عاجل/ انهيار منزل في ليبيا.. وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    كأس امم افريقيا ( المغرب 2025 ): منافسة متجددة بين الهدافين لملاحقة أرقام أساطير القارة    كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025): رمز مثقل بالتاريخ يختزن ذاكرة الكرة الإفريقية    المغرب 2025: منتخب «نسور قرطاج» بين تحدّي كسر عقدة الدور الأول وطموح إعادة ملحمة 2004    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    انطلقت عروضه في تونس:فيلم"Zootopia 2" يحطم الأرقام القياسية    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    كاس امم إفريقيا (المغرب 2025):الكرة الرسمية "إيتري" تكنولوجيا متقدمة بلمسة أصيلة    عاجل : أعلاها 25 ملم.. الرصد الجوي يكشف عن كميات الأمطار المسجلة    طقس السبت : برد و أمطار منفرقة    هل سيكون لاعب المنتخب نعيم السليتي جاهز لكأس إفريقيا 2025 ؟    ترامب: امتنعت عن شتم هيلاري كلينتون احتراما لزوجتي ميلانيا    هجوم روسي "صاروخي" على أوديسا الأوكرانية يوقع قتلى وجرحى    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    الدورة 14 للمعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية: ارتفاع صادرات الزربية والنسيج بنسبة 50 بالمائة    ترامب: الضربة المكثفة ضد "داعش" في سوريا كانت ناجحة ودقيقة    خلال الربع الثالث من هذا العام: هذه الجنسيات تصدرت قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    الكاف: تحقيق نسبة إنبات جيّدة ومتجانسة في مجال الزراعات الكبرى    تنفيذ الاستثمارات السياحية    دعوات لمستعملي الطريق    صفاقس: حجز قطع نقدية أثرية نادرة    الرصد الجوي: تسجيل عجز مطري وطني بنسبة 20 بالمائة خلال شهر نوفمبر الماضي    الأولى من نوعها: اكتشاف منشآت مائية هامة في محيط فسقيات الأغالبة    الليلة: تواصل نزول الغيث النافع على أغلب الجهات    وزير الخارجية يتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفير استونيا الجديد    "غزة محرقة العصر وصمت الضجيج..." إصدار جديد للصحفية آسيا العتروس يوثق جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة    توزر: بصمات فوتوغرافية في دورتها السادسة من تنظيم دار الثقافة مصطفى خريف بنفطة بين ورشات التكوين والمسابقات في انتاج المحتوى    هذه مدة ارتداء ''تقويم الأسنان'' اللي يلزمك تعرفها    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    ترامب: لا أستبعد خوض حرب أمام فنزويلا    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    دراسة: الأمّ التونسية ما تحكيش برشا مع أولادها في موضوع التربية الجنسيّة    البطلة "غفران غريسة" تهدي تونس 3 ذهبيات في منافسات لواندا    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    سيدي بوزيد: افتتاح دار خدمات رقمية ببلدية أولاد حفوز    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن قيمة التمويلات المقدمة من الفيفا    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللّاعب    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال في الاسلام: مصعب بن عمير
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

يعتمد الدين الاسلامي اعتمادا كبيرا في تطبيق نظامه على الضمير المؤمن الذي يستشعر رقابة اللّه، ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عرف عدة عقبات لنشر رسالته واستعان بيده ولسانه وأصحابه من المهاجرين والأنصار ليخرج العباد من الظلمات الى النور وتمّ ذلك بعون اللّه وتوفيقه وشاركه في بداية رسالته أناس دخلوا في الاسلام دون تردد في قوله تعالى: {إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة، يقاتلون في سبيل اللّه، فيُقتلَون ويَقتُلُون، وعدا عليه حقّا في التوراة، والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من اللّه، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم، وذلك هو الفوز العظيم} ومنهم الصحابي مصعب الذي تعتزّ به الأمّة الاسلامية لقوة إيمانه وتصديقه بقائده محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب وهو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف حامل اللواء.
يلتقي نسبه مع رسول اللّه ص محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف في جدّه الثاني. كان إسلامه مفاجأة لوجوه قريش وسادتها وللسابقين الأولين من المؤمنين على السواء. فقد كان فتى قريش المدلّل بشبابه وجماله. كان أنيقا رقيقا وحيد الأبوين قد شغفهما حبّا يرفل في ثياب العزّ وتفوح منه أطيب العطور، رخيم الصوت يأخذ بمجامع قلوب عشيرته منغما بليغا حليما.
وبينما هو يختال مزهوا في مكة إذ سمع بنبوة محمد رسول اللّه ص وبالدعوة التي ينشرها سرّا، فاتّجه إلى دار الأرقم ولقي رسول اللّه ص وسمع منه فانشرح صدره للإسلام وأسلم مخفيا إسلامه شفقة بأمّه إلى أن شعرت قريش به فحبسوه ليفتنوه وظلّ ثابتا صابرا لا يتزعزع إيمانه حتى وجد فرصة الإفلات فهاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة مع من عاد من مهاجري الحبشة بعد الذي ضربه مشركو قريش على محمد وآله ومن والاه من بني هاشم عاد خالعا ثوب العزّ والجاه وانهيار الحصار أناقة المظهر وخيلاء النعمة واستبدل بكل متاع الدنيا قلبا عامرا بالإيمان والتقوى والتواضع والخشوع وأقبل على تلقين الدين وحفظ ما نزل من القرآن ولازم النبي ص حتى كانت بيعة العقبة الأولى حين اختاره المصطفى ص ليمضي مع المبايعين إلى يثرب ليعلمهم الدين وينشره للنّاس هناك. وكان عدد المبايعين إثني عشر نفرا من بينهم أسعد ابن زرارة بن خالة سعد ابن معاذ زعيم الأوس رضي اللّه عنهما.
*دور تاريخي
خرج مصعب بن عمير الى المدينة يفتحها بالقرآن وينشر فيها الدين الجديد (الإسلام) ونزل ضيفا على أسعد بن زرارة وتنقل بين الأوس والخزرج يؤمّ المسلمين ويعلّمهم الدين ويتلو عليهم القرآن بصوته الرخيم الذي خشعت منه القلوب، وتمكن في خلال عام من هداية جمع كبير على رأسهم سعد بن معاذ زعيم الأوس وجميع عشيرته، وسعد بن عبادة زعيم الخزرج وعشيرته حتى كان موعد الحج خرج معه زعيما القبلتين في ثلاثة وسبعين رجلا وإمرأتين، فبايعوا رسول اللّه ص بيعة العقبة الثانية ورجعوا إلى يثرب مع مصعب بن عمير أنصارا للرسول ليهيئوا للمدينة دورها التاريخي في حركة التحول من الوثنية الى الإسلام وليعدوا لهجرة الرسول ص إليها.
عظم اللّه أجر مصعب بن عمير أي الرجال كان، لقد غزا المدينة بالقرآن، ثم يغزو أعداء اللّه بالسيف ويحمل لواء «بدر» دفعه إليه رسول اللّه ص فخاض المعركة الباسلة وعاد رافعا لواء النصر. وحمل اللواء ثانية في معركة «أحد» فكان النصر في بدء المعركة ثم جاءت النكسة حين تعجل رماة المسلمين بالنزول من أعلى الجبل مخالفين أوامر قائدهم العظيم رسول اللّه ص ليشتركوا في الغنائم فكشفوا بهذه المخالفة ظهور المسلمين لخيل خالد بن الوليد الذي اغتنم الفرصة بحركة التفاف بارعة قلبت ميزان المعركة وانحسر الناس عن رسول اللّه ص فخلص إليه نفر من قريش رباعياته وشجّوا وجهه وأذاعوا قتل رسول اللّه ص، واجتمع من حول النبي ص قلّة من المؤمنين المستبسلين منهم صاحبنا مصعب بن عمير حاملا اللواء مرفوعا ومعترضا كل من حاول الوصول الى رسول اللّه من المشركين، إلى أن حمل عليه عدوّ اللّه بن قمئة فأصاب منه مقتلا وهو يذود عن قائده رسول اللّه وعن لواء المسلمين مناديا {وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبل الرّسل}، (هذه الآية التي سينزل به القرآن في ما بعد يرددها ويكملها ويجعلها قرآنا يتلى) واستخلص رسول اللّه اللواء من يد مصعب الشهيد ودفعه الى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه فرفعه من بعده وردت الروح للمسلمين، فعادوا الى الحرب بما حمل المشركين على التعجّل بالرحيل قبل أن تدور الدائرة عليهم واستشهد مصعب بن عمير ولم يتجاوز الأربعين من عمره ونعم بوفاته ثرى البقيع مع من دفنوا بالبقيع من شهداء أحد.
*إصرار...
إن مصعب واحد من أولئك الذي صاغهم الإسلام ورباهم الرسول ص، ولكن أي واحد كان؟
إنّ قصّة حياته لشرف لبني الإنسان جميعا. ولم يكن مصعب حين أسلم يخاف على ظهر الأرض قوة سوى أمّه وأبلغها ذات مرة أن ابنها مصعب يدخل خفية إلى دار الأرقم ويصلي صلاة محمد ونزل عليها الخبر الذي طار بصوابها، ووقف مصعب أمام أمه، وعشيرته وأشراف مكة المجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحقّ وثبّته، القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم. لقد منعته أمّه حين يئست من ردّته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة أبت أن يأكل طعامها إنسان هجر آلهة وحاقت به لعنتها حتى ولو كان هذا الانسان ابنها. وقد أصرّت الأم على الكفر، وأصرّ إبنها على الإيمان أخرجته من بيتها قائلة اذهب لشأنك، لم أعد لك أمّا. اقترب منها وقال لها : يا أمّاه إني لك ناصح، وعليك شفوق فاشهدي أنه لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله. وهمّت أمّه أن تسكته بلطمة قاسية، ولكن اليد التي امتدّت كالسّهم ما لبثت أن استرخت وترنّحت أمام النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام وهدوءا يفرض الإقناع.
وخرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول اللّه فما بصروا به حتى حنوا رؤوسهم وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجيا وتملى رسول اللّه مشهده بنظرة حكيمة شاكرة محبّة وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة وقال (لقد رأيت مصعبا هذا وما بمكة فتى عند أبويه منه لقد ترك ذلك كلّه حبّا للّه ورسوله. استشهد مصعب بن عمير في معركة أحد فلم يجد شيئ يكفن به إلاّ نمرة إذا وضعت على رأسه تعرّت رجلاه، وإذا وضعت على رجليه برز رأسه فقال رسول اللّه ص (اجعلوا مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه من نبات الأرض). ووقف رسول اللّه ص عند مصعب وقال وعيناه تلفانه وحنانهما ووفائهما تاليا {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه} لم يكن للمسلمين جمعة في مكة إلا بعد أن هاجر رسول اللّه ص الى المدينة أن شرع نظام صلاة الجمعة قبل مقدم رسول اللّه إلى المدينة وقيل أن أسعد بن زرارة سبق بصلاة الجمعة قبل مقدم رسول اللّه إلى المدينة قوبل مصعب بن عمير وكان رسول اللّه قد بعث به الى المدينة ليفقه أهلها من المسلمين في الدين فكان يجمعهم للصلاة.. رحم اللّه مصعب بن عمير.
* إعداد : العربي دفدوف (حمام الأنف)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.