"رُفعت بعد الثورة العديد من الشعارات الخاصة بحقوق الإنسان والمطالبة بالإصلاح الشامل، وبالرغم من أن النظام قد تغير والمسؤولين كذلك ولكن المواطن كل يوم يتفاجا ببعض الممارسات التي مازالت متواصلة بما في ذلك مسألة التعذيب" هذا ما أكده سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية خلال ندوة حول الآلية الوقائية الوطنية لمنع التعذيب انتظمت أمس بمقر الوزارة شارك فيها ممثلو عن المجتمع المدني وعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ومسؤولين عن بعض الوزارات. كشف ديلو تلقي وزارته عدة تشكيات حول التعذيب، وقال:" هناك لجنة تحقق في الإتهامات وخاصة فيما يهم "القضية الشهيرة"، (قضية ما يعرف بالشيخ شارل نيكول) وقد توصلت اللجنة إلى إنجاز ثلي أعمالها وستوضح للرأي العام الوطني والدولي نتائجها في القريب العاجل". وبيّن"الكثير من التشكيات رفعت في السابق بالداخل والخارج فيرد عليها بأنها ممارسات فردية سيحقق فيها ولكن في حقيقة الأمر كانت سياسة دولة لتخويف المواطنين وقهرهم وإبعادهم عن الشأن العام، ولكن مع توفر الإرادة السياسية على هذه الشعارات أن لا تبقى مجرد نوايا وإمضاءات شكلية على افتفاقيات والمواثيق الدولية". وأكد على ضرورة أن تترجم النوايا ومختلف التوافقات إلى مستوى الإصلاح القانوني لتلمس أعلى هرم في هذا المستوى بما أن البلاد تعيش مرحلة تاريخية ألا وهي كتابة الدستور... قال:" فالنوايا والإلتزامات الوطنية والدولية لا يمكن أن يكون لها أي فائدة إن لم تكن لها آليات وقائية وإلزامية تضمن جملة هذه الحقوق." واعتبر ديلو أن الآلية الوقائية الوطنية لمنع التعذيب سيكون لها دورا وقائيا لأن مكافحة التعذيب سيكون من ورائها توجيه رسالة معاكسة لما كان يوجه في السابق وبالتالي القطع النهائي مع سياسة وعقلية الإفلات من العقاب لكل من تمد يده على جسد مواطن فتنهك حرمته وكرامته. حلقات نقاش تخللت هذه الندوة حلقات نقاش بحضور خبراء أجانب حول "خيارات إحداث الآليات الوقائية الوطنية" و"الضمانات الضرورية لنجاعة عمل الآلية الوقائية الوطنية" إلى جانب "علاقة الآلية الوطنية بالأطراف الفاعلة" و"شهادات حية من ضحايا التعذيب". وعلى هامش الندوة التقت "الصباح" عددا من ممثلي المجتمع المدني من بينهم عبد الدائم النومي عضو الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين حيث أكد أن "إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب من المسائل ذات الأولوية لتحقيق العدالة الإنتقالية، ويمكن أن تتثمل هذه الآلية في إحداث هيئة وطنية عليا لها الإستقلالية الإدارية والمالية مع إمكانية أن تتفرع إلى هيئات جهوية حتى يقع كشف ما وقع وتجنب ما يمكن أن يقع بالمراقبة والبحث المتواصل بكل المؤسسات ذات العلاقة كالسجون ومراكز الإعتقال وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة." في ذات السياق بين نورالدين الجبالي رئيس جمعية "حوار وحريات" أنه "بات من الضروري اليوم التعجيل في إيجاد الآليات الكفيلة بالحد من التجاوزات والإنتهاكات والتعذيب ضد المعتقلين سواء كانوا سياسيين أو غيرهم بمراكز الإعتقال وذلك بإحداث هياكل مختصة في هذا الغرض". أما يسري الدالي كاتب عام مركز تونس للعدالة الإنتقالية فقد أكد أنه "لا يمكن زرع ورود في تربة مسمومة، فإحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب لا يمكن أن تضفي بنتائجها في ظل غياب إصلاح المنظومة الأمنية والقضائية بما في ذلك الإدارة العامة للإصلاح والسجون".