مقولات سياسية جديدة سبقت عودة الموسم السياسي الجديد في نسخة ستقوم حتما على مزيد العمل من اجل استقطاب اشمل للاحزاب بالاضافة إلى "المركاتو" السياسي الذي ميز هذه الصائفة بانتقال "لاعبين" من المجلس التاسيسي من احزابهم الاصلية إلى احزاب اخرى والسعي إلى تكوين كتلة نيابية جديدة به. واذ تبدو التحولات السياسية واقعا قائما على ثنائية الاستقطاب الذي تقوده حركة النهضة من جهة ونداء تونس من جهة اخرى فان احزابا خيرت البقاء خارج هاتين الرؤيتين وتعمل على ايجاد "خط ثالث". ولئن توضحت إلى حد الان الرؤية فيما يتعلق بقطبي الصراع ورفض عدد كبير من الاحزاب الالتحاق باحد الاقطاب المتصارعة فان احزاب من اليسار ترى في نفسها خيارا يمكن أن يعلق عليه الامل لايقاف نزيف التحاذب بين النهضة ونداء تونس وقد برز ذلك اساسا خلال التحركات الاخيرة بولاية سيدي بوزيد حيث رفع شعار تردد صداه في اماكن اخرى الا وهو"لا السبسي... لا الجبالي الثورة ثورة زوالي". ويظهر اليساريون تجدد الامل في العودة إلى الساحة من خلال التوغل داخل الاوساط الاجتماعية عبر النقابات الكبرى وهياكلها والاعتماد على تردي الأوضاع بالجهات الداخلية التي اسهمت بشكل واضح في كشف ضعف الأداء الحكومي وهو ماسعت المعارضة إلى استغلاله وانطلاق حملات انتخابية قبل الأوان. ورغم تمسك البعض من الدستوريين بعدم الالتحاق بنداء تونس وإصرارهم على تكوين جبهة دستورية الا ان ذلك قد يجعل في النهاية من نداء تونس بديلا ثالثا مختلفا عن مكونات المشهد الحزبي الذي صنعته الثورة والذي اختزل في الصراع بين اليساريين والاسلاميين. ورغم ما تقدم لا يمكن أن نغفل عن الإشارات المتكررة التي بعث بها رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي على انه يملك قاطرة خيار جديد بحيث لا يقبل بعودة التجمعيين ولا بهيمنة النهضاويين وهو تقريبا ملخص الرسالة التي قدمها المرزوقي في المؤتمر الأخير للحزب. وبين هذا الخيار وغيره يبقى السؤال القائم من هو المستفيد من حالة التشويش الحزبي هذا ؟