إختتمت أول أمس ببراتيسلافا عاصمة سلوفاكيا الأيام الدراسية لممثلي المجتمع المدني التي امتدت من يوم 6 إلى 17 ماي الجاري بعد جولة بين مختلف خبايا تجربة الانتقال الديمقراطي التي عاشتها جمهورية سلوفاكيا تواصلت على مدى 20 سنة من النضال والإصلاح. جولة حملت المشاركين لكل من البرلمان ووزارتي الشؤون الخارجية والداخلية إلى جانب مقر بلدية مدينة بنسكا بيستريتسا الواقعة بالوسط الغربي للبلاد، وكلها في علاقة تواصل وتنسيق فيما بينها لإنجاح وتطوير العمل الجمعياتي، إلى جانب تنظيم لقاءين عامين بين الجمعيات التونسية والسلوفاكية بحضور الصحافة وعموم الناس. حول مدى نجاح هذه التجربة الدراسية وهل من تخوف من التمويل الأجنبي، كان ل"الصباح" لقاء ببراتيسلافا مع عدد من ممثلي المجتمع المدني التونسي بمختلف توجهاتهم وأهدافهم لرصد مدى استجابة هذه التجربة لتطلعاتهم، من بينهم سفيان الشورابي رئيس جمعية الوعي السياسي باعتبارها شريك جمعية "شركاء من أجل التغيير الديمقراطي" ببراتيسلافا في هذا المشروع، عبد الجليل الحمودي ممثل جمعية شباب الكرامة بالبحيرة ببني خداش، ابراهيم النابلي نائب الرئيس التنفيذي للغرفة الفتية العالمية بتونس، ثريا التيجاني نائب رئيس الجمعية التونسية لقانون التنمية، وأسماء منصور ممثلة المركز التونسي للشركة الاجتماعية. قالوا ل"الصباح" سفيان الشورابي رئيس جمعية الوعي السياسي : تخلّي الحزب الحاكم عن السلطة ومشاركته في بناء الدولة الجديدة.. من أبرز نقاط قوة التجربة السلوفاكية ز التي يمكن صياغتها حول تجربة الانتقال الديمقراطي لسلوفاكيا الذي كان بأخف الأضرار هي ذلك التحول السلس من منظومة الاستبداد حيث رضخ الحزب الحاكم السابق لمتطلبات الشعب في التخلي عن الحكم ومشاركته في بناء الدولة الجديدة والتخلص من عقلية الرابح الخاسر، فمن المهم أن يطلع الشعب التونسي على هذه المزايا عبر مختلف مكونات المجتمع المدني التونسي المشاركة في هذه الأيام الدراسية والذي من المهم جدا أن يعيد ترتيب أوراق بيته فيكون أكثر حرفية وأكثر تنظما ويتخلص نهائيا من عقلية العمل الحزبي، والمبادرة وخلق الأفكار حتى لا تحصل القطيعة بين المجتمع المدني والمواطنين. فالملاحظ في التجربة السلوفاكية أن الجمعيات غير الحكومية تتنزل في مستوى فلا وجود لأفضلية جمعية على أخرى وهو ما هو مفقود في تونس فعدة جمعيات تتدعي النضالية والخبرة وهو أمر غير مقبول. أما بالنسبة للتخوف من التمويل الأجنبي للجمعيات التونسية، فإني أستغرب من مثل هذا السؤال لجمعيات دون غيرها لأنه من النادر أن يطرح هذا الأمر على الجمعيات الرياضية والبيئية على سبيل الذكر لا الحصر لأنها جميعها ترضخ في نهاية المطاف تحت طائلة نفس القانون المنظم للجمعيات، وبالتالي فانه من الطبيعي أن جمعية الوعي السياسي تتعامل مع جمعيات أجنبية ذات نفس التوجه والأهداف فتونس تتلقى دعما ماليا من عدة أطراف ولا يوجد سبب لأن تستثنى الجمعيات من هذا الدعم باعتبار أن المجتمع المدني هو جزء محوري من المجتمع السياسي. عبد الجليل الحمودي ممثل جمعية شباب الكرامة : لا مانع من الشراكة الأجنبية التونسية شرط أن لا تكون هناك شروط هذه التجربة ثريّة تميّزت بالعمل الميداني من خلال الزيارات التي أثثت لعدد من المؤسسات الحكومية والتحادث مع مكونات المجتمع المدني إلى جانب زيارة معهد الأرشيف والبرلمان، وأول الملاحظات التي أسوقه أن المجتمع المدني بسلوفاكيا إلى جانب كونه يلعب دور المراقبة والضغط فإنه يمثل قوة اقتراح تساعد من قريب أو بعيد على التقدم بالمجتمع، كما يتمتع بمستوى من التقدم والتكوين وهي جمعيات تعمل بالتنسيق في ما بينها نحو تحقيق هدف وطني. والملاحظ أيضا أن الوصول إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي لم يتحقق إلا بعد عشرين سنة من النضال ومع ذلك يقر السلوفاكيون ممن التقيناهم أن العديد من النقائص لازالت تشوب هذه التجربة وهو ما يجب على المجتمع المدني التونسي المشارك في هذه الأيام الدراسية تبليغه من خلال حلقات التثقيف. وفيما يهم الشراكة بين جمعيات تونسية وأخرى أجنبية فان تونس في حاجة بشكل عام والمجتمع المدني بشكل خاص إلى مثل هذه الشراكات والدعم المالي الأجنبي شريطة أن لا يكون التمويل مطية لصياغة شروط على عمل الجمعيات وأهدافها ثريا التيجاني نائب رئيس الجمعية التونسية لقانون التنمية : من الضروري أن يعمل المجتمع المدني التونسي من هذا المنطلق أي التثقيف والتحسيس والتوعية تحقّقت لي إضافة كبيرة من هذه الأيام الدراسية، فمن المهم الاطلاع على تجارب أخرى تميزت بالثراء، فبالرغم من بعض النقائص التي مازالت قائمة بالمجتمع السلوفاكي بعد مرور عشرين سنة من التحول الديمقراطي فإنه من الواجب أن نتقصى الإجابيات ونعمل على توظيفها وتطويرها وفي المقابل نطلع على السلبيات حتى نتجاوزها ونتفادى تكرارها في تونس. فيمكن أن نستخلص العديد من الأفكار الجديدة والقيمة من تجربة المجتمع المدني السلوفاكي والاستئناس بها من ذلك مثلا إحداث قانون منظم للعمل التطوعي بالجمعيات والمنظمات غير الحكومية، فالجمعيات المحترفة التي اطلعنا على تجربتها ينظمها قانون يسمح لأعضائها بالتفرغ للعمل الجمعياتي بمقابل وهو ما قد يفضي أكثر حرفية وجدوى على العمل بصفة عامة وهذا غير موجود بتونس، ثم إني كمحامية أعتبر قانون النفاذ إلى المعلومة بسلوفاكيا قانونا رائدا بالرغم من أن البرلمان الحالي يعمل على تنقيحه وتطويره وهذا القانون بدوره يفتح المجال للعديد من الجمعيات سواء للاستقصاء أو القيام بالدراسات أو أيضا للمحاججة والمحاسبة. أما بالنسبة للشراكة الأجنبية فان المجتمع المدني يعيش مخاضا عسيرا في ظل غياب الحرفية ومصادر التمويل المحلية فمن البديهي إذن أن يطلع على التجارب الأخرى لثرائها من جهة ولحاجتها للشراكة ومصادر التمويل من جهة ولكن لا يجب أن يمس ذلك من استقلالية وحيادية المجتمع المدني التونسي وهوية المجتمع التونسي ككل، فكنا نتمنى كجمعيات ومنظمات غير حكومية أن نلقى الدعم المالي من المؤسسات التونسية الخاصة ومن رجال الأعمالس. إبراهيم النابلي نائب الرئيس التنفيذي للغرفة الفتية العالمية بتونس : قوة المجتمع المدني السلوفاكي تكمن في قوة الاندماج المميّز في هذه التجربة هو الاطلاع عن قرب وبطريقة عملية على سير عمل مكونات المجتمع المدني في سلوفاكيا والتعايش مع حيثيات الانتقال الديمقراطي ومساهمة المجتمع المدني في هذا الانتقال. كما يمكن الإشارة إلى أن قوة المجتمع المدني السلوفاكي تبرز في تمكنهم من تحقيق الاندماج لأجل قضايا وطنية مشتركة وخاصة في ما يتعلق بالجمعيات ذات نفس الاهتمام والاختصاص والتوجهات وهو ما ينقصنا في تونس. المشوار طويل في تونس ويستوجب تحديد الأولويات على المدى القصير والبعيد وأولى الألويات التحسيس والتثقيف ونشر ثقافة الانتقال الديمقراطي وتحديد ماهو العمل الجمعياتي ودوره وأهدافه ووسائل تحركه بهدف تغيير العقليات التي تستدعي بدورها خطة عمل لا تحدد إلا بتنظيم حوار وطني حول المسألة. أما بالنسبة للشراكة بين المجتمع المدني التونسي والسلوفاكي فهذا عمل إثراء والجمعيات والمنظمات التونسية في حاجة إلى الدعم المالي شأنها شأن بقية المؤسسات التونسية شريطة أن لا يكون خاضعا لشروط وإملاءات.