الموتور هو ذاك الشخص الذي يكون «غريزيا» في حالة استنفار قصوى ومستعدا لأن يدخل معك ولأتفه الأسباب في عراك لفظي أو جسدي عنيف... وهو أيضا ذاك الشخص الذي لا تنفع معه عمليات التهدئة لأنه إذا ما «ثار» ودخل في حالة هيجان هستيري يصبح كالثور الهائج... عندها عليك إما أن تنسحب وتترك له المكان واسعا وعريضا أو أن تجتمع مع آخرين على «السيطرة» عليه وحمله والإلقاء به خارج المكان و»الزمان».. واقع الحريات الذي نحياه في تونس منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 أبان لنا عن «كمية» كبيرة من الأشخاص الموتورين بعضهم نواب في المجلس الوطني التأسيسي... والبعض الآخر سياسيون من روّاد برامج الحوار على القنوات التلفزية... وصنف ثالث من روّاد المساجد أجل من رواد المساجد أما القاسم المشترك بين هذه الأصناف الثلاثة من الأشخاص الموتورين فهو أساسا عامل حب الظهور من جهة ورذيلة التعصب الأعمى للرأي والفكرة من جهة أخرى الغريب أن بعض هؤلاء الموتورين تجده لا تتغير حاله بتغير المناسبة... فهو دائما ذلك العدواني المتوتر والمتحفز ل»القتال» اما ببذيء القول أو بالتهديد باستعمال العنف... إنه عنيف دائما... في الجد والهزل... عنيف تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي وعنيف في «بلاتوهات» برامج الحوار التلفزيوني... بل وعنيف حتى في برامج التسلية مثل «الكاميرا» الخفية و»سياسي في الفخ» وغيرها.. المؤلم هنا أن هذا الرهط من الأشخاص الموتورين الذين ظللنا والحق يقال على امتداد حقبة حكم المجرم بن علي مرتاحين من وجوههم.. فلا نراهم لا في التلفزة ولا في غيرها من وسائل الإعلام والذين دفعت بهم الثورة إلى «صدارة» المشهد السياسي والإعلامي وأعادت لهم حقهم نعم حقهم في الحضور والتعبير تجدهم لا يعيرون وزنا لهذه النعمة الكبرى... فهم غالبا متأففون ومتطيرون من مسار الإصلاح والديمقراطية ولهم عليه «مآخذ» بل ويعتبرون أن «الوضع» أسوأ مما كان عليه في عهد المجرم بن علي.. تصوروا مثلا شخصا نكرة لم يكن إطلاقا لا في العير ولا في النفير.. يجد نفسه فجأة نائبا في المجلس الوطني التأسيسي مثلا أو زعيما لحزب سياسي معترف به !! حقيقة،،، كان الله في عون الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي وفي عون وزير الداخلية وأي وزير آخر يجد نفسه مضطرا بحكم الخيار الديمقراطي لمحاورة واحد من هؤلاء الموتورين... بل قل كان الله في عوننا نحن أيضا مشاهدي نشرات الأخبار والبرامج الحوارية التلفزية وحصص «الكاميرا كاشي» وغيرها التي أصبح لا يغيب عنها هؤلاء إلا لماما.