تم تأجيل النظر في ملف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكثر من مرة مع حكومة الجبالي رغم تأكيد المتابعين للشأن العام في أكثر من مناسبة على ضرورة تحديد تركيبتها واهمية التسريع في اعادة تفعيلها نظرا لارتباط مستوى عملها واستقلاليتها بنجاح المسار الديمقراطي.. وأدى تحديد رئيس الحكومة حمادي الجبالي خلال كلمته الأخيرة أمام أعضاء المجلس التأسيسي لموعد الانتخابات القادمة بين ربيع وصائفة سنة 2013..الى تداول أكثر من تصور لتركيبة هيئة الانتخابات أبرزها ما تم تداوله مؤخرا في وسائل الاعلام ونسب الى حركة النهضة -الحزب الأغلبي في المجلس التأسيسي وفي الحكومة-..الذي ربط تركيبة الهيئة بالتمثيلية النسبية للكتل داخل المجلس التأسيسي..مقترح أثار عديد التحفظات.. فهل تتبنى الحكومة هذا الطرح ؟ وهل من الممكن أن نضمن استقلالية هيئة الانتخابات وشفافية عملها في اطار تركيبة تمثيلية للأحزاب..؟ أوضح عبد الرزاق الكيلاني الوزير المعتمد لدى الوزير الأول المكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني التأسيسي في اتصال مع «الصباح» أنه من المنتظر أن تعرض الحكومة على المجلس التأسيسي مشروع القانون الخاص بالهيئة المستقلة للانتخابات في الايام القليلة القادمة وذلك بعد تناوله بالنظر من قبل مجلس الوزراء. وأضاف قائلا :» مشروع هيئة الانتخابات الذي تم تناوله من قبل وسائل الإعلام ونسب الى حركة النهضة ليس نفس المشروع الذي تتبناه الحكومة فقد أدخلت عليه عديد التغيرات ووقع بلورته وسيكتشف الجميع خلال الأيام القادمة طبيعة مقترح الحكومة لتركيبة هيئة الانتخابات الجديدة.» المحاصصة تتنافى مع الاستقلالية من جانبه رأى بوبكر بن ثابت الكاتب العام السابق لهيئة الانتخابات أن «المهم في المرحلة الحالية هو الانطلاق الفعلي في العمل من أجل تحديد التصور الأفضل لهيئة مستقلة للانتخابات والتحديد الدقيق لموعد الانتخابات القادمة والابتعاد عن حلقة إرجاء الموعد بإرجاء آخر..» وعن تركيبة الهيئة قال بن ثابت: « ان الفترات الانتقالية لا تحتمل أي محاصصة سياسية في الهيئات المستقلة لأن ذلك يتنافى مع مبدأ الاستقلالية ويجعل من مبدأ الثقة محل تساؤل وهو ما قد يحد أيضا من نجاعة العملية الانتخابية.» وأضاف: «الأكيد أن الانسان الذي يريد ضمان ظروف نجاح العملية الانتخابية هو من يسعى خلال تحديده لتركيبة الهيئة الى المزج بين عنصر الخبرة والكفاءة والاستقلالية وغيرها من العناصر التي توفر أكثر ما يمكن من حظوظ النجاح.» وبين الكاتب العام السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنه على الحكومة أن تدير نقاشا مفتوحا بين مختلف مكونات المجتمع السياسي والمدني من أجل انجاح العملية الانتخابية.. واعتبر أن كل بلد يقوم بتحديد تركيبة هيئة الانتخابات بما يلائم خصوصياته التاريخية والتجارب عديدة ومختلفة.. وتابع قائلا:» تونس تمتلك التجربة في مجال هيئة مستقلة للانتخابات.. ومن الايجابي تطويرها لكن اعادة ترتيبها من البداية أمر غير مطلوب وفيه الكثير من إضاعة الوقت.» وأشار بن ثابت أن الإشكال « لا يكمن في طريقة تعيين أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات بقدر ما يكمن في ضرورة أن يكون أعضاء الهيئة محل توافق فمسألة التشاور مسألة ضرورية في تحديد تركيبة الهيئة». مفاجأة وعّبر عبد الرزاق الهمامي أمين عام حزب العمل الوطني الديمقراطي عن تفاجئه بالمقترح الذي نسب الى حركة النهضة واعتبره مخل بالتمشّي العام المتفق عليه للهيئة المستقلة للانتخابات ورأى أنه تكريس لمبدأ وضع اليد للأحزاب الموجودة حاليا في الحكومة على هيئة الانتخابات وذلك من شأنه أن يطعن في حياديتها. وأضاف ان الشرط الأساسي الذي يجب أن يتوفر في هيئة الانتخابات هو «مبدأ التوافق وعدم الاحتراز على أحد عناصرها فالمسألة أكبر من الحكومة ومن المعارضة يتم تحديدها في اطار حوار جدي تشاوري يعطي دفع للمرحلة الانتقالية الثانية.» وعن الكتلة الديمقراطية في المجلس التأسيسي قال منجي الرحوي أن لا مانع في تقديم الحكومة لمقترح خاص بالهيئة المستقلة للانتخابات ولكن عليها أن تتفاعل في ذلك مع مكونات المجتمع المدني وأن لا تكون صاحبة المبادرة الوحيدة «فالأساس في رأيي هو التوافق» ولا يمكن أن تنجح المرحلة الانتقالية إلا في اطار تبادل المواقف والمقترحات والأخذ بعين الاعتبار لجميع التصورات مع التخلي عن غرور السلطة.