مدينة إسطنبول زرتها قبل أربع و ثلاثين سنة، و زرتها قبل أيام قليلة في العاشر من جوان ضمن وفد صحفي مع شركة «سيفاكس» للطيران فكانت رحلة ممتعة و مريحة... عند وصول الوفد إلى مطار «صابا» الدولي توجه الجميع إلى النزل في قلب مدينة إسطنبول القديمة على بعد 50كيلومترا. وعلى امتداد كامل المسافة تابع الجميع مشاهد رائعة وساحرة من المدينة القديمة والحديثة في جزأيها الأوروبي والآسيوي تضمّنت معالم تاريخية وعمرانية. جسر معلّق ما لا يمكن أن ينساه زائر تركيا هو رحلة على متن باخرة سياحية في عرض مضيق البوسفور، هذه الرحلة دامت ساعة ونصف، شاهدنا خلالها عديد المعالم التاريخية ومنها الإنجازات الحديثة والقصور «السلطانية» في عهد الإمبراطورية العثمانية، إضافة إلى أوّل جسر تمّ إنجازه في إسطنبول سنة 1973 بتكلفة جملية قدرها 250 مليون دولار أميركي، وهو جسر يبلغ طوله 1070مترا، معلّق بين السماء والأرض، لا يرتكز إلاّ على أعمدة عند بداية المعبر في المنطقة الأوروبية وعلى أعمدة أخرى في المنطقة الآسيوية، فهو يربط بين الجزء الأوروبي للمدينة وجزئها الآسيوي، وتمّ سنة 1988 تشييد جسر ثان يبلغ طوله 1080 مترا بكلفة جملية قدرها 400مليون دولار أميركي. كما شاهدنا يخت كمال أتاتورك الذي تمّ صنعه سنة 1937، وقد كان راسيا على ضفاف البوسفور في الساحل الأوروبي وينتظر أن يتمّ تحويله إلى متحف. عجائب تركيا ومن عجائب تركيا متحف «توبكابي» مقرّ إقامة السلاطين العثمانيين سابقا و به أجنحة مختلفة يوجد بها موروث عربي إسلامي عرفت تركيا كيف تحافظ عليه و توظّفه وتخرجه للناس إخراجا حسنا. وبهذا المتحف يوجد أثمن ألماسة في العالم تجاوزت 2000 قيراط كما يوجد به سيف داوود وعصا موسى وقبة الصخرة وعمامة يوسف وأثر قدم الرسول على الرخام ومفتاح الكعبة الشريفة وسيف الرسول وسنّه وسيف زبير العوام وعلي بن أبي طالب وقفطان فاطمة وغيرها، هذه الأشياء التي شكّك الكثيرون في حقيقتها، وكذلك الجامع الأزرق ذي الصومعات السبع، جامع السلطان أحمد الذي يعدّ من عجائب الدنيا إلى جانب متحف آية صوفيا الذي كان كنيسة ثم مسجدا ثمّ تحوّل إلى متحف. جزيرة الأمراء حلم لا ينسى من الأمكنة التي تشدّك ولا يمكن أن تنساها جزر الأمراء تصلها بعد نصف ساعة عن طريق الباخرة عبر بحر مرمرا، قضينا فيها حوالي أربع ساعات كانت حلما، فيها لا تتجوّل إلاّ عجلات الدراجات العادية والعربات المجرورة بالخيول على متنها طفنا بأنحاء أكبر جزيرة تدعى «بيوكادا» حيث تنتصب فيلات وسط غابات كثيفة في غاية الروعة والجمال، و قيل لنا: إنّ السلاطين العثمانيين كانوا يرسلون أبناءهم اليها بدءا من سنّ العاشرة خوفا من غدرهم والانقلاب عليهم لذلك سمّيت بجزر الأمراء، ولا يمكن أن تنسى الذاكرة حيّ البحارة حيث يمكن قضاء سهرة من سهرات العمر إلى جانب جولة في الفضاء التجاري الجديد «جيهافير» ذي الطوابق المتعدّدة والتي لا يمكن زيارتها في يوم واحد... هذه نماذج من بعض الأمكنة التي تترك في نفسك أثرا لا يمكن أن تمحوه الأيام.