بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون تجريم الاعتداء على المقدسات: لتكبيل حرية التعبير.. أم للدفاع عن «المقدس» والحفاظ على السلم الاهلية؟
أثار جدلا داخل الأوساط السياسية والحقوقية
نشر في الصباح يوم 10 - 08 - 2012

سياسيون.. حقوقيون.. وقيادات حزبية بين رافض ومدافع عنه
أثار مشروع قانون يتعلق بتجريم الاعتداء على المقدسات تقدمت به كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية والفكرية والحقوقية
ومكونات المجتمع المدني نظرا إلى ارتباطه بحرية التعبير.
ويقوم المشروع على مبدإ "تجريم المسّ بالمقدسات" وعقاب ذلك بالسجن لمدة سنتين أو غرامة مالية بألفي دينار وتصل العقوبة إلى 4 سنوات سجنا في صورة العود. ويعتبر هذا المشروع مقدسات: الله [سبحانه وتعالى] والرّسل والكتب وسنة الرّسول [صلى الله عليه وسلم] والكعبة الشريفة والمساجد والكنائس، والبيع."
ويتمثل المسّ من المقدسات بحسب المشروع: الاعتداء على المقدّسات: السّب الشتم أوالسخرية أوالاستهزاء أوالاستنقاص أوالتدنيس المادي والمعنوي ويمكن إن يحصل الاعتداء بالكلمة أوالصورة أوالفعل. كما يجرّم القانون أي تصوير للذات الإلهية والرسل، إلى جانب تصوير أو تشخيص الذات الإلاهية والرسل أيضا.
وينص مشروع القانون على أنه "يعاقب بالسجن مدة سنتين مع خطية مالية بألفي دينار كل من يمس بالمقدسات ويضاعف العقاب في صورة ارتكاب الفعلة مرة ثانية".
وينتظر أن تنظر لجنة مختصة في المجلس الوطني التأسيسي التونسي في هذا المشروع قبل عرضه على الجلسة العامة لمناقشته والتصديق عليه.
ويرى مراقبون أن مشروع هذا القانون سيثير المزيد من الجدل في البلاد بحكم ارتباطه بحرية الرأي. وتخشى أوساط سياسية أن يكون مشروع القانون مقدمة لتكبيل حرية الرأي والتعبير في البلاد تحت مسميات دينية، خاصة أن حركة النهضة كانت قد اعتبرت في بيانها أن "حرية التعبير وحرية الإبداع الفني وإن كانتا من الحريات التى تقرها، فإنهما ليستا مطلقتين من كل الضوابط ويجب على من يمارسهما أن يستحضر عقيدة وأخلاق الشعب التونسي الذي يدين بالاسلام".
علما أن منظمات دولية مثل العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش حذرتا من خطورة مثل هذا المشورع ودعتا حركة النهضة إلى سحبه نظرا لتهديده للحريات العامة والفردية.
"الصباح" طرحت المسألة من عدة زوايا، ونقلت آراء ومواقف سياسيين ورجال قانون وحقوقيين ومختصين في الدراسات الاسلامية، في هذا الملف. فماهي مخاطر ادراج قوانين تستند على مصطلحات واسعة التأويل والفهم من قبيل "المقدس"، على الحريات الفردية والعامة، وهل يحتمل الدستور تضمينه لتجريم الاعتداء على المقدس اوالأخلاق الحميدة..؟

أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري: «القوانين يجب أن تتوافق مع المواثيق الدولية وفقه القضاء الدستوري»

بيّن أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري في تصريح ل"الصباح" أن"مصطلح "المقدّس" أو "الأخلاق الحميدة" مجالها القانون وليس الدستور.. فالدستور مهمته ضمان الحرية وليس تقييدها.. وخلق الدستور جاء ليضمن الحرية وليس ليحد منها.." وأضاف: "الدستور يتطلب فكرة منسجمة لا تقبل التناقض والجمع في الدستور بين حرية المعتقد وحرية التعبير والرأي والاعلام وعدم المساس بالمقدسات غير منطقي، فماذا نعني بالمقدس؟ فقد يراه البعض المساس بالاله والرسول في حين يراه آخرون أنه يمكن أن يشمل اللباس وقد يمتد عند البعض الآخر الى نقد الحكومة في اطار تقديس الحكومات.."
واعتبر محفوظ أن"المقدس" و"الأخلاق الحميدة"، مفاهيم خطيرة على الحريات وادراجها في اطار نص الدستور ينم على فهم خاطئ للدستور من قبل أعضاء المجلس التأسيسي.. وقال: " أخشى أن يكون مشروع الدستور المرتقب متخلفا لا فقط بالنسبة لدستور 1959 ولكن بالنسبة لدستور1861 ويعودون بنا الى ما قبل القرن ال19."
واستشهد في السياق بقولة لفيلسوف "بنجمين كونستون":" لا حرية دون دستور ولا دستور دون حرية".
الخصوصية التونسية.. والقاعدة القانونية
وبالنسبة للقوانين أفاد أمين محفوظ أن الحدود التي يمكن أن تنص عليها القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية عليها أن تتوافق مع المواثيق الدولية وفقه القضاء الدستوري الدولي ينص على أن تكون حدوده ضرورية في مجتمع ديمقراطي، اذن فالحدود تحددها المحكمة الدستورية..
وأشار محدثنا في السياق إلى أن اعتماد المشرع (المجلس التأسيسي) اليوم على ما يسمى بالخصوصية التونسية في صياغة القوانين غير مقبول ويدرج ضمن خطاب الأنظمة التسلطية فالحرية مفهوم كوني لا يقبل التخصيص..
ورأى أن "الحديث عن موافقة اليونسكو على الأخذ بعين الاعتبار للخصوصية التونسية في صياغة الدستور هي في الأصل كلمة حق أريد بها باطل.."
واعتبر محفوظ أن "ورود هذه المصطلحات في الدستور المنتظر وبعيدا عن الأسماء والأشخاص والأحزاب لا يمكن وصف العمل الا ضمن أعمال الثورة المضادة."

عبد الفتاح مورو: الحريات مقيدة بما يتوفر في المجتمع من ثوابت حتى وإن لم تكن مدونة»

نفى الأستاذ عبد الفتاح مورو المحامي ورجل السياسة وجود "حرية مطلقة لا في بلادنا ولا في بلاد الغرب.." وقال إن "الحريات مقيدة بما يتوفر في المجتمع من ثوابت حتى وان لم تكن مدونة فكل مجتمع له قناعاته يحميها بالاتفاق الضمني لذلك فمن وجهة نظر اجتماعية حماية المقدسات والأخلاق الحميدة نوعا من تعزيز الحرية".
واعتبر أن ادراج مصطلح "المقدس" أو "الأخلاق الحميدة" في نص قانوني وعدم التنصيص عليه بشكل تفصيلي ايجابي لأنه ترك للسلطة حرية الفهم والتكليف.
أما بالنسبة للدستور فبين مورو أنه " لا يرى أن المقدس عليه ان يقحم في الدستور، فوثيقة الدستور مجال لتقرير الحريات العامة وليس لفصل في قضية فرعية ينظمها القانون العادي القانون الجنائي."
وأضاف أن التجني على رأي الغير في هذه الفترة واقحام مواضيع ليست محل وفاق واجماع في نقاش له أن يتحول الى مجال للتفريق قد يؤجج النقاش بين الطرفين ويثير تحفظات وحساسيات ما كان لها ان تقع.
وقال:" لا يليق بمجتمع يريد التأسيس لمرحلة انتقالية الدخول في نزاعات في الوقت الذي تعيش فراغ دستوري ولم يتم تحديد الأسس والأصول ولذلك فمن أولويات المرحلة وضع مضلة دستورية للمبادئ المتفق عليها مبدئيا تكون محل تطوير وتغيير فيما بعد وكل النصوص تحتمل الزيادة والنقصان..

الجمعية التونسية للدّفاع عن الحرية الفردية: انشغال وتخوف

عبرت الجمعية التونسية للدّفاع عن الحرية الفردية "عن بالغ انشغالها وتخوفّها الشديد من تأثير مشروع قانون يتعلّق بتنقيح المجلة الجزائية تقدمت به كتلة حركة النهضة وذلك بإضافة فصل إلى هذه المجلة غايته تجريم المساس بالمقدّسات،على الحقوق والحريات."
ونبهت الجمعية في بيان لها إلى خطورة المشروع على الحقوق والحرّيات، من خلال إدراج فصل كامل صلب المجلة الجزائية يتعلّق بتجريم الاعتداء على المقدّسات يمثل خطورة كبيرة على الحقوق والحريات وخاصة كل ما يتعلّق بحرية المعتقد من ناحية والتعبير والنشر والإبداع من ناحية أخرى.
وتتمثل هذه الخطورة حسب الجمعية، في المفاهيم الفضفاضة التي يحتويها المشروع: مثل مفهوم "المقدس" الذي يعتبر مفهوما فضفاضا متغيّرا متطوّرا بحسب الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية ، حيث يتم التوسع في معنى المقدّسات بالعادات والتقاليد فمن خاصية الدّيانات أن تقدس ذوات معنوية (الذات الإلهية مثلا) أو فردية (الرّسل، الحواريين، الصحابة..) أو أماكن (دور العبادة) وأزمنة (رمضان، مناسبات، أعياد...) وطقوس (الطهارة، التضحية، الصلوات، الحج ...) إضافة إلى قيم وتصرفات (من أقوال وأكل وشرب ولباس...) ويطرح السؤال إلى أي مدى يمكن التوسع في مفهوم المقدس وهل سيحدّد المشروع حصريا الأفعال المجرّمة بموجب الاعتداء على المقدسات؟
وفي مستوى آخر أكدت الجمعية أن "المقدس بحسب المشروع المقدم هو المقدس الدّيني، بينما يمكن للمقدسات أن تكون مدنية أيضا: علم الجمهورية وشعارها، الأعياد الوطنية ورمزها (الثورة, الشهداء...)".
وقالت:" وفي كل الحالات فإن فكرة المقدس الذي لا يمكن المساس به هو خطر يتربص بمقدس آخر وهو "الحرية" وخاصة حرية التعبير، والمعتقد والنشر والإعلام والإبداع فكلّما توسعت دائرة المقدسات كلّما ضاقت دائرة الحريات، فالخوف من العقاب (السجن والخطية) لن يكون له إلا الأثر السلبي على هذه الحرّيات."
ولاحظت الجمعية أن القانون التونسي الحالي "المجلة الجزائية" وبما يتضمنه من فصول وخاصة الفصلين 121 و226 وبالرغم من عدم تنصيصها على فكرة "المقدس " إلا أنها وبتضمنها عبارات من نوع "الاعتداء على النظام العام والأخلاق الحميدة تم تطويعها وفي مناسبات عديدة لاستغلالها في تجريم المسّ بالمقدسات الدينية ( قضية القناة التلفزية نسمة، قضية المهديّة، والقضية الجارية الآن فيما يتعلق بجامع الفتح...).. مشيرة إلى أن " كل هذه الأمثلة لم تكن كافية في نظر مقدمي المشروع إلى المجلس التأسيسي لتحمي المقدّسات فكان من أولوياتهم " إعداد نص يجرم صراحة المس بالمقدس وهو ما سيطرح لاحقا علاقة هذا النص في صورة قبوله بمختلف النصوص القانونية الأخرى."
وحذرت الجمعية أنه "في صورة تمرير مشروع القانون في علاقته بالدّستور القادم وفي صورة بقاء الفصول المتعلقة بحرية التعبير والإبداع والنشر وحرية المعتقد يكون هذا النص الجزائي تطبيقا لنص الدّستور ويكون الدّستور أوّل المنتهكين للحريات والحقوق."
وفي علاقة المشروع بالنصوص القانونية وخاصة مجلة الصحافة الجديدة والقانون المنظم للقطاعات السمعية والبصرية، سيطرح لاحقا مشكل النص الذي سنيطبق على قانون الصحافة (والذي لا يتعرض لمسألة المقدسات) أم المجلة الجزائية؟ ويمكن عندها تطبيق مجلة الصحافة إذا كان العمل أو الرأي مندرجا في الأعمال التي تغطيها مجلة الصحافة وتطبق المجلة الجزائية فيما سوى ذلك. وفي ذلك تفاضل بين المواطنين لا مبّرر له!
أما في علاقة "المقدس" بالحريات في المجتمعات الدّيمقراطية، بينت الجمعية أن "مسألة المقدس نجدها دائما مرتبطة بالمجتمعات والأنظمة السياسية الاستبدادية فما من دولة توسعت في مسألة حماية المقدسات إلا واستغلت ذلك للحدّ من الحقوق والحريات ولقمع الرأي والتعبير عنه، ولذلك كان توجه منظومة حقوق الإنسان فيما يتعلق بحماية المقدسات ينبني على اعتبار أن "حماية المعتقد وممارسة الشعائر حقوق انسانية أساسية, وأن حرية التعبير والإعلام والنشر والإبداع والإنتاج الثقافي والعلمي هي أيضا من الحريات الأساسية والتي لا يمكن الحد منها إلا استثناء وبشرط وإجراءات عديدة. ولا يجب اعتماد مفاهيم " كحماية المقدسات" أو "التشهير بالدّين" أو "الكفر" لفرض قيود على الحريات الأساسية للإنسان ومنها الحق في التعبير". ولا يمكن الحدّ من هذه الحرية إلا إذا تضمن " التعبير " الدّعوة إلى الكراهية الدّينية والتي تحتوي تحريضا على التمييز والعداء والعنف ، وفيما عدى ذلك يبقى التعبير حرّا ولا يحد منه استنادا إلى حماية المقدسات (لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة 2011).
وهو ما أدى إلى أن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد وافق في القرار رقم 16/18/ مارس 2011 على إلغاء مفهوم التشهير بالدّين كأحد القيود التي يمكن فرضها على حرية التعبير.
وقالت الجمعية أن المجتمع التونسي الذي يطمح بعد 14 جانفي 2011 إلى الحرية في أبرز مظاهرها ليس بحاجة إلى قوانين جديدة لتقييد حرياته بل كان الأجدر العمل على إلغاء القوانين التونسية التي لازالت سارية والتي تحد من الحريات وكان من الأجدر تفعيل النصوص الضامنة لهذه الحريات (خاصة المرسومين 115 و116 المتعلقين بحرية الصحافة والقطاع السمعي البصري)

الناصر العويني: «كلمة مقدس مصطلح متحول ومتغير وغير ثابت لا يمكن وضعه في قانون وضعي"

بين المحامي والنشاط السياسي عبد الناصر العويني أن "كلمة مقدس مصطلح متحول ومتغير وغير ثابت لا يمكن وضعه في قانون وضعي خاصة أن أهل المقدس في حد ذاتهم لا يشتركون في تحديده، فالوهابيون مثلا يطالبون بإزالة القبور فهل ذلك يندرج في اطار المقدس أو غير المقدس؟ مسألة لا يمكن تقنينها.."
وأضاف : "تقوم القاعدة القانونية على ثلاثة مبادئ أساسية فيشترط أن تكون مجردة أي غير مجسدة وعامة غير مرتبطة بشخص أو فئة بعينها وأخيرا ملزمة.. واذا قامت السلطة التشريعية بإدخال مصطلحات ليست محل اتفاق فهي بذلك تضرب القاعدة القانونية."

عبد الحميد الجلاصي: «تجريم المس بالمقدسات لتجنيب البلاد هزات التقاتل»

اعتبر عبد الحميد الجلاصي القيادي في حركة النهضة ان تصاعد بعض الجحود للاستفزاز وإثارة المشاعر الدينية والاعتداء على المقدسات بما من شأنه ان يهدد التعايش بين التونسيين ومن ثمة السلم الأهلي دفع الحركة الى تقديم مشروع قانون لتجريم المسّ من المقدسات.
ورأى الجلاصي في تصريح ل"الصباح" انّ "في كلّ مجتمع من المجتمعات هناك ثوابت وطنية يمنع المساس بها، كما نجد في فرنسا مسائل يجرّم المساس بها أو إثارتها او الاعتداء عليها مثل إنكار محرقة اليهود."
وأشار الى ان مؤتمر حركة النهضة التاسع نظر في هذا الموضوع ووازن بين حرية التعبير والإبداع المكفولين بتوافق بين مختلف مكونات الطيف السياسي وبين التعدّي والاستفزاز والإثارة ومن هذا المنطلق أشار مؤتمر الحركة الى ضرورة ضمان حرية التعبير والإبداع بما لا ينال من قيم التعايش.
وأفاد القيادي في حركة النهضة أن التوازن الذي يجب بلوغه في هذه المسالة هو بين تشجيع الإبداع والفنون والجمال وبين تجنّب بلادنا هزات الاحتراب والتقاتل.
واستبعد الجلاصي ان يخلق هذا القانون شكلا جديدا من أشكال الرقابة لانّه حسب رايه "عهد الاستبداد والتسّلط انتهى".
مضيفا قوله: "وخير دليل على ذلك احتضان المهرجانات هذه الصائفة لمختلف ألوان الفنون والأطباق الثقافية لكن هناك قضايا يتوافق عليها المجتمع وليس حركة النهضة فقط وهي من الثوابت ويجرّم الاعتداء عليها بصيغ دقيقة.
وأورد قائلا " ان فرنسا من الدول الممضية على المواثيق الدولية والقوانين الدولية لحقوق الإنسان بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولكن تجرّم المساس بالمقدسات فمثلا تمت معاقبة مفكر فرنسي لقيامه ببحث اكاديمي أنكر فيه المحرقة التي تعرض لها اليهود لأنها رأت في ذلك إثارة لبعض القضايا ولو بمنهج البحث العلمي الأكاديمي.

العجمي الوريمي: "لا نيّة للتضييق على الحريات" نفى العجمي الوريمي القيادي في حركة النهضة وجود نية التضييق على الحريات مؤكدا انه مع حرية التعبير لكن دون المسّ من المقدسات.

وأضاف "ان الدستور وثيقة إضافية لمدونة الإنسان العالمية وبذلك فإن كلا من القوانين التي سيتضمنها الدستور الجديد لن يقيد الحريات الفردية والمكاسب التي حققتها الثورة للتونسيين".

محمود البارودي: «تجريم التكفير قبل تجريم المس بالمقدسات»

دعا محمود البارودي عضو المجلس الوطني التأسيسي عن الكتلة الديمقراطية الى ضرورة تجريم التكفير قبل المرور الى تجريم المقدسات.
وأشار الى ان ما جاء في مشروع القانون المقترح من قبل كتلة حركة النهضة بشأن تجريم المساس بالمقدسات دون تعريف هذه المقدسات وضبطها للعمود يهدد الحريات والمكاسب التي حققها الشعب التونسي وعلى هذا الأساس ندعو الى فتح حوار وطني حول هذا الموضوع لانّ أية مسالة دستورية يجب ان تخضع لضوابط ومعايير قانونية دقيقة وواضحة.
سلمى بكار: "مشروع ينقصه تحديد قائمة بالمقدسات"
رأت سلمى بكار عضو المجلس الوطني التأسيسي ان المشروع الذي تقدمت به كتلة حركة النهضة بشان تجريم المساس بالمقدسات، جاء بعد الاحداث التي جدّت بفضاء العبدلية. لكنها لاحظت أن المشروع ينقصه ضبط قائمة واضحة ودقيقة بشان المقدسات، وهو ما قد يخلق شكلا جديدا من اشكال الرقابة وتكميم الأفواه والحدّ من الحريات. على حد تعبيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.