باعلان الأمير سعود الفيصل عن عدم توصّل قادة مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم المنعقد أمس الأول بالرياض إلى اتفاق حول المقترح السعودي باقامة «اتحاد» خليجي يشمل في مرحلة أولى مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية تكون الدول الأعضاء في المجلس قد توفقت على ما يبدو ولو مؤقتا في تفكيك هذا المقترح/اللغم وتأجيل انفجاره!!! نقول هذا لا فقط لأن عددا من دول مجلس التعاون مثل سلطنة عمان وقطر قد عبرت ابتداء عن عدم تحمسها لفكرة «الوحدة» هذه... وإنما أيضا لأن السياق الزمني والسياسي الذي جاء فيه المقترح السعودي يحيل أكثر ما يحيل على هواجس أمنية بل وربما طموحات سياسية سعودية خاصة أكثر منها خليجية جامعة... والواقع ان المتابع لن يحتاج الى ذكاء خارق ليفهم أن الوضع الأمني والسياسي المنفجر منذ أكثر من عام في مملكة البحرين بفعل «الانتفاضة الشيعية» المطالبة بالاصلاح السياسي يمثل مبعث هذا المقترح السعودي ومنطلقه.. فالمملكة السعودية تعتبر أن أمن واستقرار البحرين الواقعة على مرمى حجر من الأراضي السعودية هو من أمن واستقرار السعودية ذاتها.. لذلك هي لم تتردد في ارسال قوات عسكرية (أكثر من ألف جندي سعودي) لمساعدة السلطة في البحرين على مواجهة ما تسميه «التهديد الشيعي» للمنطقة في تلميح منها إلى تورط ايران في تحريض الشيعة في البحرين على النظام السياسي القائم.. وبعيدا عن أي توجه لتهويل أو تهوين مسألة «التهديد الشيعي» للمنطقة فإن بعض الملاحظات تبدو ضرورية في هذا الباب: 1) لابد من القول أن المطالبة بالاصلاحات الدستورية في البحرين و»النضال» من أجلها ليست «محصورة» في أوساط المواطنين الشيعة.. بل إن بعض «القوى» السياسية مثل القوميين العرب وحتى الشيوعيين هي من بادرت تاريخيا برفع مطالب الاصلاح في مملكة البحرين.. 2) أن التغيير السياسي في البحرين لو حصل فإنه لن يكون على درجة من الخطورة على أمن واستقرار ووحدة المملكة العربية السعودية وذلك لاعتبارات عقائدية وجيواستراتيجية معلومة.. فالسعودية التي لم «يهزها» ما وقع في اليمن مثلا لا ولن يهزها ما يمكن أن يقع في البحرين.. ربما مثل هذه الملاحظات هي التي جعلت بعض «الاطراف» الخليجية تحترز وتتحفظ ولا تتحمس لمقترح «الوحدة» بين السعودية والبحرين بل وتقرأه (المقترح) على أنه مدخل لمزيد توسيع نفوذ المملكة السعودية داخل مجلس التعاون الخليجي.. على أن الخوف الاكبر الذي يمكن ان يثيره المقترح السعودي المختلف حوله باقامة «وحدة خليجية» تشمل في مرحلة أولى السعودية والبحرين هو أن يكون هذا المقترح خطأ في التقدير يمكن ان يعد بمثابة «المسمار الأول» في نعش مجلس التعاون الخليجي الذي لا يزال يعد أحدى أنجح الصيغ العربية الاقليمية في التكامل الاقتصادي والسياسي والعسكري على امتداد العقود الثلاثة الماضية..