المعارضة تتهمها بالاستحواذ على مفاصل الدولة وصف حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة تركة النظام السابق بالدمار الشامل في بعديه السياسي والاجتماعي. وذلك أثناء عرضه أمس لبرنامج الحكومة لسنة 2012 في جلسة عامة انعقدت امس بالمجلس الوطني التأسيسي. واستعرض الجبالي تصورات عمل الحكومة على المدى المتوسط والذي يمتد الى حدود 2018 مع تقديم استشراف لإستكمال بناء دولة عصرية في حدود 2030. ورمى رئيس الحكومة الكرة في ملعب المجلس الوطني التأسيسي في ما يخصّ التعجيل بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات تشرف على تنظيم الانتخابات المقبلة علما انه اقترح موعدا انتخابيا في الفترة المتراوحة بين ربيع وصائفة 2013 ، كما دعا المجلس الى تفعيل الهيئة المستقلة للإعلام. وذكر الجبالي في محور ثان من بيانه أنه من المنتظر أن يتمّ تعيين المجالس الجهوية للبلديات في إطار التوافق والتشاور. ولم يفوّت رئيس الحكومة على نفسه فرصة التعرض الى علاقة الحكومة بالاعلام، داعيا «رجالات الاعلام الى أن يتصالحوا مع ثورتهم وشعبهم». على حدّ قوله. وذكر أن « البلاد في مرحلة مخاض وعلى الكبار أي الكبار في الحكمة وليس في السنّ- هناك كبار في السنّ تنقصهم الحكمة- ان يجمعّوا و لا يفرّقوا أبناء هذا الشعب».
المعارضة تقيم
رأى محمد الحامدي رئيس الكتلة الديمقراطية أن برنامج الحكومة «غابت عنه اي مراجعة حقيقية لمنوال التنمية القديمة سبب المشاكل التي نعيشها اليوم، كما لم يكن خطابا حاملا لرسائل حقيقية بقدر ما كان مطمئنا للرأي العام». واعتبر «التعيينات التي تحدث عنها رئيس الحكومة مواصلة في توّجه الترويكا نحو الاستحواذ على مفاصل الدولة وزرع المحسوبين على حركة النهضة في مؤسسات الدولة.. واصفا هذا التوجه بالأمر السيئ بالنسبة للديمقراطيات الناشئة فهو يعيدنا الى منطق ادماج الحزب في الدولة وهو من أخطر ادوات الاستبداد التي اعتمدها النظام السابق.. فكأنّ الائتلاف الحاكمة يريد القفز على الوضعية المؤقتة وتحويلها الى وضعية دائمة». وبيّن الحامدي ان الكتلة الديمقراطية متخوفة من توظيف الإدارة وأجهزتها في المعركة الانتخابية القادمة، مستغربا من حديث الحكومة المؤقتة عن برنامج متوسط المدى يمتدّ الى 2018. وعن تحديد موعد الانتخابات القادمة قال الحامدي «ان الائتلاف الحاكم لم يرد ضبط الموعد الانتخابي في البداية غير انّ الصعوبات التي واجهتها الحكومة في إدارة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كان وراء حرصها الحالي على تحديد الموعد الانتخابي». وفيما يتعلق بإحداث هيئة مستقلة للإنتخابات شدد على ان تدفع المعارضة في اتجاه إصدار قانون انتخابي ثم تشكيل هيئة عليا». من جانبها أشارت النائبة نادية شعبان الى ان البرنامج الحكومي هو برنامج حملة انتخابية غير واقعي ورأت ان اعتزام بناء 30 ألف مسكن بقيمة 100 مليون دينار أمر مستحيل لا يمكن تحقيقه بالنظر الى كلفة بناء المساكن اليوم. ولاحظت غياب أية مؤشرات للعدالة الجبائية في البرنامج الحكومي.. أوآليات فعلية لمقاومة الفساد وبذلك فهو برنامج «نوايا لا انجازات».
الترويكا..
وانتقد ازاد بادي عن كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية البيان الذي القاه رئيس الحكومة قائلا إنه لا يختلف كثيرا عن البيان الذي سبق وألقاه في ديسمبر الفارط، واعتبره اعلان نوايا اكثر منه برنامجا فعليا تفصيليا وقال: « الجلسة العامة أريد لها ان تكون صورية مثل سابقاتها يقتصر دور النواب فيها على ابداء الرأي». على حدّ قوله. وعن رمي رئيس الحكومة الكرة للمجلس التأسيسي بشأن تشكيل هيئة مستقلة للانتخابات رأى بادي أن ذلك «أصبح أمرا متداولا في الفترة الأخيرة لان الحكومة تريد التنصّل من مسؤولياتها وإلقائها في سلّة التأسيسي لكن في حقيقة الأمر الحكومة تعمل على جعل دور المجلس فرعيا لا أصليا وكان ذلك بيّنا في الجلسات العامة الأخيرة للمجلس». وأوضح بادي بأن :» حسم تاريخ الانتخابات لن تحدده لا الحكومة ولا التأسيسي لان المحدد الفعلي لهذا التاريخ هو إتمام انجاز الدستور الذي سيحدد طبيعة نظام الحكم والذي بمقتضاه سينجز القانون الانتخابي قبل المرور الى الانتخابات». واستبعد نائب المؤتمر من أجل الجمهورية تنظيم الانتخابات في مارس 2013 نظرا لأنه لم يتم الى اليوم تكوين هيئة خاصة بالانتخابات زيادة على ان المجلس يحمل على عاتقه عديد المهام وعلى عكس ما صرّح به الجبالي فموعد الانتخابات سيتجاوز صائفة 2013 لينتظم نهاية السنة القادمة. ولاحظ خليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية انه رغم ان برنامج الحكومة تكتسي أساسا صبغة اجتماعية فإنه يبقى غير كاف مقارنة بالطلبات الاجتماعية الواسعة، واعترف ان هناك مجهودا إضافيا للتنمية الجهوية وان الدولة لا يمكنها تقديم أكثر من ذلك في الفترة الحالية.