ماكرون: نريد وقف إطلاق نار في غزة الآن ودون نقاش    الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جندي منتحرا في قاعدة عسكرية بالجنوب    النيابة العامة الليبية.. سقوط 20 قتيلا وهروب 461 سجينا في اشتباكات طرابلس الأخيرة    تغيير جذري: الاتحاد الأوروبي يعتزم ربط مساعداته للدول الإفريقية بجهود الحد من الهجرة    قضيّة مكتب الضبط: التعقيب ترفض طعن عبير موسي .. و تقرّر الإحالة على الدائرة الجنائية    أخبار النادي الإفريقي: مفاوضات مع علي يوسف لتجديد عقده    كأس العالم للاندية.. باري سان جرمان ينتصر على الريال برباعية ويمر الى النهائي    هام/ هكذا ستكون درجات الحرارة خلال الأيام القادمة..    بعد وفاة شخصين أثناء البحث عن الآثار: ملفّ التنقيب عن الكنوز يعود... وإيقافات بالجملة    نور قمر تعلن انسحابها من حفل افتتاح مهرجان قرطاج    تاريخ الخيانات السياسية .. دسائس في القصر الأموي (2)    رئيسة الحكومة تُشرف على مجلس وزاري حول مخطط التنمية 2026–2030 وتؤكد أهمية المنهج التصاعدي    ترامب: فرصة كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل    سليانة.. الاحتفاظ بشخص حاول فَقْءَ عين زوجته    بنزرت: حجز 8.8 أطنان من البطاطا وضخها في المسالك القانونية    المنستير: شركة النقل بالساحل تبرمج خطوطا شاطئية صيفية تربط قصر هلال والمكنين بشواطئ الشرف وتابسوس بالبقالطة    الكاتبة العامة لهيئة الصيادلة: استراتيجية الدولة تجعل سوق الأدوية مراقبة ومسالك توزيعها مغلقة وآمنة    طقس الليلة.. سحب رعدية مع امطار بهذه المناطق    تسجيلات مسربة: ترامب هدد بوتين وتشي بقصف موسكو وبكين    عاجل/ الإعلان عن موعد تنظيم الدورة الاولى من المهرجان الدولي لموسيقى ال"راب"    اختتام السنة الدراسية 2024 -2025 بمدرسة الصحّة العسكرية    طريقة انتقام طريفة: رفضت الزواج به فأطلق النحل على المدعوين يوم زفافها    عاجل/ من بينها ليبيا والجزائر: ترامب يفرض رسوما على هذه الدول ويوجّه لها هذه الرسائل    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يلغي قرار هبوط نادي أولمبيك ليون إلى بطولة الدرجة الثانية    حكم بحبس أنشيلوتي لمدة عام    المظلّة القابسية: أسعارها وأنواعها...تفاصيل تهمّك في هذا الحرّ    ''فاكهة التنين'' تغزو تونس: مشروع ضخم ب30 ألف شجرة في المنستير!    إدارة مهرجان قرطاج الدولي تُلغي عرض الفنانة الفرنسية "هيلين سيغارا"    وزارة السياحة تمنع مسؤولي النزل ووكالات الأسفار من التدخل في لباس المصطافين    قانون جديد بش ينظم البيع على الإنترنت... وآلاف التوانسة معنيين!    وضعية Fan في المكيّف: هل فعلاً تساهم في تقليل استهلاك الكهرباء؟    مخاطر تجاهل نظافة ''البيسين'': صحتك وصحة عائلتك في خطر    نادي فيتا كلوب الكونغولي يتعاقد مع المدرب التونسي صابر بن جبرية    قيمة صادرات النسيج والملابس تزيد بنسبة 2،61 بالمائة إلى موفى ماي 2025    الحماية المدنية تحذر من السباحة اليوم بسبب هبوب رياح قوية    منوبة: اتخاذ قرارات رادعة لمنع الضجيج والانتصاب الفوضوي وإشغال الطريق العام    دورة الصداقة الافريقية لكرة الطائرة تحت 19 عاما: نتائج مباريات المنتخب التونسي    هام/ يتضمن خطايا مالية تصل إلى 10 آلاف دينار: تفاصيل مقترح قانون حماية المصطافين..    جندوبة: رحلة سياحية رابعة تحط بمطار طبرقة عين دراهم الدولي    وزارة السياحة تمنع التدخل في لباس المصطافين وتمنع البيع المشروط    لأوّل مرّة: حيوان بحري نادر يظهر بشاطئ سيدي علي المكي.. #خبر_عاجل    بعد حذف معلّقة "سان ليفان" من برمجته: مهرجان قرطاج الدولي يكشف ويُوضّح..    مهرجان تستور الدولي... كان صرحا فهوى!    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي يوم غد بهذه المناطق..#خبر_عاجل    الحماية المدنية : 576 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    ألكاراز يتغلب على نوري ويتأهل لقبل نهائي ويمبلدون    بداية من منتصف النهار: إعلان نتائج هذه المناظرات الوطنية..#خبر_عاجل    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث في باريس!    عاجل/ من بينهم أطفال: استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس..    اليوم كلاسيكو نار في نصف نهائي مونديال الأندية: التوقيت والقنوات الناقلة    عمي رضوان: ''الكره المجاني والسبّ على الفيسبوك يؤلمني''    اختتام الدورة 49 لمهرجان دقة الدولي بعرض "رقوج – العرض": لوحة فنية متكاملة من الدراما التلفزية إلى الدراما المسرحية    جزيئات بلاستيكية وراء آلاف الوفيات بأمراض القلب في العالم    دواء موجود قدامنا وما كناش نعرفو؟ السر في حليب الجمل    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس تطعن في الفجر
نشر في الصباح يوم 29 - 06 - 2012

مواطن أنا، أعيش تحت سماء تونسنا وفوق تربتها في حي سكني شوارعه و أزقته بلا أسماء آكل الطعام وأمشي في الأسواق. حياتنا اليومية داخل الأسرة ليست على وتيرة واحدة، نصارع الحياة ونسل الرغيف بعرق الجبين وكد اليمين
وعادة ما يدور النقاش بين زوجتي و الأبناء أو بيني وبينهم ليصل في بعض الأحيان إلى جدال عنيف فتراني أتّخذ موقفا أحسم به الأمر وأغلق به باب النقاش فتقبله زوجتي على مضض وامتعاض وألاحظ ذلك جليّا على وجهها والعكس كذلك صحيح فقد تقرر هي أشياء لا أكون مرتاحا إليها و لكني أتقبل ذلك .نفعل ذلك، و لعل الكثير من العائلات تنتهج نفس السّلوك، للحفاظ على هيبة الوالدين في عيون الأبناء و حتى نتجنب قدر المستطاع الاختلاف أمامهم خشية أن يتحول ذلك إلى شجار و ربّما عراك و أن تصدر من أحد منا كلمة نابية و موجعة أو في غير محلها يكون لها الوقع السيئ على تربية الأبناء وتكون سببا في عواقب وخيمة في مستقبل الأيام. فالانسجام بين الوالدين و الاتفاق في المواقف يعطي الأبناء ثقة في النفس و تنشأ شخصيتهم سوية و لو يفتعل ذلك أمامهم وبالتالي تحافظ الأسرة على تماسكها.
ولكن كيف هي أحوال أبناء تونس و بماذا تراهم يشعرون؟ وكيف مستقبل الحياة أمامهم؟ هل هي القتامة تسيطر على نفسهم أم هو الكمد و الغم يملأ صدورهم ؟ أم يصحّ عليهم قول الشاعر:
«ربّ يوم بكيت فيه
و لمّا صرت في غيره بكيت عليه»
بالأمس كانوا ضجرين غير مرتاحين لأن قطار البلاد لم يرس فوق السّكة بل عرباته متناثرة هنا و هناك كل واحدة تسير على هواها، متى حلا لها السير فعلت و متى عن لها التوقف فعلت. وما أصبحوا عليه اليوم أتعس و أفظع، فقد صار واضحا وضوح الشمس في منتصف النهار لمن كان يكابر أن لقطار البلاد رأسان. الواحد يراوغ الآخر، الواحد يتحين الفرصة ليتحرك و يصول ويجول في غياب الآخر أو ربما في غفلة من الآخر أو ربما حينما يكون الآخر في نوم عميق أو يمتع النفس في إجازة أسبوعية وإذا بالدنيا تقام و لا تقعد من حوله فيبهت الذي «نام على أذنيه».
بالأمس القريب طالب الكثير من التونسيين باستقالة وزير التربية معلّلين طلبهم بما يقع في البلاد المتقدمة و الأنظمة الديمقراطية التي يحترم فيها الوزير نفسه قبل الاستماتة من أجل البقاء في كرسيّه. الوزير تراه الآن يتنفّس الصّعداء بعد أن أضحى تسرّب مادة العربية في امتحان البكالوريا أمرا أكثر من الهيّن. نقطة سوداء في محيط أمام سقوط هيبة رئاسة الجمهورية سقوطا لم يسجل بالنقاط شوطا بعد شوط و إنما هو سقوط بالضربة القاضية يخرج فيها المهزوم كالمغشي عليه و يودّ لو يباعد بينه و بين شعبه بعد السماء عن الأرض...إنما حصل فجر الأحد 24/6/2012 طعنة بامتياز لا في ظهر رئيس الجمهورية فقط و إنما في ظهر كل التونسيين و إهانة شنيعة لدماء الشهداء و سخرية لاذعة من أوجاع الجرحى الذين طردوا عنهم الكرى فطال ليلهم و طال عناؤهم. طعنة توقظ فينا جراحا ساكنة ليلا نهارا قال فيها شاعرنا الكبير نزار قباني:
« ليس غريبا علينا اختيال الصحابة والأولياء
فتاريخنا كله محنة وأيامنا كلها كربلاء»
وهي تؤكد مرة أخرى أن من علقت بهم الأدران لا يستطيعون إلى غسلها سبيلا. تسليم البغدادي و كثير من البيوت التونسية تغط في نوم عميق بعد سهرة فرحة النجاح بأحد أبناء الأسرة بشهادة البكالوريا، بعد عناء ليتناسوا و لو لسويعات هموم الحياة من غلاء في الأسعار و بطالة تزداد و حريات تغتصب و عصافير سود في الأفق. تسليم البغدادي تعدّ على قيم سمحة وعادات و تقاليد نباهي بها وتباهي بنا. فنحن أحفاد السموأل ،وما أدراك ما وفاء السموأل ،ونحن أحفاد الحطيئة المنشد في ميميته الشهيرة :
«يا أبتي اذبحني و يسر له طعما
يظن لنا مالا فيوسعنا ذما»
تسليم البغدادي رسالة تقول بصريح العبارة «اشربوا ماء البحر». تسليم البغدادي يضرب عرض الحائط الأحكام الشرعية والقوانين الوضعية.
وقد ذهب فيه البعض أنها مسرحية وتقاسم للأدوار. بهذا الكلام أيضا و بهذه القراءة أيضا وبهذه التحاليل لا يخفف من وقع الصدمة على الشعب التونسي الحر الأبي. فهذه القراءة إذا أثبتتها الأيام تكوي جبهة و جبين و ظهر سيادة رئيس الجمهورية و يأتي هنا المثل العربي مدويا لا يخشى في الحق لومة لائم «من مدح وذم كمن كذب مرتين». إن ما حصل يوم الأحد 24/6/2012 هو وصمة عار في تاريخ الحكومة المؤقتة و استخفاف برئاسة الجمهورية لا ينطبق عليه إلا ما جاء في مثلنا الشعبي «من يراك يا زميطة نهار العيد». و ما على الشعب التونسي إلا أن يكون في حالة استنفار إذا لم يتفاعل ممثلوه في المجلس التأسيسي مع هذا الحدث الدائس على البلاد و العباد و لم يقوموا بما يتطلب من إزالة للعار فيعيد مرة أخرى (الشعب يريد إسقاط الحكومة).
بقلم: مصدّق الشريف*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.