شهدت مدينة مدنين خلال الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء اشتباكات بين قوات الأمن وعدد من المحتجين، تطورت إلى أعمال نهب وحرق وسرقات بالسلب أسفرت عن إصابة عشرة أعوان أمن ومواطنين اثنين وإيقاف ستة أشخاص وحرق أرشيف الشرطة الفنية وبقايا حواسيب زال الانتفاع بها وعشرات المتضررين من عمليات سلب. وقالت مصادر رسمية ل"الصباح" إن المعطلين عن العمل بالجهة دعوا إلى إضراب قطاعي يوم الاثنين للاحتجاج على تهميش الجهة والمطالبة بحقها المشروع في التنمية والتشغيل، وهو ما حصل فعلا من خلال الاعتصام بطريقي تطاوين وبني خداش وغلقهما أمام مختلف وسائل النقل في انتظار قدوم الوالي لتقديم طلباتهم. والي مدنين توجه فعلا إلى حيث اعتصام طريق تطاوين وتحاور مع المحتجين دون أن تقع أية تجاوزات تذكر ثم توجه إلى طريق بني خداش حيث الاعتصام الثاني في محاولة للاستماع لمشاغل المحتجين والتحاور معهم، غير أن بعض ممن اندسوا بين المعطلين عن العمل ارتكبوا تجاوزات، وتوجهوا نحو الوالي بعبارات الشتم والسب ورفعوا في وجهه عبارة"ديقاج" قبل أن يعتدي عليه البعض بالعنف، ويتم احتجازه لمدة ثلاثين دقيقة وهو ما استوجب تدخل قوات الأمن لتأمين خروجه من المكان. وحسب نفس المصدر فإن أعوان الشرطة أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع"لا كريموجان" بعد استنفاد الحلول الودية قصد تفريق المحتجين ثم نقلوا الوالي إلى مكان آمن، ولكن يبدو أن هذا التدخل الأمني لم يعجب البعض(مصادرنا قالت إنهم منحرفون ومن ذوي السوابق العدلية ولا علاقة لهم بالمطالب المرفوعة والمشروعة من طرف المعطلين عن العمل) فرشقوا قوات الأمن بالحجارة وأشعلوا الإطارات الأمنية وسط الطريق وحاولوا حرق مركز الشرطة الجوهرة، ثم تعمدوا خلع إحدى المقاهي واستولوا من داخلها على قارورة غاز قصد تفجيرها وسط الطريق أو استغلالها في إشعال الإطارات المطاطية ولكن أعوان الحماية المدنية تدخلوا في الحين وأبطلوا مفعولها، قبل أن يقوم أحدهم برشق مقر أرشيف الشرطة الفنية(قديم) بزجاجة حارقة وإضرام النار فيه عبر الجهة الخلفية. وبالتوازي مع ذلك قام عدد ممن قالت مصادرنا إنهم قطّاع طرق بارتكاب عشرات"البراكاجات" على طريق بن قردان وطريق قابس الراجعتين بالنظر لمصالح الحرس الوطني، حيث سلبوا مواطنين فرنسيين كانا يشحنان خيولا نحو ليبيا وأصابوا احدهما في يده، كما سلبوا أصحاب عدة سيارات ليبية غنموا إثرها مبالغ مالية متفاوتة. هذه الأحداث خلفت إصابة مواطنين اثنين أحدهما أصيب بقنبلة غاز مسيل للدموع في الأذن وعشرة أعوان أمن إصابة اثنين منهم بليغة إضافة إلى إيقاف ستة أشخاص أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ بأربعة منهم وإطلاق سراح اثنين. مصادرنا أشارت إلى أن عددا ممن تسببوا في هذه الأحداث التي لا تمت بصلة للمعطلين عن العمل- الذين عبروا عن مطالبهم بطريقة سلمية وحضارية- كانوا تحت تأثير مواد مخدرة ويبدو أن مروجا قاطنا ببني خداش كان وراء تشجيعهم على إرباك الوقفة الاحتجاجية وتحويلها إلى اشتباكات مع أعوان الأمن من خلال تزويدهم بقطع مخدرة ومبالغ مالية حتى يخلو الجو له لارتكاب جرائمه وهو ما حصل فعلا، والأكيد أن مواطني مدنين الذين كانوا من الاوائل في الثورة على النظام البائد لن يقبلوا بتشويه احتجاجاتهم واعتصاماتهم السلمية المشروعة.