من يتجوّل في المقاهي الشعبيّة و صالونات الشاي التي إنتشرت كالفقاقيع في كلّ قرى البلاد ومدنها و أحيائها الشعبيّة و «الرّاقية» يُصاب بالذهول.. ذهول من ارتفاع عدد هذه المحلات التي اعدت ل«قتل الوقت» خارج حصص العمل والدراسة فاصبحت «ملجأ لملايين الشباب والمراهقين والكهول ، من الجنسين ، صيفا وشتاء.. بسبب استفحال ظواهر الانقطاع المبكر عن الدراسة والتسكع و«الفلتان» الامني والاجتماعي ..فضلا عن تضخم نسب البطالة «الرسمية» والمقنعة.. ملايين الاطفال والمراهقين والشباب ذكورا واناثا «يقتلون الوقت» بالتداول في «مقاهي البؤس و«الميزيريا» و«الزطلة» و«الشيشة».. منذ الصباح الباكر حتى ساعة متاخرة من الليل.. كل هذا والسادة والسيدات زعماء ال120 حزبا والاف الجمعية يتناقشون بلغة «بيزنطية « حول جنس الملائكة : هل هم ذكورا أم اناثا؟ وهل ينبغي تغيير الفصل 5999 من «دستور الاغريق «أم يحسن اتباع» دستور الفرس» و«شريعة الروم» و«تعليمات حمو رابي»..؟؟ وفي عطلة الصيف ينظم الى «جيش العاطلين» 3 ملايين من شباب الجامعات والمدارس وابناء المهاجرين ..بما يعني بلغة « البيزنس « أن الطلب على «الزطلة» و«الكوكا يين» واخواتها يرتفع في بعض الاحياء.. بينما تزدهر في مناطق اخرى محلات بيع «الكحول» وبقية الممنوعات سرا.. (حاشاكم وحاشى قدركم).. مع ما يعنيه ذلك من لجوء «الفقراء» (وبعض ابناء الميسورين وبناتهم ايضا) الى العنف والسرقة و«البراكاجات» لتوفير اموال تضمن للشاب و الشابة « العيش مثل اندادهما».. والضرورات تبيح المحظورات .. وكل قدير وقدره: واحد يسرق دينارا والثاني الفا.. الاول من اجل سعر «جونتا» زطلة.. والثاني من اجل «سهرية» في احد الفنادق او علبة ليلية «دي جي».. يجري كل هذا والساسة أبعد ما يكون عن اعتبار ملفات الشباب والتشغيل اولوية مطلقة.. بكل صراحة بدأت أشك في كون قطاع كبير من هؤلاء الشباب سينفجر قريبا على ساسته.. الذين لم يفهموا دروس 23 اكتوبر وعلى رأسها أن أكثر من 70 بالمائة من شباب تونس الذي قاد ثورة 14 جانفي لم يشارك في الاقتراع العام.. أشك في كون ملايين الشباب والمراهقين الذين يشكون الفراغ الثقافي ويشعرون بانسداد الافاق الثقافية والمهنية والسياسية لن يتحركوا مجددا ليصفعوا « السياسيين « بكل ألوانهم.. وقتها سيندم الجميع على « ركوب « ثورة الشباب..