ميثاق لأخلاقيات المهنة في كل هيكل عمومي أكد عبد القادر الزقلي الرئيس الأول لدائرة المحاسبات أن حسن التصرف في الأموال العمومية وصيانة المكاسب الوطنية يستدعيان وضع منظومة متكاملة للرقابة مع ضمان الاستقلالية والفاعلية لهيئة القضاء المالي. وقال الزقلي خلال ندوة علمية نظمتها دائرة المحاسبات تحت عنوان» القضاء المالي دعامة لحسن التصرف في المال العام وأساس للحوكمة الرشيدة»، أن وضع منظومة للرقابة بخبرة دائرة المحاسبات على ذمة المجموعة الوطنية يسمح للسلطتين التنفيذية والتشريعية الاستنارة بآراء الدائرة وجعل أعمالها سندا للمساءلة الحقيقية حول توظيف المال العمومي والتصرف فيه. وتناولت الندوة التي شارك فيها خبراء ومختصون في المحاسبة العمومية محاور تعلقت بالوظيفة القضائية لدائرة المحاسبات ومسألة الرقابة على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، إضافة إلى مسألة الاستقلالية لمحكمة المحاسبات وفقا للمعايير الدولية.
حسن التصرف في المال العام
أكد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي أنه من الواجب في الظرف الحالي المحافظة على الأموال العمومية وتوظيفها التوظيف الأمثل لتتمكن الدولة من مجابهة التحديات وتحقيق الحكم الرشيد. وأضاف أن دائرة المحاسبات جعلت لتكون الهيئة القضائية الداعمة لحق المواطن في التصرف العمومي الناجع والفعّال مضيفا أنها هيئة قضائية مستقلة لا ترجع بالنظر إلى سلطة سياسية معينة. وقال بن جعفر أن الرقابة المالية العليا التى تنجزها دائرة المحاسبات على الصعيدين المركزي والجهوي تستهدف سوء الإدارة وقلة الاحكام في تنفيذ البرامج والمشاريع ولكن لا ينبغى أن يفهم ذلك على أنه إثارة للشبهة حول تصرف المسؤولين وغيرهم من المتدخلين في تسيير الشأن العام وإنما حفز على تشخيص الخلل لتتم معالجته مشيرا إلى أن الدولة فوق الجميع وعلوية القانون وإحكام التصرف في الأموال العمومية هي قاسم مشترك بين التونسيين. واعتبر رئيس المجلس التأسيسي أن المرحلة القادمة تقتضي مراجعة العديد من الخيارات وإعادة النظرفي الكثير من المسائل بخصوص التنظيم والإجراءات المعتمدة في منظومة التصرف في الأموال العمومية مؤكدا على أن الرقابة لا يمكن أن تشكل سدا منيعا ضد كل مظاهرالخلل والتقصير. وطلب بن جعفر أن يتم اعتماد ميثاق لأخلاقيات المهنة في كل هيكل عمومي يكون ملزما لكافة العاملين به واعتماد خطة متكاملة لمقاومة الفساد وسوء التصرف في الإدارات والمؤسسات العمومية عبر مؤشرات وتقرير دوري حول الأهداف التى تم تحقيقها مضيفا أن إصلاح منظومة التصرف في الأموال العمومية يقوم على أسس عديدة منها دعم استقلالية الهيئة القضائية المالية العليا وظيفيا وماليا وإداريا وكذلك إضفاء الصبغة الدستورية على وظائفها لتكون ساهرة على سلامة وحسن التصرف في الأموال. وفي نفس السياق أكد بن جعفر على تدعيم قدرات دائرة المحاسبات للقيام بدورها الرقابي لدعم الشفافية في التصرف العمومي وفاعليته لتحفيز الإستثمارات الداخلية من جهة ولاستقطاب الاستثمارات الأجنبية بالإضافة إلى تطلع قضاة دائرة المحاسبات إلى التنصيص على المؤسسة الرقابية في الدستور الجديد وإعطائها المكانة الملائمة للقيام بمهامها وفقا لمتطلبات الانتقال الديمقراطي الذي تشهده بلادنا.
الوظيفة القضائية لدائرة المحاسبات
وبخصوص الوظيفة القضائية لدائرة المحاسبات ذكر المستشار مراد بن قسومة أن دائرة الزجر المالي أصدرت 23 تقريرا سنويا منها 21 نشرت بالرائد الرسمي التونسي وأضاف أن دائرة الزجر المالي تتطلع إلى مراجعة النصوص المتعلقة بما يمكنها من شمولية النظر في مجالات التصرف في المرافق العامة للتوفيق بين تكريس الضمانات للعون العمومي محل التتبع لديها وصون ممتلكات المجموعة الوطنية. وبدوره اعتبر لطفي الثائري أن دائرة المحاسبات تضطلع بصنفين من المهام حيث تكتسي الوظيفة القضائية لدائرة المحاسبات أهمية بالغة في إطار مساهمتها في تكريس نظام المسؤولية في مجال المالية العمومية والرفع من شفافية حسابات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، كما أن الرقابة تمثل أداة لحفز المحاسبين على تحصيل الإيرادات العمومية التى عهد لهم باستخلاصها وعلى التأكد من استيفاء الشروط القانونية قبل تأدية النفقات. ولاحظت شيراز التليلي أن التصرف في موارد الدولة تشوبه بعض الإخلالات فيما يتعلق بتلف التجهيزات وضعف الصيانة وتواتر الاعتداءات على الملك العام والخاص بالإضافة إلى إخلالات تتعلق بإسناد الصفقات والمشاريع وتنفيذها إضافة إلى التأخير في انجازها في بعض الأحيان. كما أكدت على ضرورة الارتقاء بدائرة المحاسبات حتى تساهم مساهمة فعالة في التوظيف الأمثل للموارد العمومية ويكون المال العام وسيلة لتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة وأداة لضمان كرامة التونسيين. وعلى صعيد اخر اعتبر القاضي أحمد الرحموني أن مسألة استقلالية محكمة المحاسبات تكتسي أهمية بالغة في المنظومة القضائية ولها أبعاد منها الاستقلالية الوظيفية والمالية عن بقية السلطات بالإضافة إلى التأكيد على تمكين قضاتها من الضمانات الكافية في كل ما يتصل بممارسة وظائفهم وعدم إخضاعهم إلا لسلطة القانون مؤكدا كذلك على أهمية تعزيز المكانة الدستورية للقضاء المالي وذلك عبر التنصيص على تلك المسألة في الدستور الجديد.