تكرّرت عمليات غلق مصبات الفضلات المراقبة منذ اندلاع الثورة بسبب اعتصام الأهالي واحتجاجهم على هذه المراكز التي يعتبرونها خطرا على صحتهم وعلى محيطهم البيئي، فقد وقع إغلاق مصبّ النفايات بقلالة (جربة) الذي لم يفتح إلا بعد تدخل وزيرة البيئة التي قدّمت حلولا لذلك المشكل، بالإضافة إلى غلق المصبّ المراقب لمعالجة النفايات بالنخيلة من منزل بوزلفة وجرادو من ولاية زغوان. وتسبّب استمرار غلق هذين المصبّين في وجود «كارثة بيئيّة» حسبما صرحّ به رئيس جمعية SOS للبيئة مرشد قربوج. أكد المهندس البيئي مرشد قربوج ل"الأسبوعي" انتشار المصبات العشوائيّة في ظلّ إغلاق مصبّي جرادو والنخيلة. وذكر أنّ المصبات العشوائيّة تنتشر خاصّة في الضيعات الفلاحيّة والأودية مؤكّدا أنّ البحار لم تسلم كذلك من النفايات المنزليّة والصناعيّة. وعن مكان هذه المصبات العشوائيّة، فضل محدّثنا عدم ذكر المواقع بالتفصيل بهدف عدم إثارة مخاوف المواطن، لكنّه أشار إلى الضيعات الفلاحية الموجودة بين قربة وبني خلاد بالإضافة إلى الشواطئ الكائنة بين تازركة ونابل والتي مثلت مصبا للنفايات بأنواعها. مصبات مجهولة الموقع! وعن مصير النفايات الصناعية التي كانت تعالج في مصبّ جرادو، ذكر رئيس جمعية SOS للبيئة أنّ أصحاب المصانع أكدوا حفظ تلك النفايات بالمصانع مثلما كان معمولا به سابقا أي قبل إنشاء مصبّ جرادو. لكنّ محدّثنا أكد عدم ثقته في تصريحاتهم، قائلا: «أستبعد تخزين تلك النفايات في المصانع، فمن المؤكد أنّه يقع إلقاؤها في مصبات عشوائيّة وهو ما يمثّل خطورة على صحّة المواطن». ودعا في هذا الإطار أصحاب المصانع إلى البوح بالحقيقة حتى يقع البحث في حلول فاعلة لهذا المشكل. من جهة أخرى، أشار قربوج إلى مياه الرشح أي عصير النفايات «التي تعتبر أكثر خطورة من مياه الديوان الوطني للتطهير بعشرات المرات»، على حدّ قوله. وقال في هذا الإطار: «إنّ الديوان الوطني للتطهير يرفض تخزين مياه الرشح لما لها من تأثيرات سلبيّة خاصّة على المائدة المائيّة، فما بالكم بإلقاء هذه المياه في البحر والأراضي الفلاحيّة». وأكد أنّ انتشار المصبات العشوائيّة يمثّل خطرا فادحا على المائدة المائيّة مما يتسبّب في تلوّث مياه الشرب وكذلك الخضر والغلال. وأشار في هذه الإطار إلى موت أبقار وخرفان بسبب شربها لهذا النوع من المياه رافضا الإفصاح عن مكان وقوع ذلك حتى «لا تقع إثارة مخاوف المواطن»، على حدّ تعبيره. لكنّه أكد أنّ وزارة البيئة والوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات على علم بكلّ ذلك وبأنّهم بصدد البحث عن حلول. «لا للقرارات الفوقية» هذه المشاكل البيئيّة - التي لم نسمع عنها زمن المخلوع بسبب حصر البيئة في شخص «لبيب» الرمزي- موجودة في عدّة مناطق من الجمهوريّة بما في ذلك المنستير وجربة وقد أصبحنا نسمع عنها بفضل اعتصامات الأهالي المتكرّرة احتجاجا على وجودها بجانب مقراتهم السكنيّة. في هذا الصدد، أكد رئيس جمعيّة SOS للبيئة أنّ عدم اعتماد أسلوب الحوار مع أهالي الجهة التي يقع فيها فتح مصبّ للنفايات يعتبر من أسباب هذه المشاكل. وأشار من جهة أخرى إلى البلدان المتقدّمة التي تستشير جميع الأطراف المعنية من مواطنين ومنظمات وجمعيات بيئيّة بهدف إيجاد حلّ توافقي قبل إنشاء مصبّ. وقال في هذا الإطار: «لو لم يقع اتباع أسلوب القرارات الفوقية لَما وصلنا لِما نحن عليه اليوم، وأمام مواصلة غلق مصبّي جرادو والنخيلة، تجد الدولة نفسها معرّضة لخسارة مادية فادحة، هذا باستثناء الخطر الصحي الذي يهدّد الكائنات الحيّة من حيوان ونبات وإنسان».. ودعا في هذا الإطار إلى وجوب إيجاد حلول عاجلة نظرا إلى قدوم فصل الصيف الذي يتميّز بارتفاع نسبة النفايات فيه، وهو ما سيؤدّي إلى ارتفاع كميات مياه الرشح، التي سبق وأن تحدّثنا عن خطورتها.