إلغاء إضراب الأطباء الشبان    في قضية تدليس عقود : 16 سنة سجنا لشفيق جراية    خلال لقاء وزير الخارجية بنظيره العماني .. اتّفاق على دفع التّجارة البينية    إلى غاية أمس الخميس.. تجميع أكثر من 9 ملايين قنطار من الحبوب    مسؤول فلسطيني.. حماس قدمت ردا إيجابيا على المقترح الأمريكي للهدنة    تنازل عن ثلثي الجولان المحتل : تفاصيل جديدة عن تطبيع الشرع مع الصهاينة !    الاونروا في نداء عاجل.. الناس في غزة يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدة الجوع    على هامش ملتقى تشيكيا : «أصحاب الهِمم» يحصدون الذهب    الكرة الطائرة : هل ينجح منتخب الصّغريات في ايقاف النزيف؟    «شروق» على مونديال الأندية : نهائي مبكّر بين سان جرمان وبايرن والريال في امتحان دورتموند    طقس الليلة.. خلايا رعدية مع امطار بهذه المناطق    آخرها.. فقأ عين زوجته بالقيروان من أجل السحر .. جرائم الشعوذة تعري عالم السحر والبحث عن الكنوز    الروائي الأمين السعيدي.. حديث في اللغة والأسلوب    تاريخ الخيانات السياسية (5): ابن أبي سلول عدوّ رسول الله    أكلات صيفية: سوسة : البسيسة بالكرموس.. وجبة صباحية نافعة    مستقبل المرسى يتعاقد مع اللاعب أسامة الجبالي    قضية "التآمر على أمن الدولة 2": تأجيل الجلسة إلى 8 جويلية لإعذار المتهمين والنطق بالحكم    ڨبلي: نجاح أول عملية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    وزير التجارة: صادرات زيت الزيتون زادت بنسبة 45%    فيديو تهاطل الأمطار على كميات من الحبوب: غرفة مجمّعي الحبوب توضّح.. #خبر_عاجل    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    هالة بن سعد مديرة للمركز الوطني لفن العرائس    الاتحاد المنستيري يعلن منتصر الوحيشي مدربًا جديدًا ويكشف عن التركيبة الكاملة للجهاز الفني    مدنين: الشركة الجهوية للنقل بمدنين تشرع في استغلال خطوط صيفية ضمن برنامج ذي بًعد اجتماعي    "تسونامي" المتوسّط.. التيارات الساحبة.. والخريف "المتطرّف": مرصد الطقس والمناخ يحسم الجدل.. #خبر_عاجل    ترتيب تونس ضمن مؤشر تقديم الخدمات العامة في إفريقيا.. #خبر_عاجل    وفاة حارس مرمى منتخب نيجيريا سابقا بيتر روفاي    نقابي تونسي بايطاليا يدعو إلى تثبيت حصة قارّة لتونس في برنامج تشغيل العمال المهاجرين الجديد    عاجل - وزارة الداخلية : 3300 عون مؤجّر معنيون بتسوية وضعياتهم بعد منع المناولة    مرض السكرّي يقلّق برشا في الليل؟ هاو علاش    تخدم الكليماتيزور كيف ما جا؟ هاو وين تغلط وشنوّة الصحيح باش ترتاح وتوفّر    الحماية المدنية: ''احذروا الصدمة الحرارية كي تعوموا.. خطر كبير ينجم يسبب فقدان الوعي والغرق''    إذا ولدك ولا بنتك في ''السيزيام'' جاب 14/20.. ينجم يدخل للنموذجي؟ شوف الإجابة!    الشاب مامي يرجع لمهرجان الحمامات.. والحكاية عملت برشة ضجة!    الرحلة الجزائرية الاصدار الجديد للكاتب محمود حرشاني    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    مروع: يقتل ابنه ضربا وصعقا بالكهرباء…!    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود تبلغ 37.2 %    القصرين: حجز 650 كلغ من السكر المدعّم بسبيطلة وتفعيل الإجراءات القانونية ضد المخالف    إيران تعيد فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الداخلية والخارجية والترانزيت..#خبر_عاجل    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    عاجل/ جريمة اقتلاع عيني امرأة من طرف زوجها: معطيات وتفاصيل جديدة وشهادة صادمة..!!    عاجل/ اختراق استخباراتي إسرائيلي داخل ايران يكشف مفاجآت..!    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    نيس الفرنسي يضم حارس المرمى السنغالي ديوف لمدة خمس سنوات    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    تشريعات جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في تونس: دعوات لتقليص الجانب الردعي وتكريس آليات التحفيز    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    عاجل: وزارة الصحة تدعو المقيمين في الطب لاختيار مراكز التربص حسب هذه الرزنامة... التفاصيل    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    'قلبي ارتاح' .. الفنانة لطيفة العرفاوي تحمّس الجمهور لألبومها الجديد لصيف 2025    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظر الدقيق في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم
كتاب الصباح المتسلسل:
نشر في الصباح يوم 24 - 07 - 2012


تأليف الدكتور محسن عبد النّاظر
الحلقة الرّابعة
الفصل الثالث: الصّد عن الإسلام بالقول
صدع الرسول (ص) بما أنزل عليه ونشره في مكة فكانت لمن بلغتهم الدعوة مواقف جاء في الفصل السابق ان أصحابها سيدافعون عنها وينتصرون لها بوسائل متعددة ومتنوعة فمن أهل مكة من تكون مواقفه معتمدة الحوار والسجال وغيرهما من الوسائل التي تقتصر على الكلمة ومنهم من يلجأ الى العنف المادي للدفاع عن مواقفه وفرضها فالدعوة حركت السواكن ونبهت العقول واججت المشاعر فوجد فيها مخرجا من كان متحفظا على العقائد المنتشرة والطقوس المتبعة والعلاقات التي فرضها الاقوياء وادرك من كان قائما على شؤون الالهة، ومن كانت بيده السلطة ورثها عن آبائه واجداده ان الدّين الذي يدعو اليه محمد (ص) ثورة تهدّد مصالحهم وتقضي على هيبتهم وتفقدهم دورهم القيادي فهو يدعو الى منهج جديد في الحياة العامة والخاصة يناقض ماهم عليه من استعباد للضعيف واسترقاق لمن يأسرونه ظلما واستنقاص لمكانة الانثى الى درجة تبيح وأدها ادرك اغلب سادة مكة واشرافها هذا وغيره كما ادركوا ان للقران الذي يتلوه محمد (ص) نظما ومضمونا لم يألفهما العرب ففيه قيم جديدة وفيه بلاغة وحلاوة تنفذ بفضلهما معانيه الى اعماق النفوس فتوقضها وتدفعها الى الطاعة والتسليم فعملوا على محاربته والصد عنه حتى ترفضه عقولهم وتمجّه عواطفهم وتقاومه جوارحهم، وحتى يحملوا غيرهم على ان يكون تبعا لهم في هذا الصد سينوّع هؤلاء وسائلهم فيستخدمون القول والدعاية ويمارسون العنف والاكراه متى تمسك مخالفوهم بالايمان وتحدّوهم وسعوا الى اقناعهم لنشر مايدعو اليه الاسلام ويخصص هذا الفصل للصدّ الذي يقتصر اصحابه على الكلمة والذين اشار اليهم قوله تعالى: «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون» (الصفّ/8) لجأ هؤلاء الى الحجاج والى السخرية والاستهزاء والتجريح والاتهام والتحدي.
تتبع الفصل حجاج المشركين واستهزاءهم بالرسول (ص) وسخريتهم منه والتهم التي ألصقوها به والاغراء الذي عرضوه عليه والمطالب والاسئلة التي سعوا الى احراجه بها واظهار تفوقهم المعرفي عليه والتشويش الذي مارسوه لافساد مجالسه والحملات الاعلامية التي تفننوا في صناعتها والتي ذكر القرآن بعضها في قوله تعالى «وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم اذا مزقتم كل ممزق انكم لفي خلق جديد.افترى على الله كذبا ام به جنة بل الذين لايؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد» (سبأ 7-8)
جاء في الاخبار ان المشركين من عمل على البحث عمن يريد لقاء الرسول (ص) لتحذيره واثنائه عن عزمه «فقريش لما اهمهم امر النبي ورأوا تأثير القرآن في نفوس الناس وأخذ اتباع الاسلام يكثرون وصار الوافدون على مكة في موسم الحج وغيرهم يسألون الناس عن هذا القران ومايدعو اليه دبر الوليد بن المغيرة معاذير واختلافا يختلقونه ليقنعوا السائل به فندب منهم ستة عشر رجلا بعثهم ايام الموسم يقعدون في عقبات مكة وطرقها التي يرد منها الناس يقولون لمن يسألهم: لاتغتروا بهذا الذي يدّعي أنه نبيّ فانه مجنون أو ساحر أو شاعر أو كاهن وأن الكلام الذي يقوله أساطير من أساطير الأولين اكتتبها. «فالمتدبّر في صنيع الوليد هذا يلاحظ حضور الاصول التي يعتمدها المسيطرون على وسائل الاعلام في بعض البلدان لنشر مايريدون نشره ودعم مايودّون دعمه وترسيخ مايقرّون ترسيخه حتى يستقر في الاذهان وتتفاعل معه فصائل الرأي العام يعمل هذا الاعلام على ان يكون سباقا فيضمن بذلك اسباب النجاح في كسب الانصار وامتلاك العقول والاحاسيس يتطلب هذا السبق ان يذهب ناشر الخبر الى المتلقي ادرك الوليد بن المغيرة هذه القاعدة فنشر وسائل اعلامه المتحركة في اطراف مكة وشعابها حتى يستقبل القائمون عليها الوافدين وينشروا فيهم مايريدون ترسيخه في اذهانهم وفي هذا الصنيع تقنية اعلامية تعمل على ان يكون مصدر الخبر متعددا ومتباعدا فيقع تصديقه ومن الاصول الدعائية التي استخدمها الوليد وهيأ أعوانه حتى ينجحوا بفضلها مخاطبة المتلقين بما يفهمون وبما هو مناسب لمداركهم وعواطفهم لذلك زودهم بأوصاف متعددة تذم الرسول (ص) والقران الكريم فالهدف من تعدد هذه الاوصاف المحرجة اختيار المخبر انسبها واقربها حتى يقبله المتلقي ويستقر في ذهنه ان محمدا (ص) خطر على العرب وان ما أتى به لايستحق الاطلاع عليه ونقله فصنيع الوليد يشبه الى حد بعيد مايسلكه الذين يخشون التغيير الجذري لانظمة يدافعون عنها ويؤمنون بأن زوالها يفقدهم مراكزهم القيادية فيحرمون من تفوقهم المادي والاجتماعي. دأب هؤلاء قديما وحديثا على امتلاك وسائل اعلام مختلفة تضفي مسحة من الخير ومن الفضيلة ومن النبل على مؤسساتهم وعلى مشاريعهم مقابل الحط والتحذير من خصومهم الداعين الى التغيير والتجديد وذلك بوصفهم بشتى النقائص ورميهم بأبشع التهم.
لقد شن المشركون على الاسلام ورسوله حربا اعلامية فجندوا اعوانهم ونشروهم في شعاب مكة وطرقها وكلفوهم بأن يبحثوا عن المحتاجين الى النصح والتوجيه وان يرشدوا من يصلون اليه منهم حتى يعدل عن لقاء محمد (ص) ويدرك انه لاتتوفر فيه شروط الهادي وانه لايملك دليلا على صدقه وعلى نزول الوحي عليه فهو مفتر على الله وناقل لاقوال لاتصدر الا عن المجانين فهو يدعي ان البشر سيعودون الى الحياة بعد الموت وان من لايصدقه ويأتمر بأوامره سيلقى به في النار وسيذوق الوان العذاب لا يختلف منهج هؤلاء واسلوبهم ووسائلهم عما يسلكه ويمارسه المتخصصون في اعلام يصنع رأيا عاما يحشد بفضله الاتباع والانصار ويقودهم الي التسليم بما يدعو اليه والى محاربة من يخالفونه فهو اعلام يعتمد التخويف من المخالف ومن التجديد الذي يدعو اليه ويستبق صانعوه الاحداث ويسارعون الى مخاطبة الجماهير خطابا يصور الوقائع كما يريدون ويحصر الطرق الموصلة الى الحقيقة حتى لاتؤدي إلا الى مايرسمون فهم يريدون ان يسيطروا على عقول المخاطبين سيطرة تجعلهم يسلمون بما يسمعون ويتعصبون لما يدعون اليه ويزهدون في التعرف على المواقف المخالفة التي كانوا يريدون الوصول الى اصحابها والتعرف عليهم والاستماع الى مايدعون اليه فالذين كانوا يترصدون الوافدين على مكة او المقبلين على الرسول لمعرفة ما يدعو اليه لابعادهم عنه وتهيئتهم لتكذيبه كانوا مدركين ان عقيدة البعث خطر على نظامهم وخاصة على علاقتهم الاجتماعية التي كانت تبيح للاشراف والسادة ان يفعلوا مايريدون دون ان يحاسبوا على مايصدر عنهم لا عاجلا ولا آجلا ان الذين سعوا الى نحت رأي عام معاد للرسول كانوا ينظرون الى عقيدة البعث نظرة تدرك ان العامة يصعب عليهم التسليم بعودة الانسان الى الحياة بعد الموت فهم سيصدقون اتهام من يدعي ذلك بالافتراء على الله ان كانوا مؤمنين بوجوده او بالجنون ان لم يكونوا كذلك.
يستنتج مما تقدم
- من المشركين من ادرك ان للاعلام المباشر دورا في ايجاد رأي عام مناهض لما يدعو اليه محمد (ص) فعمل على الاتصال بالذين يحتمل ان تبلغهم دعوته وبالذين يبحثون عنه وبالذين يصدر عنهم مايشير الى تصديقه لاقناع الجميع بضرورة الابتعاد عنه وتخويفهم من دعوته.
- اتبع هؤلاء منهجا يحتم على من يخاطبونه ان يصل الى نتيجة مطابقة لما يريدون فيصبح من انصارهم بعد ان كاد الايمان بمحمد (ص) يدخل قلبه ووجدانه.
- يبرز منهج هؤلاء في البحث عن الانصار وفي اختيار موضوع الاعلام وطرق نشره ان من افراد المجتمع المكي من كانت له القدرة على ايجاد رأي عام يناصره حتى وان كان مايطرحه ومايعمل على دعمه وحمايته لايخدم هذا الرأي العام ووجد هذا الاعلام في التحذير من كل جديد ومن التشهير بصاحبه ورميه باقبح الصفات واحطها وسائل تنفر العرب وغيرهم من دعوة محمد (ص).
- لم يأت في مواقف الذين صدوا عن الاسلام بالكلمة مايفيد انهم كانوا يستخدمون الردع فهل كانوا يأملون ان يحققوا اهدافهم دون اللجوء الى الوسائل القمعية ام انهم جمعوا بين هذه وتلك اذ تأكدوا من فضل ما تفننوا فيه من استهزاء وسخرية وتجريح وغيرها من الوسائل القولية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.