ارسال مبعوثيها لتقريب وجهات النظر والقيام بمصالحة وطنية شاملة مثلما تدخلت في جنوب افريقيا.
* بماذا تفسرون صعود التيارات الاسلامية في البلدان التي شهدت الربيع العربي ؟
- ردة فعل المجتمع العربي كانت منتظرة وطبيعية، لأنه بعدما عان الويلات من أنظمة استبدادية ورؤساء طغاة كان همهم الوحيد تكديس الثروات على حساب قوت المواطن العربي البسيط، الذي رزخ لعقود في غياهب الظلم والاستبداد بأياد مكبلة وأفواه مكممة، التجأ إلى التيارات الاسلامية واحتمى بالدين، معتبرا أن هذه الأحزاب تخاف الله ومن الصعب أن تسلبه حقه أو تتعدى على حرمة قوته، وهو الخطأ الفادح الذي وقع فيه المواطن العربي لأن هذه التيارات تتاجر بالدين، وهناك دول عربية خليجية على وجه التحديد كقطر دفعت باتجاه صعود التيارات الاسلامية في البلدان العربية من خلال قناة الجزيرة، تلك العصا السحرية، بايعاز من الدول الغربية، وهو ما ينضوي في إطار مؤامرة غربية لتطويع الربيع العربي لصالحها.
هذا بالاضافة إلى أن جل الأنظمة السياسية في البلدان العربية كانت تستمد شرعيتها إما من خلال المؤسسة الدينية المأثرة في المجتمع العربي الإسلامي مثل النظام السعودي، وإما من المؤسسة العسكرية كمصر، أو عن طريق دولا غربية حفاظا على مصالحها.
إننا كحزب سياسي نريد أن نقطع نهائيا مع هذه الممارسات، فالشرعية الوحيدة لأي نظام سياسي بعد الربيع العربي يجب أن تكون عبر الصندوق..
* على مستوى علاقات ليبيا ببلدان الجوار كتونس ومصر، كيف تراها مستقبلا؟
- من المفروض أن تعول ليبيا على علاقاتها مع بلدان الجوار خاصة في اعادة بناء مؤسسات الدولة من خلال الاستفادة من التجربة الانتقالية التونسية وكذلك على مستوى اعادة انشاء البنية التحتية الليبية التي دمرت تماما والاستفادة من الخبرات التونسية والمصرية في مجال البناء والخدمات وخلق مواطن شغل جديدة، بدل جلب العمالة من بلدان آسيوية.
وأريد أن استغل الفرصة وأقدم باسم الحزب الديمقراطي والشعب الليبي الاعتذار لشعب تونس الكريم على التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر على الخط الحدودي من أطراف مشبوهة، كما أتقدم له بجزيل الشكر لكل التونسيين لأنهم فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم طيلة ثورة 17 فبراير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.