اصدرت الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام بلاغا هذا نصه: "تحذر الهيئة الوطنية لإصلاح الاعلام والاتصال من خطورة التصريحات الصحفية المتواترة لقياديين في حركة النهضة من بينهم رئيسها السيد راشد الغنوشي بشأن اتخاذ "اجراءات راديكالية في حق الاعلام مثل خصخصة المؤسسات الاعلامية العمومية" التي ضحى الشعب التونسي من اجل بنائها اثر الاستقلال وحررها من قبضة حاكم فاسد ومستبد يوم 14 جانفي 2011. فبعد تلويح النائب عامر العريض في حوار تلفزي على القناة الوطنية الاولى يوم 16 افريل الى امكانية التفريط في الاعلام العمومي لرأس المال الخاص اكد رئيس حركة النهضة، في حديث نشرته صحيفتا "الشرق" القطرية و"عمان" الصادرة في سلطنة عمان يوم الاربعاء 18 افريل، مفاده ان قيادة هذا الحزب الماسك بزمام الائتلاف الحكومي بصدد التفكير في "اجراءات راديكالية في حق الاعلام من بينها الخصخصة" قبل ان يتساءل السيد الغنوشي: "لماذا تبقي الديمقراطيات المعاصرة على الاعلام الرسمي؟" ويتهم "قطاعا واسعا من الاعلام بالانقلاب على ارادة الشعب". وازاء هذه التصريحات المحيرة والخطيرة، ترى الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال التي ستقدم تقريرها العام نهاية الشهر الجاري لاصحاب القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية والرأي العام، ان من واجبها توضيح ما يلي: ان كل الدول الديمقراطية التي اطلعت الهيئة على تجاربها في مجال تنظيم قطاع الاعلام واصلاحه في مختلف انحاء العالم تحافظ على اعلامها العمومي خاصة الاعلام السمعي والبصري وتدعمه، ومن بينها جنوب افريقيا ودول الاتحاد الاوروبي وكندا والولايات المتحدةالامريكية واستراليا. ان هذه الدول لا تملك اعلاما رسميا بل انها عملت على العبور من ذلك التصور الحكومي المقيد لحرية الاعلام نحو مؤسسات اعلامية عمومية تساهم باستقلالها وحيادها ازاء كل مراكز النفوذ في خدمة المواطن وتنمية الوعي باهمية الديمقراطية والتعددية في تأمين مستقبل افضل لشعوبها. ان الدول التي مرت بتجربة الانتقال الديمقراطية التي تشهدها حاليا تونس، مثل البرتغال واسبانيا وبولونيا وتشيكيا واندونيسيا لم تفرط في اذاعاتها او تلفزاتها العمومية للخواص رغم تعثر ادائها وافتقار العاملين بها لمهارات مهنية عالية وبثها برامج نقدية لاذعة للماسكين بزمام الحكم في السنوات الاولى للانتقال الديمقراطي. ومع ذلك لم يتردد قادة هذه الدول في الاسراع وهو ما لم يحدث للاسف الى حد الان في تونس نحو تفعيل النصوص القانونية الجديدة الخاصة بالاعلام والاتصال السمعي والبصري وفقا للقيم والمعايير الدولية لحرية التعبير. ان مسار اصلاح قطاع الاعلام الذي تعرض في العقدين الماضيين لعملية تدمير وافساد لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصحافة التونسية لا يمكن ان تكلل بالنجاح دون ارادة سياسية صادقة تعزف عن كيل التهم الظالمة للصحفيين واتباع نفس الاسلوب الذي اعتمده مستشارو الرئيس السابق بن علي في تعيين مديري المؤسسات الاعلامية العمومية ومجالس اداراتها. وعوضا عن ذلك يجب تمهيد السبل للهياكل المستقلة لاجراء تشخيص وتدقيق شاملين لسوء التصرف والفساد الذين نخرا قطاع الاعلام ولفتح باب الحوار الجدي مع اهل المهنة والخبرة من اجل حماية حق المواطن التونسي في اعلام حر وتعددي وملتزم بمعايير المهنة الصحفية واخلاقياتها. تؤكد الهيئة الوطنية لاصلاح الاعلام والاتصال رفضها التام للتصريحات الاخيرة سواء كانت مقصودة او انها جاءت في اطار مزيد الضغط على الصحفيين. وبدل اللجوء الى هذا الاسلوب، كان من الاجدى ان يتم اطلاق سراح المرسومين عدد 115 و116 المتعلقين باصلاح الاعلام وارساء الهياكل المستقلة لتنظيمه والتفكير في سبل تطوير الاعلام العمومي باعتباره قاطرة اساسية بدونها لا ينفع التفكير في الاصلاح".