قرار استثنائي من الفيفا ...تعرف عليه    وفاة شابة بطلق ناري في الكاف: العثور على ورقة ترجح فرضية الانتحار    تعزيز التعاون بين تونس والصندوق العربي للانماء الإقتصادى والاجتماعى، محور لقاء وزير الإقتصاد بالمدير العام للصندوق.    عاجل/ ايطاليا تصدر قانون جديد..وهذه التفاصيل..    بنزرت: حريق بمركب صيد بميناء الصيد البحري بجرزونة    ليبيا.. المتظاهرون يمنحون المجلس الرئاسي 24 ساعة لتنفيذ مطالبهم    الشرطة الألمانية تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    صفاقس: إعطاء إشارة الإنطلاق في إعداد مخطط التنمية الجهوي    الستاغ : تشغيل خط كهربائي جديد بين توزر وتوزر 2    جندوبة: تفكيك شبكة مختصة في ترويج سماعات الغش في الامتحانات    عاجل/ السجن لكهل تحرش ب 3 أطفال واعتدى عليهم..    عاجل/ حريق في مركب بميناء الصيد البحري بجرزونة..    عاجل/ إجلاء 71 مصريا من ليبيا اثر التوتر الأمني..    هام/ تمديد آجال العفو الاجتماعي ونظام التعويض عن أضرار حوادث الشغل..    فرنسا والسعودية تُطلقان تحضيرات مؤتمر حل الدولتين    حالة الطقس لهذا اليوم..    رحيل أسطورة السينما الجزائرية محمد لخضر حمينة    الفكر المستقيل    إحدى الشركات الرائدة عالميا في تطوير البرمجيات في مجال السيارات، تفتتح مركزا جديدا لها بالقطب التكنولوجي بصفاقس    الكاف: وفاة شابة بطلق ناري    طبيبة تفقد أبناءها التسعة في قصف إسرائيلي أثناء عملها بالمستشفى    أردوغان لمواطنيه : أرجوكم انجبوا 3 أطفال على الأقل    أمراض تهدد حياتك عند ضعف حاستي السمع والشم.. ما هي؟!    صدور قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بالرائد الرسمي    قاضية توقف قرار إدارة ترامب منع هارفارد من قبول الطلبة الأجانب    وزير التجارة يعاين استعدادات شركة اللحوم لتركيز نقطة بيع الأضاحي بالميزان    دار الثقافة ابن زيدون بالعمران .. برمجة ثرية في تظاهرة التراث والفن    تنبيه/ توقف جولان الخط "ت.ح .م" بين هاتين المحطتين..    الرابطة الثانية : الشبيبة في «الناسيونال» بعزيمة الأبطال: «القناوية» ومقرين وجندوبة في صراع مفتوح لتحقيق الصعود    مشروع "5/5": تجربة جديدة لتوزيع الفيلم القصير في قاعات السينما التونسية    صفاقس .. بسبب خلاف مع زوجته .. يقتل صهره بطعنة سكين ويلوذ بالفرار    أولا وأخيرا...«مخ الهدرة»    صفاقس جمعية المعارض والمؤتمرات الدولية تُمضي إتفاقية شراكة مع غرفة التجارة والصناعة بمصراتة    انطلاق فعاليات تظاهرة "ثقافات من العالم" بدار الثقافة ابن رشيق    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكأس لكرة اليد رجال: الترجي الرياضي يحرز المرتبة الثالثة بفوزه على منتدى درب السلطان المغربي 43-25    ''قصّيت شعري وغامرت''... باسكال مشعلاني تكشف كواليس أغنيتها الجريئة!    سيدي بوزيد: انطلاق موسم الحصاد وسط تقديرات بانتاج 290 الف قنطار من الحبوب    عاجل/ مبادرة تشريعية هامة تتعلق بتنظيم ضمانات القروض البنكية..وهذه التفاصيل..    موعد بدء إجازة عيد الأضحى في السعودية    وزير املاك الدولة: نسعى الى الانتقال الى مرحلة الكتب والامضاء الالكترونيين في كل المجالات ذات العلاقة بالسجل العقاري    السكر المضاف و أضراره    من قرطاج إلى رأس جدير: الديوانة تكشف تفاصيل إحباط محاولات تهريب ضخمة    تظاهرة ثقافية غدا السبت حول الفن والهوية بدار الشباب سيدي داود بالمرسى    عاجل: أشرف الجبري ''مكشخ'' لموسمين إضافيين    عاجل/بعد استقالة الهيئة التسييرية للافريقي: سمير الوافي يفجرها ويكشف..    السجن لنقابي أمني سابق من أجل هذه التهمة..    دليلك الكامل لتنسيق ألوان ربيع وصيف 2025: ألوان جريئة وعصرية ''تخليك تتألق''!    29 يوم فقط تفصلنا على بداية فصل الصيف    علاج طبيعي للاكتئاب دون أدوية...تعرف عليه    ''ضحكة كبيرة ونتيجة خطيرة'': لعبة التخويف تهدّد صحة طفلك!    فيفا تعاقب جامعة كرة القدم التونسية ب57 مليون ...وهذا هو السبب    دعاء يوم الجمعة 23 ماي 2025    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يعتذر بعد نفاذ الميداليات خلال حفل التتويج في الدوري الأوروبي    الاستيقاظ قبل رنين المنبه خطر.. دراسة تحذر وتكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تخصيص جوائز مالية قياسية لكأس العرب 2025 بقطر    هام/ "الستاغ" تشرع في جدولة ديون هؤولاء..    ملف الأسبوع...وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا .. الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ    









ليس للمسلمين علماء في العبادات والدستور مرجع المواطنين في المعاملات
نشر في الصباح يوم 11 - 05 - 2012

- (هذه رسالة مفتوحة إلى الداعية يوسف القرضاوي بصفته عند مريديه الأمين العام لعلماء المسلمين)
تأسس الإسلام بالوحي القرآني وبما، لم يوضع، باسم الرسول أو يحرّف، من أحاديثه من طرف الرواة والمتحدثين وأصحاب الهوى السياسي والذين هم كالمنجمين يؤولون مواضع الكواكب بمنطق من لم ير ولم يسمع، ويستشهد بغائب أو بغير ملموس.
انفرد الرسول المصطفى المبلّغ بالوحي، فكان الوحيد الأوحد، الأول والآخر الذي يمكن أن يوصف بأنه قد انفرد دون كل المسلمين في كل العصور بصفة العالم بالإسلام وقد اختارته لذلك العناية الإلهية، أما العالم بما في صدور المسلمين فهو الذات الإلهية، وهذا يعني بمنطق الإسلام بأن أي مسلم مهما علا شأنه، لا يمكن أن يكون عالماً بالدين، فكل مؤمن دينه يعلمه له من تكلّف به من الرسل، فمحمد بن عبد الله هو العالم بالإسلام، ولذلك فكل المسلمين منذ بعثته والى الآن، هم متساوون جميعاً في أنهم علماء بدين الإسلام في ما له صلة بالعبادات، لا فرق في ذلك بين مسلم من الصحابة وبين مسلم آخر في زمننا، (بين السني والشيعي وهما مذهبان طارئان، وبين مسلم ينتمي لحزب يتعاطى السياسة بمعزل عن الدين ومسلم يؤسلم السياسة ويُسيِّس الدين).. هناك مسلمون ديمقراطيون وهناك مسلمون إسلاميون. هم عند الله متساوون في دينه وأمامه، لكنهم كمواطنين يختلفون إلى حد التناقض في مسائل المعاملات، في المذاهب، الموقف من الخلافة، الدولة المدنية-الديمقراطية، المساواة في حقوق المواطنة وبين الجنسين، الحريات العامة، الشخصية والدينية والأكاديمية والإبداعية.. الخ.
الله وحده يعرف ما في ضمائر المسلمين، لذلك أقدم بدعة في الإسلام (وقد اقترنت بالفتنة بسبب المزج والفصل بين الدين والسياسة) هي بدعة تكفير المسلم للمسلم، وحتى الرسول جعله الله مبشراً ومنذراً وواعظاً، وجعل المسلمين متساوين في الكرامة، ليس لأي مسلم أن يدّعي تكليفاً إلهياً بالوصاية على عقل أو ضمير مسلم آخر، كل مسلم عالم بالإسلام لنفسه في إيمانه وعباداته والرسول وحده العالم بالإسلام، ومن يتشبّه به في ذلك ينتحل صفة، وهو أي الرسول لا يعلم الغيب الذي اختص به الله، فكيف يدّعي البعض من الدعاة العلم بالغيبيات ؟.
ورسول الإسلام المبلغ بالقرآن للمسلمين، فصل بين (الدين/الإسلام) والسياسة، فالله يحاسب المسلم على ما في ضميره ثوابا أو عقابا في الآخرة، لذلك اعتمد الرسول في المدينة (كحاكم سياسي) على مرجعية غير دينية (أي غير القرآن المقدس)، لقد اعتمد الصحيفة مرجعاً لحكمه السياسي وأصر على أن يحكم بناء على بيعة كل السكان وليس المسلمين فبويع بيعة مدنية سياسية، وهو لم يحتاج من المسلمين أن يبايعوه رسولاً بل طلب منهم أن يصدقوه وأن يؤمنوا بالله الواحد، فالله هو الذي اختار الرسول لهذا الدين.
وحيث تداخل في شخصية الرسول ما هو مقدس بما هو سياسي ومدني، حصل أن تغيرت عديد الأحكام (الناسخ والمنسوخ من الآيات) وحصل في عهد خلفائه في الحكم السياسي قيامهم بوقف تنفيذ أحكام وردت في آيات لرجاحة عقولهم.
إن كل المسلمين الرشد في كل العصور لا يحتاجون إلى العلماء. إن العلم في القرآن يعني توصل المسلم إلى الإيمان بالله وبالدين. أما أولئك الذين أحكموا باب الاجتهاد منذ القرن 4ه، حولوا الإسلام الموحد والواحد إلى إسلامات بعدد الطوائف والمذاهب والفرق، وأولئك الذين منذ قرنين ناهضوا وبشراسة قيم التطور والحداثة وشككوا في علوم عصرنا وفي القيم الكونية لإنسانياتنا وحرموا الفنون الجميلة وكفروا التفكير الحر والعلمي والأدبي والفني هؤلاء ليسوا بعلماء. العلماء اليوم هم مبدعو ومدرسو ومطبقو القوانين والمناهج العلمية في التعاطي مع الظواهر البشرية ومع ظواهر ومواد الطبيعة وكل ما له صلة بالحياة وبالتاريخ، مما يمكن البرهنة على وجوده أو على صوابه أو على نفعه أو ضرره، وعلوم هؤلاء العلماء حول الحياة والإنسان والطبيعة والتاريخ تختلف كلياً عمّا ينسبه المشتغلون بالعقائد الإيمانية ويصفون أنفسهم بالعلماء
والمسلمون حيث يتمتعون في دولة ديمقراطية حديثة بحقوق المواطنة المتساوية، لا يحتاجون في المعاملات إلى علماء في الدين أو بالإسلام، فالدستور والقوانين الوضعية التي تسن في دولة مدنية ونظام ديمقراطي، السيادة الكاملة فيه للشعب، تكون فيه كل الحقوق وكل الحريات مضمونة ومحمية للجميع من طرف الدولة، دولة الجميع ذات السلط الأربع المستقلة عن بعضها (السلطة الرابعة: الإعلام) في هذه الدولة المواطنون في المعاملات لا يحتاجون إلى علماء في الدين، بل يكتفون بعد مرجعية الدستور والقانون الوضعيين في نظام ديمقراطي إلى علماء يدرسون العلوم أو يطبقونها.
إن تسمية علماء المسلمين دون تفويض من المسلمين، لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يمثلون المسلمين كما لا يمثلون الإسلام فلكل مسلم أن يفهم الإسلام وأن يمارسه كما أبلغ به الرسول محمد بن عبد الله لا كما رواه أبو هريرة أو البخاري أو كما أوّله إبن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب أو حسن البنا أو يوسف القرضاوي..... ليس بين المسلم وربه واسطة..
منذ 1666 وقع فصل مفهوم العلم عن الدين، فالدين لا علم فيه ولا وجود لعلماء في العقائد الإيمانية والغيبية.. العلماء فقط يوجدون في المعارف المتخصصة والممنهجة وهي في غير السحر وفي غير الأديان.
المسلم حقا عرّفه النبي بأنه من سلم الناس وليس فقط المسلمون من يده (العنف المادي) ومن لسانه (العنف اللفظي) والإسلام كما بشر به النبي وعرّفه دين سماحة بلا نظير أي دين بلا رهبانية وما نراه من الدعاة وبعض الذين يوصفون بالعلماء لا يجرّمون في خطابهم الديني تكفير التفكير، ويهزؤون بالعلوم والفنون بل يحرمون الكثير منها... وبعضهم يغذي الفرقة ويوقد الفتنة.
الخطر اليوم على الإسلام وعلى المسلمين لا يأتي من الصليبية أو من أديان أخرى، بل من بعض المسلمين الذين يريدون فرض إسلامهم السياسي على المسلمين وفي السياسة والدولة بسلاح التكفير أو بسلاح العنف إلى درجة أنهم اختاروا أن يتميزوا عن المسلمين حتى بابتداع تسمية تفرقهم عنهم وهي الإسلاميون.
الإسلام اليوم عند المسلمين العقلاء مع الحرية ومع الإبداع والمساواة ومع العلم والفن وكرامة الإنسان.
مفكّر وباحث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.