تونس/الصباح: تكليف الملحن القدير أحمد القلعي برئاسة لجنة الانتقاء لمسابقات مهرجان الموسيقى التونسية لم يكن بالامر الغريب على اعتبار الرصيد الفني الكبير الذي يتوفر عليه هذا المبدع.. فهو يحمل على كاهله تاريخا موسيقيا ثريا ومتنوعا.. بصمته واضحة وجلية وثابتة في المدونة الغنائية التونسية سعينا الى الالتقاء بهذا الملحّن الفذّ ليحدثنا عن عمل لجنة الانتقاء من خلال طريقة عملها وابرز الاستنتاجات المستخلصة بعد النظر في 149 ملفا.وهذه الحصيلة ** كيف جئت الى لجنة الانتقاء لمختلف مسابقات مهرجان الموسيقى التونسية؟ تم ذلك باقتراح من مديرة المهرجان السيدة سنية مبارك. ** وما هي المدة التي تم خلالها تقييم مختلف الاعمال؟ قضينا 11 يوما بمعدل 6 ساعات يوميا نظرنا خلالها في 149 ملفا في مختلف مسابقات المهرجان. ** ما هي ابرز الملاحظات التي تم استخلاصها بعد الكشف عن نتائج عمل اللجنة؟ ما يمكن القول بشأن ما نظرنا فيه واستمعنا اليه ان المستوى الفني كان متقاربا.. حيث لم يبرز عمل ما بشكل كبير على حساب آخر.. رغم اجتهادات البعض.. وهناك ايضا ملاحظة لا بد من الاشارة اليها تتمثل في حماس الشبان وفي تعاملهم الجدي مع ما سعوا الى التقدم به للمهرجان. ** وماذا عن البقية؟ بكل أسف اقول ان هناك اعمالا عندما تستمع اليها تشعر بانها «مصطنعة» هناك «فبركة» و«عدم جدية» رغم ان اصحابها من ذوي العطاء الفني الزاخر والمتميز. ** هي مراهنة خاسرة على التاريخ الفني؟ نعم.. لقد راهن البعض على رصيدهم وتاريخهم الفني بقطع النظر عن نوعية العمل الذي تقدموا به وهذا امر لم ينطل على اللجنة التي مارست عملها بكل حرفين وجدية وبعيدا عن منطق المجاملة والمحاباة. ** كيف تم التعاطي مع ملف الانتاج الخاص؟ لا يخفى على احد ان لجنة الانتقاء تتضمن شعراء يشهد لهم بالكفاءة العالية واعني بذلك الشاعر الدكتور نور الدين صمود والشاعر خالد الوغلاني والشاعرة جميلة الماجري.. الى جانب المطرب سليم دمق والملحن عبد الحكيم بلقايد والاستاذ الجامعي بالمعهد العالي للموسيقى سيف الله بن عبد الرزاق. ينطلق عملنا بالنسبة للانتاج الخاص مع الشعر حيث تتم دراسة النص من مختلف زواياه ثم واذا ما تبين انه ضعيف لا يرجى منه شيء نتجاوزه الى اللحن والاداء. ** وما هي الاستنتاجات في هذا المجال؟ بكل أسف اكتشفنا ان 80% من النصوص تفتقد الى اصول الشعر الصحيح فالتفعيلة مفقودة.. والوزن غير محترم والغياب الواضح للصورة التي من المفروض ان يكون عليها هذا النص. لا أخفي سرا اذا قلت في هذا المجال ان اسماء شعرية كبيرة فاجأتنا بالمستوى الضحل للنصوص التي ترشحوا بها.. وهناك ايضا شعراء كتبوا ولحّنوا نصوصهم.. وما أبعدهم عن الشعر والتلحين.. ولجنة الانتقاء تحتفظ بنسخ من هذه الاعمال الضحلة لمناقشة من يريد ذلك. ** كل أغنية يتم رفص نصها الشعري.. هل تبتعد نهائيا عن المسابقة؟ لا.. لم يحدث ذلك.. على اعتبار ان هناك نصوصا شعرية نرى انها في حاجة الى تعديلات بسيطة.. وهذه النصوص ننظر في لحنها واداء صاحبها.. ** أنتم زكيتم اعمالا بهذه الصفة رغم الهنات في الشعر؟ نعم.. حدث ذلك.. ** وكيف تم التعاطي مع مسابقة الانتاج المتداول؟ هناك شروط محددة في هذه المسابقة لا مجال لتجاوزها.. ونحن تناقشنا بكل حرية في هذا المجال. ** وماذا عن مسابقة المعزوفات الموسيقية فوجئنا بان اغلب هذه القطع شبيهة الى حد ما بموسيقى «جينيركات» المسلسلات وتم رفضها على اعتبار انها لا تستجيب لمفهوم المعزوفة.. وفي المقابل زكينا معزوفات اكتشفنا فيها جهدا واضحا وبحثا على مستوى المقامات التونسية من طرف اصحابها. اما بالنسبة للفرق الشبابية فقد اكتشفنا جهدا واضحا على مستوى التوزيع الموسيقي ولو أنها تحمل بداخلها تقليدا للموسيقى الغربية علاوة على ان مضامينها الشعرية بلا معنى وصورة.. ورغم ذلك فاننا اجزناها وعلى لجنة التحكيم النظر فيها واصدار رأيها وموقفها بخصوص مضامين هذه الاعمال الشعرية. ** هناك نوع من التساهل؟ نعم تم ذلك بخصوص النصوص الشعرية امام صفاء اللحن والاداء.. ** كملحن يتوفر على تجربة فنية رائدة ما هي استنتاجاتك الخاصة بعد هذه التجربة كرئيس للجنة الانتقاء في مهرجان الموسيقى التونسية؟ ألمني كثيرا هذا «التساهل» الذي تعامل به المترشحون مع مسابقات المهرجان هناك تقليد واضح في بعض الاعمال.. وهناك ايضا تسرع وخلط بين المقامات الموسيقية.. جل المشاركين تنقصهم الجدية لكن هذا لا يمنعني من التنويه ببعض الاعمال التي حملت توقيع شبان يتقدون حماسا فجاءت اعمالهم تحمل بصمة الاضافة والجدية.