تتكرّر منذ فترة اعتقالات مغنيي الراب في تونس.. فبين السجن والراب علاقة وطيدة منذ العهد البائد في بلادنا فبعضهم يحرم من ممارسة هوايته أو يعيش أيامه مع كابوس المطاردات الأمنية.. فلماذا تطال المنتقدين منهم للأوضاع البلاد عصا الحاكم ولا تطال فناني التصفيق والتهريج؟.. سؤال طرحه محدثنا طارق الحريشي مخرج ومصور فوتوغرافي لعدد من أغاني الراب في تونس. طارق حدثنا أيضا عن الأزمة التي تمر بها حرية التعبير في بلادنا بعد أن أصبحت أغاني الراب تهديدا لحكومة الترويكا قائلا: اللعبة مكشوفة.. فالقبض على مغنيي الراب بدعوى استهلاك الزطلة (القنب الهندي) لا تلغي أن السبب الحقيقي لهذه الإجراءات هي أعمالهم الغنائية فالاعتقالات لا تنفّذ إلا بعد طرح أغنية ناقدة لما يحدث في بلادنا وهذا دليل على أن الحكومة تراقب وتتابع أعمال مغنيي الراب ولا تعمل على إسكاتهم إلا بهذا الأسلوب الذي يفتقر للحنكة والذكاء السياسي فتجد نفسها متهمة بالدكتاتورية والحدّ من حرية التعبير والإبداع. وكشف المخرج والمصور طارق الحريشي أن القبض على مغني الراب عبد السلام فينكس، الذي أخرج كليب أغنيته احكموا الحيوط يندرج ضمن السّياسة فرغم انّ فينكس سيُسجن لمدّة عام لاستهلاكه المخدرات إلا أن أعماله ستطرح في هذه الفترة وقريبا سيبث كليب على اليوتيوب والمواقع الالكترونية يحمل جديده لأن فناني الراب يسجلون الكثير من الأغاني لتبث للرأي العام حتى وهم في سجنهم. وأشار، طارق الحريشي في هذا السياق أنه قبض عليه مع زميله عبد السلام فينكس لكن عدم تعاطيه للمخدرات أنقذه من السجن ذاكرا أنه هدد من قبل متطرفين على موقعه على الفايس بوك بسبب الأعمال التي يصورها من أغاني الراب وقال مصدرنا في هذا الإطار: لم أعرف العلمانية إلا بعد الثورة التي قسمتنا رغم أننا كلنا مسلمون وتونس لنا جميعا حتى ولو اختلفنا في الرؤية وعلى الحكومة وإدارتها الثقافية المختصة تأطير فناني الراب ودعم أعمالهم التي ساهمت كثيرا في الكشف عن واقعنا غير أن وزارة الثقافة تنقصها الكثير من الثقافة في أسلوب تسييرها للقطاع الفني والموسيقي خصوصا. و عن أغنية "أحكموا الحيوط"، التي قدّمها عبد السلام فينكس، قال محدّثنا العمل ينتقد أداء حكومة الترويكا وشقها الأقوى النهضة ويعكس واقعنا اليائس من غد أفضل لذلك طلبنا من ساسة البلاد أن يحكموا الحيوط لا الشعب الذي فقد الأمل في إصلاحها. وختم تصريحه ل"الصباح" بالتأكيد على أن قطاع الراب في العموم هش ماديا حيث يتكفل الفاعلون فيه بإنتاج أعمالهم وتصويرها أمّا بالنسبة للألفاظ المستعملة في مضامين أغاني الراب، فأقرّ مصدرنا بأن ما يردد في هذا النمط الفني هو انعكاس لواقع المواطن التونسي فحين يكون مرتاحا يتحدّث بلهجة معينة وحين يفقد السيطرة ويسأم من وضعه يتكلم بلهجة أكثر لذعا وقسوة.