هو أبو أسامة، أو أبو عبد الله، زيد بن أسلم، العدوي المدني الفقيه المفسر، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان من كبار التابعين الذين عرفوا بالقول في التفسير والثقة فيما يروونه، قال فيه الامام أحمد، وأبوزرعة، وأبو حاتم، والنسائي، ثقة، ويكفينا شهادة هؤلاء الاربعة الاعلام دليلا قويا على ثقته وعدالته، كما انه عند اصحاب الكتب الستة. و لقد كان زيد بن أسلم معروفا بين معاصريه بغزارة العلم، فكان منهم من يجلس اليه، ويأخذ عنه، ويرى انه ينفعه اكثر من غيره، يدلنا على هذا ما رواه البخاري في تاريخه ان علي بن الحسين كان يجلس الى زيد بن اسلم ويتخطى مجلس قومه، فقال له نافع بن جبير بن مطعم: تتخطى مجالس قومك الى عبد عمر بن الخطاب؟ فقال علي: انما يجلس الرجل الى من ينفعه في دينه. و قد عرف زيد بانه كان يفسر القرآن برأيه، ولا يتحرج من ذلك، فقد روى حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر انه قال فيه: لا أعلم به بأسا، الا انه يفسر برأيه القرآن ويكثر منه، وهذه شهادة من عبيد الله بن عمر ان زيدا ثقة لا يؤخذ عليه شيء الا انه كان يكثر من القول بالرأي، وهذا لا يعد مغمزا من عبيد الله في ثقته وعدالته، كما لا نستطيع ان نعد هذا طعنا منه في علمه، فلعل عبيد الله كان ممن يتورعون عن القول في القرآن برأيهم كغيره من الصحابة والتابعين، وكان زيد يرى جواز تفسير القرآن بالرأي فلا يتحرج منه، كما لم يتحرج من ذلك كثير من الصحابة والتابعين، ولا نجد في العلماء من نسب زيد بن أسلم الى مذهب من المذاهب المبتدعة حتى نقول انه كان يفسر القرآن برأيه مطابقا لمذهبه البدعي، ولو كان شيء من ذلك لما سكت عبيد الله عن بيانه، ولما حكم عليه حكمه هذا، الذي يدل على ثقته وعدالته، وان دل على اختلافها في جواز التفسير بالرأي. واشهر من اخذ التفسير عن زيد بن اسلم من علماء المدينة: ابنه عبد الرحمان بن زيد، ومالك بن أنس امام دار الهجرة.وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة من الهجرة وقيل غير ذلك (انظر تهذيب التهذيب). و سنتكلم في الحلقة القادمة عن مدرسة التفسير بالعراق.