أفادنا مدير مهرجان الموسيقى الروحية والصوفية بالقيروان في دورته التأسيسية الفنان التشكيلي عبد اللطيف الرمضاني، أن القائمين على تنظيم هذه التظاهرة لم ينتخبوا إلا منذ فترة قصيرة وبالتالي تحضير البرمجة لم ينطلق الا منذ خمسة عشر يوما حاولوا خلالها تقديم تصور يساهم في التسويق للصورة التاريخية لمدينة القيروان والحضارات المتعاقبة عليها كما يعرف بالفاعلين في المشهد الموسيقي الصوفي في تونس ويدعم الفنانين المهتمين بالبحث والتجديد في هذا النمط الموسيقي. ونفى محدثنا تحديد الهيئة التي يترأسها للميزانية النهائية لهذه التظاهرة باعتبارها مازالت في مرحلة التحضير مشيرا إلى أن مهرجان الموسيقى الروحية والصوفية المدعم من قبل وزارة الثقافة إلى جانب مهرجاني قرطاج والحمامات يعمل في حدود الإمكانيات المتوفرة له كما يسعى لجذب المستشهرين لدعم برامجه الفنية. وعن مقاييس اختيار فنانين دون آخرين في الدورة الأولى من هذا المهرجان بين الأستاذ عبد الطيف الرمضاني أن القيمة الفنية كانت لها الأولوية في خياراتهم باعتبار أن المطربين التونسيين المختارين في برمجة التظاهرة على مستوى السهرات الغنائية وهم لطفي بوشناق ومقداد السهيلي ومنير الطرودي من المطربين الذين يملكون تجارب في البحث الموسيقى الصوفي وتجديده. القيروان بين سحر التاريخ والمغنى وكشف مصدرنا أن غياب العنصر النسائي في سهرات مهرجان القيروان الصوفي يرجع لعدم وجود تجارب نسائية في هذا المجال قائلا:"لا أعرف سوى رابعة العدوية...!؟" رغم أن العديد من الفنانات التونسيات سبق وأن قدمن عروضا في هذا النمط الموسيقى على غرار درصاف الحمداني وعبير النصراوي وقال مدير التظاهرة عبد اللطيف الرمضاني في هذا السياق:" لا نبرمج في تظاهرتنا فنانين يقدمون لنا أعمالا مناسباتية وإنمّا نبحث عن أهل الاختصاص في مجال الفن الصوفي." من جهة أخرى لفت الأستاذ عبد اللطيف الرمضاني انتباهنا إلى أن الإضاءة المنفذة خلال عروض المهرجان ستكون على أعلى مستوى حتى تضفي جمالية على العرض من ناحية وعلى الفضاء المعماري المحتضن لهذه السهرات من ناحية أخرى واعتبر مصدرنا أن مدينة القيروان بمعمارها الاغلبي والحفصي ثم الأندلسي تعد "متحفا" يغري بمشاهدته والغوص في سحر حضاراته كما قال الرمضاني أن بطحاء زروق(الجرابة) التي تحتضن بعض هذه العروض كانت بلاتوه لأشهر أعمال هوليود والمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ في شريطه "انديانا جونز". بوشناق في الاختتام مع محراب إيران* ويشمل برنامج الدورة التأسيسية لمهرجان الموسيقى الروحية والصوفية بالقيروان على عديد الأنشطة الفنية المتنوعة من موسيقى وفكر وفن الألوان، حيث تفتتح هذه الدورة ليلة 10 أوت القادم بمعرض تشكيلي في حدود العاشرة ليلا ثم مجموعة من العروض المندرجة في خانة التبادل الثقافي مع كل من ليبيا وأندونيسيا. هذا المهرجان، الذي يتواصل لغاية 15 من أوت، يخصص ليلته الثانية بفضاء "سيدي بن خود" للمحاضرات الفكرية من خلال مداخلات تعنى بالفن الصوفي منها محاضرة للدكتور محمد الغزي حول "جماليات التصوف" ومداخلة "الشعر والتصوف" للمغربي خالد بلقاسم، إلى جانب محاضرة الدكتور يحي عمر من العراق في خصوص مسألة "الفنون التشكيلية وعلاقتها بالتصوف" ومداخلة محمود قطاط حول "الموسيقى عند المتصوفة" و"الانتفاع الصوفي في الشعر التونسي الحديث" للدكتور المنصف الوهايبي فيما تختم السهرة بقراءات شعرية من ديوان المتصوفة القدامى بصوت حسين القهواجي وأنغام فرقة "حلب" وذلك بمقام الصحابي على الساعة الحادية عشرة ليلا. ويشارك الفنان مقداد السهيلي في عروض الدورة الأولى من مهرجان الموسيقى الروحية والصوفية بالقيروان ليلة 12 أوت وذلك ببطحاء "زروق" (الجرابة) وتختتم في اليوم نفسه الندوة الفكرية المخصصة للموسيقى الصوفية "ذاكرة القيروان في الإنشاد الصوفي عبد المجيد بن سعد نموذجا" وذلك بحضور كل من الدكتور مراد سيالة وفتحي زغندة وصلاح بن سعد ومحمد البراق أمّا الفنانين محمود فريح وحاتم الفرشيشي فيؤمنان عرضا للموسيقى الروحية من انتاج مهرجان عاصمة الأغالبة ليلة 13 أوت والتي تحتضن كذلك في مقام "سيدي بن خود" أمسية شعرية للعراقي عبد الرزاق عبد الواحد. من جهته، يقترح منير الطرودي سهرة موسيقية على أهالي القيروان وضيوفها ليلة 14 أوت ببطحاء "زروق" (الجرابة) ويختتم المهرجان مع الفنان لطفي بوشناق وفرقة "محراب" من إيران (من عروض التبادل الثقافي) ليلة 15 أوت بمسرح الهواء الطلق بالمركب الثقافي بالجهة انطلاقا من العاشرة ليلا. تجدر الإشارة إلى أن مدينة القيروان هي محطة مهمة في تاريخ المتصوفين حيث كانت قبلة لهؤلاء الروحانيين منذ بروز الفكر الإسلامي الصوفي وإلى اليوم تستقبل عاصمة الأغالبة في شهر رمضان الفضيل والمولد النبوي الشريف مئات التونسيين والمسلمين من أنحاء العالم للاستمتاع بأجوائها الروحية المتفردة.