استهل الشيخ "يوسف القرضاوي" رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين زيارته إلى تونس بالمشاركة في اجتماع شعبي احتضنته قبة رادس بولاية بن عروس , و شارك في هذا الاجتماع الذي حضره الآلاف من المواطنين قادة من حركة النهضة في مقدمتهم رئيس الحركة الشيخ " راشد الغنوشي " و الدكتور " ابو يعرب المرزوقي " إضافة إلى عدد من الشيوخ و العلماء المسلمين من مختلف البلدان العربية والغربية. و بدأ الشيخ يوسف القرضاوي مداخلته بتوجيه تحية شكر إلى الوفد المشارك في الاجتماع والى الحاضرين على تلبيتهم الدعوة و اكد ان الوفد المرافق له هو وفد عربي إسلامي يمثل العرب و المسلمين جميعا . و اضاف العلامة القرضاوي انه جندي صغير من جنود الأمة الإسلامية جنده الله للدعوة الى الاسلام و الدفاع عنه صحبة ثلة من العلماء و المفكرين الإسلاميين في مقدمتهم الشيخ راشد الغنوشي , و الذي قال عنه انه التقاه منذ كان شابا ثم داعب راس الغنوشي قائلا : " التقيت الغنوشي منذ كان صغيرا ولم يكن في راسه شعر ابيض و اليوم اراه و قد كسى الشيب راسه ، لقد شاب في الاسلام و لا خوف عليه " . و ابرز القرضاوي ان نظام بن علي كان يعتبره العدو اللدود بسبب مواقفه المناهضة له و الداعمة لرموز الحركات الإسلامية المعتدلة و استطرد قائلا : " إني أحب الشعب التونسي بجميع اطيافه ولا أكن الكره لأي احد حتى الذين شتموني و انتقدوني و اتهموني و خالفوني الرأي لأني اعلم ان هذا البلد بلد عربي إسلامي لكن كنت لا اطيق نظام بن علي الذي جثم على صدور التونسيين أكثر من عقدين من الزمن و كرس وقته في نهب ثروات و خيرات تونس و افتك ممتلكات الشعب التونسي و سلب منهم حريتهم ". " لا للتكفير , و الديمقراطية ليست كفرا " و ابدى الشيخ القرضاوي في كلمته رفضه القاطع لظاهرة التكفير ،بقوله " انا ضد قضية التكفير " و من كان مسلما فهو مسلم و اضاف انه لا يجوز اتهام اي شخص بالكفر إلا اذا أعلن كفره صراحة و اجمع الناس عليه ، و تطرق القرضاوي الى ان الشعب التونسي كريم بطبعه متمنيا له ان يعيش حياة طيبة تعيد له الاعتبار فيقوى الضعيف و يشتغل العاطل عن العمل و يأخذ العامل أجره بالكامل حتى يجد كل جائع الأكل وكل مريض مستشفى . و ابدى القرضاوي اعجابه بالثورة التونسية التي حررت الشعوب العربية و الإسلامية واهدت لهم الحرية و الديمقراطية و التي كانت وقود الثورات الاخرى كالثورة المصرية و الليبية و اليمنية و السو رية ... قائلا : " الفضل للمبتدي حتى و ان أحسن المقتدي " , و ارجع الفضل لاندلاع الثورة المصرية الى الشعب التونسي اذ حيى الثورات العربية كلها دون استثناء . و في ما يخص الديمقراطية والتي اعتبرتها بعض الاطراف كفرا , نفى علامة العصر ارتباط الديمقراطية بالكفر قائلا : " انا ارفض ان يقال على الديمقراطية كفر ". و فضّل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ان تكون تونس دولة ديمقراطية اسلامية يسودها العدل و المساواة و الحرية و شدد على ضرورة ان يكون الحاكم عادلا و منصفا لا يقود الشعب بالعصا و الحديد لان الاسلام لا يقبل هذا و لم ينادي بذلك. " و الله العظيم سينتصر السوريون على الأسد " و اقسم العلامة القرضاوي ان الثورة السورية سترى النور و ستتوج بانهيار نظام الرئيس " بشار الأسد " قائلا : " سأبشركم ايها الاخوة الكرام ان الثورة السورية ستنتصر ، و الله العظيم سينتصر السوريون على الاسد " ، معللا ذلك بان الله يأبى ان ينتصر الظلم على العدل و الباطل على الحق مضيفا ان الله سيأخذ الطغاة وسينزل عليهم مأساة كبرى و صرح القرضاوي لا اشك في لحظة من اللحظات ، فالشعب السوري لن يخذله الله سبحانه و تعالى و سيذهب الأسد وكل من معه و أيده و كل من ينصر الظالمين . وللإشارة فإن الجماهير قاطعت كلمة العلامة يوسف القرضاوي عديد المرات بالتصفيق الحار و الزغاريد و هتفوا " الله اكبر الله اكبر " و " الشعب مسلم و لن يستسلم " ... " القرضاوي : حضن دافئ " اكد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في مداخلته ان العلامة يوسف القرضاوي اصيل في علوم الفقه و الشريعة و كذلك عارف بالمسائل السياسية اذ رعى الثورة التونسية و ايدها و دعا الشعب الى اغتنام الفرضة و النهل من رحيق العلامة في اشارة الى الاطلاع على كتبه و أنشطته و انجازاته ، و أضاف الغنوشي ان القرضاوي قدم الى تونس ليرى زرعه و ثمار دعمه المتواصل للثورة التونسية مؤكدا ان القرضاوي احتضن و دعم قادة حركة النهضة عندما هجروا قائلا : " وجدنا طوال هجرتنا في القرضاوي حضنا دافئا فقد دعمنا و شد على ايادينا و بعث فينا الامل و الحياة لمواصلة النضال ضد الديكتاتورية من خلال رعايته لمساجين حركة النهضة ... " "النهضة ستتجدد" و اعلن الغنوشي ان حزب حركة النهضة سيتجدد لان الشعب يريدها ، و قد وجدت هذه الكلمة صدا واسعا على مستوى الحاضرين الذين هتفوا " الشعب يريد النهضة من جديد " و رفعوا الاعلام الوطنية و الفلسطينية إضافة الى العلم المميز لحركة النهضة و اعلام نقشت عليها : " لا اله الا الله محمد رسول الله " ، و استانف الغنوشي كلمته بقوله ان شعب تونس اراد للنهضة ان تعود . " تونس تحتاج الى الفكر الوسطي المعتدل " و أكد الشيخ راشد أن تونس في أمس الحاجة إلى الفكر الوسطي المعتدل يجمع بين التسامح و التحابب ، و أوضح الغنوشي أن الشعب اجمع على ان تونس دولة اسلامية عربية من خلال الإبقاء على الفصل الاول من الدستور والذي ينص على ان " تونس دولة، حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربيّة لغتها، والجمهوريّة نظامها " و اضاف ان الشعب التونسي اتفقوا مرة اخرى على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية في غرة ماي و الذي رفع شعار المصالحة الوطنية . و أشار الغنوشي أن فكر العلامة القرضاوي وسطي و معتدل مضيفا : " تعلمنا في القرضاوي ان الحرية و الديمقراطية ذات أولوية و هي المدخل الوحيد للإصلاح ... " . و ذكر الغنوشي ان تونس الثورة تتشرف باستضافة العلامة يوسف القرضاوي و الوفد المرافق له ، مبينا ان القرضاوي ليس ضيف النهضة فحسب و انما هو ضيف تونس . بناء نموذج تنموي و شدد الغنوشي على ضرورة بناء نموذج تنموي رائع يمزج بين الاسلام و الديمقراطية ، مبرزا ان شعب تونس جدير بالثقة و قادر على صناعة التقدم و الرقي و الازدهار لتتحول بلادنا الى مصنع للأفكار . تجفيف ينابيع التدين و ابرز الدكتور "عبد المجيد النجار" القيادي بحركة النهضة ان النظام البائد انتهج خططا لتجفيف ينابيع التدين في تونس و فصل الشعب عن أصوله الإسلامية و عزله عن العلماء المسلمين من خلال تشديد الخناق على اغلبهم ، وارجع النجار الفضل في عودة الروح الى جسد تونس الى تضحيات شهداء الثورة الذين قال عنهم : " دماء الشهداء سقت الجذور الدينية و الإسلامية للشعب ، ثم جفت ينابيعهم و بقيت ينابيع تونس التي لن يطالها الجفاف " ، وختم النجار ان الشعب حملهم أمانة ثقيلة من خلال انتخابهم باغلبية ساحقة راجيا أن يكونو على مستوى تطلعات الشعب . " بن علي كان يمنع الأئمة من التكلم عن حياة رسول الله " كشف الدكتور "محمد بوزغيبة " أستاذ الفقه الإسلامي وعلومه بجامعة الزيتونة ان المخلوع كان يمنع الأئمة من التحدث عن سيرة الرسول "محمد " صلى الله عليه و سلم و كان يرفض ان تكون حياة الرسول موضوع خطب الجمعة في الوقت الذي دعا فيه القرضاوي الى نصرة الرسول ابان ظهور الرسوم المسيئة له . فرع للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس و اعلن بوزغيبة انه سيتم عقد مؤتمر يوم غد الاحد بالعاصمة و دعا الجميع للحضور و اوضح انه سيتم افتتاح فرع للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتونس بهدف الإعداد لتأسيس مشاريع علمية و أكاديمية للارتقاء بالاسلام بعد سنوات التصحر و لتكريم أئمة و خطباء للقطع مع الأمية الدينية و أضاف انه سيتم إصدار مجلة خاصة في القريب العاجل تعنى بالدين الإسلامي . الارتباط بالأصل و التفاعل مع العصر و من جانبه دعا " عصام البشير " وزير الأوقاف السوداني المسؤولين بالحكومة التونسية إلى تقديم نموذج للحكم الرشيد الذي يرعى مصالح الخلق و ان يكونوا على مستوى تطلعات الشعب الذي قال انه يجب ان يكون شريكا في الحكم من خلال الارتباط بالاصل ( الاسلام و العروبة ... ) و التفاعل مع العصر اي مواكبة التطورات العلمية و التكنولوجية ... و الالتحاق بركب الحضارة . و حث البشير التونسيين على التوحد في صف واحد و تقديم المصلحة الوطنية و المصلحة الحزبية مع تقديم مثال جيد لادارة الحوار الديني الراقي و النقاش الوطني و السياسي المتحضر ،وفي نفس الاطار اكد الدكتور أبو يعرب المرزوقي ان الروح الاسلامية المتاصلة في الكثيرين جعلت الشعب تصمد امام الهجمات البربرية التي قادها نظام بن علي . " نعتز بحركة النهضة " واعتبر الشيخ " علي محي الدين القرداغي عضو المجلس الاوروبي للافتاء و البحوث و رئيس لعدد من هيئات الفتوى و الرقابة الشرعية ... ان حركة النهضة نموذج رائع في العالم الاسلامي و اضاف ان تونس منارة اسلامية من خلال تاريخها الزاخر بالعلماء على غرار الامام سحنون و العلانة ابن خلدون ... وقدم طريقة عمل للحكومة من خلال دعوته اياها الى العمل حل مشكلة البطالة و مقاومة الفقر و اصلاح النظام التعليمي و اقتباس التجارب الأوروبية و الاستفادة منها . منتصر الاسودي تصوير شرف الدين