هذه المنطقة التي زارتها «الصباح» مؤخرا يعيش متساكنوها أوضاعا مأساوية وصعبة على الأصعدة الاجتماعية والتنموية والمعيشية كما أنها شبه معزولة وتفتقر لأبسط مرافق العيش الكريم وقد عانت من الظلم والتهميش ومظاهر البطالة الشيء الكثير في عهد المخلوع وحاشيته الفاسدة. منطقة الأبقع مازالت تعاني تأخرا كبيرا في المجال التنموي فهي لم تستفد من حقها في المشاريع التنموية إضافة إلى الحالة الكارثية للبنية التحتية واستفحال ظاهرة البطالة وغيرها من المعاناة والنقائص التى أثقلت كاهل السكان وجعلتهم يلعنون اليوم الذي نصب فيه المخلوع رئيسا للبلاد. ونحن نقوم بعملنا بهذه المنطقة شعرنا من أول وهلة بمعاناة سكانها فالمنطقة معزولة ومهمشة والنقص بائن في المرافق الأساسية والخدمات وكان واضحا وضوح الشمس في كبد النهار. منطقة "الأبقع" تناساها نظام المخلوع بما في ذلك سلطته المحلية والجهوية والتجمعية التى خيرت عدم الالتفات إلى هذه المنطقة وغضت الطرف عن انتشال متساكنيها من البطالة والضياع والذين أكدوا أنه رغم مطالبتهم فالسلط المحلية والجهوية في عهد النظام البائد لم يلتفتوا لفتة جادة لهم ولمنطقتهم إلا أن مصاصي فلوس الشعب اكتفوا كالعادة بتوزيع الوعود الزائفة التى زادت في تعميق جراحهم. ان ما ورد على ألسنة البعض من متساكني هذه المنطقة الجبلية الساحرة يؤكد عيشهم التهميش والظلم لعقود طويلة. في هذه المنطقة عشّشت زمرة الفساد وتغلغلت في كل شبر من التراب لتمصّ دماء المتساكنين وتنهب رزقهم ولم يسلم منهم أحد. في هذه المنطقة التقينا الخالة شريفة البالغة 71 سنة من العمر وهي أرملة توفي زوجها وترك في كفالتها عدة أبناء لتصبح هي الوحيدة المسؤولة عنهم ولتوفر لهم أبسط الضروريات والى جانب ذلك فهي تعاني من مرض مزمن يتطلب العلاج المستمر وحتي منحة العجز التي تتحصل عليها وقدرها 70 دينارا شهريا فهي غير كافية لشراء الدواء لها ولابنتها المعوقة؟ وما زاد في عذاب الخالة شريفة وعمق جراحها أن محل سكناها قد تسبب لها في عدة أمراض لأنه يفتقر لأبسط المتطلبات. أين المساكن اللائقة؟ الخالة شريفة تقول إنها لا تطلب إلا مسكنا لائقا يؤويها هي وابنتها المعوقة وابنها العاطل عن العمل. ونحن نودعها وجدنا المسماة رشيدة والتي تقطن هي و أبناؤها وزوجها في كوخ تقول إنها تأكل وتطبخ وتنام فيه مرددة "ما عندي كان وجه ربي". الكوخ يفتقر إلى أبسط المتطلبات كالنوافذ، وحتى بيت الراحة فهو موجود في الخلاء وصحيا هو غير صالح للاستعمال وتبقى أمنيتها الوحيدة تمكينها من مسكن لائق تقضي فيه ما تبقي لها من عمر هي وأبناؤها. في هذه المنطقة وجدنا مواطنا الذي قال لنا بالحرف الواحد "نحن لسنا في حاجة الي كيلو مقرونة وفراشية مستعملة بل نحن نطلب من السلط المحلية والجهوية والحكومة تعبيد الطريق الذي يبلغ طوله حوالي 4 كلم و ازالة اشجارالفرنان التي أصبحت مصدر خطر على أرواحنا وتمكيننا من تحسين المسكن ومنحة العجز وبطاقة العلاج المجاني واتركونا في سبيل حالنا ونحن سنكد وسنعمل وسنجعل من هذه المنطقة جنة علي وجه الأرض". وفي خاتمة جولتنا نشير إلى أن هذه المنطقة الساحرة لم تسلم من الحرائق حيث اندلع فيها حريق هائل كاد يؤدي بحياة هؤلاء المساكين والمستضعفين فألسنة اللهب طالت بعض أشجار الفرنان وعدة أشجار مثمرة ومتنوعة أغلبها من أشجاز الزياتين والكروم والفراولة وقد تم بفضل تدخلات أبناء المنطقة والجيش والحماية المدنية وأعوان الغابات من السيطرة عليه ومن ألطاف الله لم تسجل خسائر في الإأرواح.