صرّح وزير التعليم العالي منصف بن سالم الجمعة الماضي خلال مداخلة على إذاعة «شمس آف آم» أنّه لم يعلن موافقته حول السّماح بالنّقاب داخل قاعات الدّرس. لكنّه سرعان ما استدرك قائلا: «من غير المعقول تعطيل الدّروس وإيقافها بسبب طالبتين منقّبتين في الجامعة، و لا بدّ من وجوب التثبّت من هويّة الطّالبة المنقّبة عند الضّرورة و هو ما لا يمكن التّراجع عنه أبدًا». و أمام تأكيده على عدم رغبته في تكرار ما حصل السنة الماضية بكلية الآداب بمنوبة، أشار بن سالم إلى المنقبات اللاتي يدرسن بالخليج وبكندا. و كان وزير التعليم العالي قد صرح سابقا خلال ندوة صحفية انعقدت صباح الخميس الماضي بأنّ الوزارة ستعمل جاهدة على التشاور مع مديري الجامعات على تفادي ما حصل السنة الفارطة. في هذا الإطار وأمام تذبذب آراء الوزير، اتصلت «الصباح الأسبوعي» بحسين بوجرة كاتب عام جامعة التعليم العالي الذي أكدّ وجوب التصريح بموقف رسمي من وزارة التعليم العالي حول مسألة النقاب لإزالة الغموض والتذبذب في الآراء. و أكدّ بوجرة أنّ القرار الرّسمي يعود إلى هياكل التسيير البيداغوجي والمتمثلة أساسا في المجالس العلمية ومجالس الجامعات وسلطة الإشراف. تصريحات لا تلزم الوزارة من جهته، قال عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة الحبيب القزدغلي: «ما لم يأتنا منشور رسمي من الوزارة، فتلك التصريحات لا تلزم الوزارة». وعن اقتراح وزير التعليم إمكانية السماح للمنقبات بمزاولة حقّهن في الدراسة مع ضرورة التثبت من هويتهن، قال القزدغلي: «هو يضرب المثل بدول الخليج ونسي أنّنا ندافع عن النموذج التونسي، فالنموذج الوهابي ليس أسوتنا وإلا سنقول على تونس السلام». في نفس الصدد، قال محمد صالح الخريجي عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ل»الصباح الأسبوعي»: «علينا أن نميّز بين حرية اللباس بصفة عامة و وضوح التعامل لفائدة التواصل البيداغوجي الذي يقتضي تواصل الوجوه، وهو ما يتنافى مع النقاب». وردا على وزير التعليم الذي أشار إلى دول الخليج، قال محدّثنا: «هو حرّ في اختيار المثال الذي يريد، ولكن أقول له إن أردنا اختيار مثال فعلينا اختيار الأفضل وليس المثال الأسوأ الذي يتضارب مع حقوق الإنسان، لماذا لم يشر السيد الوزير مثلا إلى الطالبات المنقبات في سويسرا، ولذلك أقول له إنّ مثالك مردود عليك». وعن نظرته كحقوقي في منع طالبة اختارت ارتداء النقاب ومزاولة حقها في التعليم، قال الخريجي: «إنّ اللوم يوجه إلى من فرض عليها النقاب بالقوة وإلى من قام بغسل دماغها وخلق قضية حرمانها من الدراسة». وأضاف عضو الرابطة، قائلا: « ما يجب أن يدركه التونسي هو أن موضوع النقاب نابع من نظرة شيطنة المرأة وتصويرها في صورة أمّ الخبائث وهذا يقتضي غسل دماغ كلّ من يفكّر بهذه الطريقة، فالأستاذ لا ينظر إلى الفتاة كجنس وإنما كطالبة علم والأستاذة لا تنظر إلى لحية الطالب وإنما تنظر إليه كدافع إلى تحقيق رقي تونس». عودة الأمن الجامعي!! تصريح وزير التعليم العالي حول الأمن الجامعي أثار بدوره ردود فعل متباينة حيث صرح الوزير بأنّه «لا مجال لعودة الأمن الجامعي ولكن وجب تشديد الحراسة أمام المؤسسات الجامعية»، وهو ما اعتبره البعض عودة للأمن الجامعي الذي عهدناه زمن بن علي بمظهر آخر. في هذا الصدد، قال كاتب عام جامعة التعليم العالي الحبيب بوجرة: «على إثر الاعتداءات المتكرّرة من قبل السلفيين التي شهدتها جامعة منوبة، دعونا إلى وجود حراسة أمنية خاضعة لرئيس الجامعة وليس لوزارة الداخلية». ونددّ باعتداءات العنف التي تعرضّ إليها بعض الطلبة والأساتذة من قبل السلفيين خلال السنة الماضية أمام مرأى أعوان الأمن الذين لم يحرّكوا ساكنا ولم يتدخلوا بتعلّة أنّهم لم يتلقوا أوامر في الغرض، قائلا: «لقد نسى أعوان الأمن أنّ القانون يفرض تدخلهم في صورة وجود عنف ولا يجب على العون انتظار أمر من طرف أحد وإلا على العون ووزيره تقديم استقالته».