أصدر «مشروع العدالة العالمي» مؤخرا خلال ورشة عمل حول «تعزيز حكم القانون في تونس» بالعاصمة تقريره السنوي حول «مؤشر سيادة القانون في العالم» ضم 100 دولة من بينها تونس. المؤشر تم قياسه بالاعتماد على 9 مؤشرات فرعية و52 جزئية، وقدمه للحضور خوان كارلوس بوتيرو المدير التنفيذي للمشروع، لا يُعد في حقيقة الأمر فريدا من نوعه، كما كان منتظرا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الجهة التي أعدته ألا وهي منظمة «مشروع العدالة العالمي»، ومقرها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فكثير من مكاتب الدراسات التونسية المختصة في إجراء الاستبيانات واستطلاعات الرأي توصلت هي بدورها تقريبا إلى نفس الإحصائيات والمؤشرات التي تم تقديمها ونقاشها أمس بحضور خبراء دوليين من لبنان، المكسيك، تونس، ليبيا وزمبابوي. فالمؤشر الذي وقع تدارسه وقياسه تم عبر مساءلة المواطنين العاديين وأيضا خبراء بلغ عددهم في كل دولة حوالي 300 خبير، وبالتالي كانت جملة المؤشرات المعلن عنها نتيجة لجملة من الأسئلة المصحوبة في بعض الأحيان بإجابات اختيارية قدمت لعدد من المستجوبين الذين قدروا في تونس ب1000 شخص موزعين على كل من ولاية تونس، صفاقس وسوسة باعتبارها كبرى الولايات بالجمهورية. ولكن قد تُعد الأرقام المقدمة ذات أهمية إذا ما نزلناها في سياقها العالمي على حد قول محمد صالح بن عيسى أستاذ قانون عام وعميد سابق لكلية العلوم السياسية والاجتماعية بتونس، إلى جانب كونها تعكس واقعا في حقيقة الأمر لا يحتاج إلى استبيانات باعتباره واضحا للعيان في ظل مرحلة الانتقال الديمقراطي التي يعايشها التونسيون كل يوم. فبالنسبة للمؤشر الفرعي الخاص بالفساد، فإن المستجوبين صنفوا الأمن على رأس المورطين بنسبة بلغت 51 بالمائة منهم، في حين جاء أعضاء المجلس التأسيسي إلى جانب الموظفين الحكوميين على المستوى الوطني في المرتبة الثانية بنسبة 32 بالمائة والموظفين الحكوميين على المستوى الجهوي في المرتبة الثالثة بنسبة 31 بالمائة، أما القضاة والحكام فقد تصدروا المرتبة الرابعة بنسبة 30 بالمائة. الإفلات من العقاب وتطبيق سلطة القانون كان محل استجواب في إطار تحقيق سلطة القانون وتطبيقها، فقد رأى 76 بالمائة من المستجوبين أن الموظفين على فرضية ثبوت اختراقهم للقوانين قد لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة. تعقد مستوى الجريمة أما بالنسبة لحفظ النظام والأمن الذي يُعتبر مصدر قلق متزايد، فقد أقر 66 بالمائة من المستجوبين أن مستوى الجريمة أصبح أكثر سوءا مقارنة بالوضع قبل الثورة في حين 21 بالمائة اعتبروه مماثلا، غير أن 13 بالمائة فقط وجدوه في تحسن. فيما يخص الحقوق الأساسية بما فيها حقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بمفهوم التمييز ضد المرأة والأقليات التي لا تزال مصدر قلق كبير بالنسبة للعديد ، ف26 بالمائة من المستجوبين رأوا أن ظاهرة التمييز تقلصت مقارنة بما قبل الثورة، أما 34 بالمائة اعتبروها في ارتفاع متواصل في حين أن 38 بالمائة أكدوا بأنها لم تتغير وفي ذات السياق، فإن 32 بالمائة يرون أن الوضعية في مجال خرق حقوق الإنسان قد تحسنت، غير أن 37 بالمائة أقروا أنها لم تتغير و28 بالمائة أكدوا أنها تدهورت أكثر. وفي تقييم المستجوبين للوضع الحالي بتونس مقارنة بما قبل الثورة بالنظر لعدة مجالات كالتشغيل ومستوى الجريمة، الفساد السائد بالدولة، انتهاك حقوق المرأة وحقوق الإنسان إلى جانب التمييز ومدى تطبيق القانون وحماية الملكية الخاصة، فإن 68 بالمائة اعتبروا أن وضع البطالة ازداد سوءا، كما أن مستوى الجريمة تعقد أكثر وهو ما أقره 66 بالمائة. أما بالنسبة لفساد الحكومة فقد شهد تحسنا في اعتقاد 38 بالمائة في حين أن 27 بالمائة يرون أن الوضع أكثر تأزما، في ذات السياق وبخصوص انتهاك حقوق المرأة، 21 بالمائة اعتبروها أسوأ في مقابل ذلك 38 بالمائة رأوها في تحسن، كذلك الشأن بالنسبة لحقوق الإنسان بصفة عامة 32 بالمائة قيموها ايجابيا في حين 21 بالمائة اعتبروها الأسوأ. عنف سياسي العنف السياسي كان محل تساؤل حيث أقر 42 بالمائة من المستجوبين رأوه في أسوء حال و24 فقط بينوا أنه في تحسن مقارنة بما قبل الثورة، أما في يخص تطبيق القوانين فقد تقاربت النسب وتراوحت بين 30 و35 بالمائة في تقييمهم للوضعية بين السيئة والمتغيرة نحو الأفضل والمحافظة على نفس المستوى. في هذا الإطار وتقييما للاتجاه العام خاصة لعمل الأحزاب السياسية، فقد أقر 80 بالمائة بأنها في الاتجاه الخاطئ، أما في ما يخص استقلالية القضاء فقد اعتبر 40 بالمائة أنها في الاتجاه الصحيح، أما بالنسبة للإعلام فأكثر من 40 بالمائة اعتبروا في الاتجاه الخاطئ، فيما يهم مدى تحمل الحكومة لمسؤولياتها فأكثر من 50 بالمائة قيموا المسألة سلبا. في ما يخص الإصلاح السياسي وتغيير القوانين بين 45 و 50 بالمائة اعتبروا أنها تتجه في الاتجاه الصحيح.