مع حلول شهر رمضان شهدت أسعار اللحوم بكل أنواعها قفزة هامة حيث تراوحت أسعار لحوم الضأن بين 19 و20 دينارا، بينما حلقت أسعار لحوم البقري في حدود 16 و17 دينارا. كما حذت أسعار لحوم الدواجن هي الأخرى حذو أسعار اللحوم الحمراء وباتت بالنسبة للدجاج في حدود 5 دينارات وبلغت شرائح لحوم الديك الرومي زهاء 10 دينارات. هذا الارتفاع في أسعار اللحوم جاء نتيجة فزاعة أطلقها الجزارون والفلاحون معا ادعوا فيها أن تكاليف الكلغ من اللحوم باتت مرتفعة ودعت إلى هذا الترفيع في أسعارها، كما عمد بعضهم إلى مقاطعة عرض اللحوم في محاولة للوقوف ضد بلاغ الحكومة في جعل سقف بيع اللحوم لا يتجاوز 14 دينارا و500 مليم للكلغ من لحوم الضأن، إلى جانب تسعيرات أخرى معقولة لبقية أنواع اللحوم. وفعلا نجح هؤلاء في فرض التسعيرة التي تناسبهم، ووضعوا الجميع أمام الأمر الواقع، غير مبالين بأن الأسعار التي يعتمدونها لا تتناسب والقدرة الشرائية للمواطن ولا تحتمل حتى بالنسبة للميسورين من المواطنين. هذا الواقع الذي فرضه الجزارون لم تفلح الحكومة وتحديدا وزارة التجارة وهياكل المراقبة التابعة لها في مقاومته، ولم تحرك جمعية الدفاع عن المستهلك ساكنا أمامه، ولم نسمع عن أية منظمة اجتماعية أبدت ولو رأيا حول ما يجري. فلماذا سكت الجميع وتحمل المواطن تبعات هذا الواقع؟ هل أن لوبي الجزارين أقوى من الجميع، وأن قرارته لا رجعة فيها؟ نعتقد أن الأسعار التي فرضها أهل المهنة تعكس في الحقيقة أن وزارة التجارة عاجزة عن مقاومة هذا اللوبي، وأن الحل يكمن في أن يتولى المواطن نفسه التصدى لهذه الشراهة التي عليها الجزارون ومن يدور في فلكهم وذلك باعتماد أسلوب المقاطعة الذي يمثل السلاح الوحيد في وجه كل من تحدثه نفسه فرض الأمر الواقع على المواطنين. وهذا الدرس يمكن تلقينه اليوم للجزارين وغدا لكل من تحدثه نفسه بالتطاول على المواطن وعلى القدرة الشرائية لعامة الناس، خاصة أن إطلاق العنان للترفيع في الأسعار ستكون له تبعات سلبية حتى على الواقع الاقتصادي للبلاد.