يحيي الشعبان الشقيقان التونسي والجزائري غدا الذكرى الخمسين لأحداث ساقية سيدي يوسف والتي امتزجت فيها دماء شهداء البلدين أيام الكفاح التحريري الجزائري من أجل الاستقلال واسترداد الكرامة.. وتظل هذه الذكرى راسخة في أذهان الأجيال المتعاقبة كرمز ثابت للمصير المشترك والآمال الواحدة ودافع قوي لمزيد توطيد عرى التعاون بين البلدين الشقيقين وإرادة متجددة لبناء صرح المغرب العربي الكبير... ويقترن إحياء هذه الذكرى المجيدة هذه السنة بحدث سياسي بارز يتمثل في زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتونس لدعم جسور الأخوة ومزيد تفعيل الشراكة الثنائية وإثرائها، في مختلف الميادين. لقد أكّد الرئيس زين العابدين بن علي في أكثر من مناسبة على المكانة التي يحتلها الشعب الجزائري الشقيق في قلوب التونسيين وأهمية التشاور المستمر واللقاءات الثنائية لدفع مسيرة التعاون وتعزيز هذه الروابط الأخوية الوثيقة. وكانت للمشاريع والبرامج التنموية المكثفة خصوصا في المناطق الحدودية الصدى العميق لدى أبناء البلدين كتكريس لهذا التوجه الرئاسي على أرض الواقع وكتجسيد لهذا الترابط المتين بين الأشقاء وكرافد للعمل المغاربي المشترك الذي يشكل الطريق الممهد لبناء صرح المغرب العربي الكبير. لقد تجلت مكانة العلاقات الأخوية التونسية الجزائرية على مدى سنوات في سلسلة اجتماعات اللجنة الكبرى المشتركة وما أفضت إليه من إبرام عقود واتفاقيات شملت عديد القطاعات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والعلمية. كما أعطت اجتماعات رجال أعمال البلدين زخما هاما لهذا التوجه من أجل كسب معركة التنمية وبناء أسس ثابتة للشراكة الثنائية في ظل تحديات اقليمية ودولية جسيمة فرضتها مرحلة التكتلات والتجمعات الاقتصادية ورهانات العولمة وما يترتب عنها من انعكاسات عديدة على المنطقة... وفي هذا السياق فإنّ الآفاق الرحبة التي عبّدت طريقها القناعات الراسخة لدى قيادتي البلدين بوحدة المصير والامال والطموحات المشتركة مازالت في انتظار الكثير من الجهد والمبادرة من المسؤولين ورجال أعمال البلدين للمضي قدما في استغلالها وحسن توظيفها لمصلحة الشعبين الشقيقين... وفي هذا الشأن تتأكد الحاجة إلى مزيد تطوير النقل البحري لدفع عجلة المبادلات التجارية... والزيادة في نسق إحداث المشاريع الإنمائية المشتركة بالترفيع في حجم الاستثمارات المخصصة لذلك وتعزيز البوادر الايجابية للسياحة المغاربية بتجاوز بعض الهنّات المرافقة لها وإثراء الاتفاقيات الخاصة بالطاقة والمحروقات للتقليص من انعكاسات الأسعار الملتهبة للنفط وإحكام برامج التشغيل بين البلدين للتقليص من حدة البطالة أو الهجرة غير المنظمة... إنّ التعاون المثمر القائم حاليا بين البلدين في شتى المجالات سيعززه حتما لقاء الأخوة بين الرئيسين بن علي بوتفليقة اليوم كما أنّ إحياء ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف غدا سيظل خير شاهد على عزم الشعبين الشقيقين على بناء المستقبل المشترك الواعد..